Home » » صعود التيار الاسلامي في مصر بين أنظار العالم والعيون الداخلية

صعود التيار الاسلامي في مصر بين أنظار العالم والعيون الداخلية

رئيس التحرير : Unknown on الاثنين، 26 مارس 2012 | 9:36 ص

 

الأسبوع الماضي زار مصر وفد من مجلس الشيوخ الفرنسي برئاسة فيليب مارنييه عضو مجلس الشيوخ الفرنسي وعضوية كل من مدام إيفون كولان‏,‏ والسيد إيمري دي مونتسكيو‏,‏ والسيد رولان دي لور‏,‏ والسيد جان فانسان بلاسيه, والسيد ميشيل بروزون أعضاء مجلس لشيوخ إلي جانب كونهم كوادر سياسية في مواقع عديدة. وفي لقاء مصغر مع الإعلام ضم5 قيادات صحفية من صحف مصرية وفرنسية كشف أعضاء الوفد الفرنسي عن رؤيتهم الشاملة وتقييمهم لمصر بعد الثورة وفي ظل صعود التيار الإسلامي.

بداية أكد السيد فيليب مارنييه رئيس الوفد أن فرنسا حريصة علي شراكتها مع مصر, وأن زيارة الوفد تأتي متزامنة مع حدثين جلل أولهما وفاة البابا شنودة الثالث, والثاني مشاورات الحكومة المصرية مع بعثة صندوق النقد الدولي. وأضاف أنه يجب علينا تفهم الواقع المصري الجديد والخريطة السياسية الحالية لمصر, وعن إنطباعه الشخصي قال: أن جميع من قابلناهم في إطار البرلمان ـ ذو الأغلبية الإسلامية ـ يشعرون بالمسئولية, موضحا أن الوضع الإقتصادي الحالي يثير قلق المستثمر الأجنبي, وأن كل من قابلهم في الحكومة وحزب الحرية والعدالة والبرلمان يدركون صعوبة الوضع الإقتصادي. 

وقال أن الشعور الذي تولد لديهم أن مصر تنتظر الإستقرار السياسي ورؤية أوضح للإستقرار المالي. وأضاف رئيس الوفد الفرنسي أن كل الشخصيات التي تم اللقاء معها تدرك مسئولياتها والتحديات التي تفرضها المرحلة الإنتقالية الحالية. 

وأضاف الوفد أنه لمس من الشخصيات السياسية التي إلتقي بها علي مستوي حزب الحرية والعدالة والبرلمان الشعور بالمسئولية لإعادة إنتعاش الإقتصاد وإستعادة السياحة والإستثمار الأجنبي, وأن هناك إدراكا بأهمية الإستقرار السياسي كمقدمة للإستقرار الإقتصادي. وفي رده علي الأسئلة أشار رئيس الوفد الفرنسي أن مصر صديقة تاريخية لفرنسا, وأن العلاقات بين البلدين لا تقوم علي شخصيات أو إعتبارات إنتخابية, وأيا كان الرئيس الجديد المنتخب لمصر ستحرص فرنسا علي تفعيل التعاون مع مصر مدركة الخريطة السياسية الجديدة. 

وحول علاقة التعاون المستقبلية مع مصر أشار إلي أنه خلال لقاءه مع ممثلي حزب الحرية والعدالة عرضوا أفكارا إقتصادية مهمة منها ضرورة دعم القطاع الخاص, وزيادة التدفقات النقدية الواردة لمصر, وإدماج الإقتصاد غير الرسمي مع الإقتصاد الرسمي بما يساعد علي مكافحة البطالة وزيادة الموارد مشيرين إلي أن حجم الإقتصاد غير الرسمي يصل إلي40% من الدخل القومي, كما أشار ممثلوا حزب الحرية واعدالة إلي التراجع في مستوي الإحتياطي من النقد الأجنبي والذي يكفي حاليا واردات لا تزيد علي3 شهور, وإذا لم يتحرك الوضع ستكون هناك مشكلة, وأشاروا أيضا إلي أهمية التمويل الخارجي وربطه بعملية إعادة هيكلة مالية داخلية, أيضا تحدثوا عن السياسة الضريبية وضرورة السيطرة علي المصروفات العامة. وأكد رئيس الوفد الفرنسي أن حزب الحرية والعدالة يضم في عضويته كوادر إقتصادية وسياسية عالية المستوي ولديهم وجهات نظر ثاقبة, ويعرفون نقاط الضعف ونقاط القوة في الوضع العام في مصر, ولديهم قدر كبير من تحمل المسئولية, كما أنهم من أكثر الشخصيات البراجماتية, وخطابهم متوازن. وأضاف رئيس الوفد بأن ما لاحظوه أيضا علي كثير من أعضاء البرلمان في ردهم علي بعض الأسئلة تلك الإزدواجية في خطابهم ما بين قوة الإخوان المسلمون كمعارضة تاريخية, وبين القوة النيابية التي يمثلونها.

هكذا يري الخارج مصر.. الخارج الذي يتعامل بشكل براجماتي يخلو من العاطفة أو التعصب وجد في التيار الإسلامي الصاعد في مصر ذات التوجه.. البراجماتيه والتي إستشفوها من السياسات الإقتصادية التي تم طرحها بدءا من إصلاح ضريبي, ودخول الإقتصاد غير الرسمي علي السطح بما يعني مكافحة البطالة وزيادة الموارد, أيضا رؤيتهم الإصلاحية لملف الدعم وأنهم مستعدون للدخول في هذا الملف الذي يستنزف ثلث موارد الميزانية بحيث يحققون الهدف من وراءه وقصره علي الفقراء, وهو الملف الذي عجزت حكومات ما قبل الثورة في المساس به.

وحول الملف الإقتصادي وعلاقات مصر المالية أكد رئيس الوفد أنه لم يسمع ممن إلتقي بهم أن هناك عملية إحلال لنظام مالي عربي كبديل للعلاقة مع المؤسسات المالية الدولية( البنك الدولي والصندوق وغيرهما من المؤسسات المالية), وفي إشارة للمباحثات مع الصندوق أكد أن مصر تحتاج إلي سيولة تخفف الضغوط الحالية علي الميزانية قبل أن تعود معدلات النمو للصعود مجددا, وأكد علي أهمية إتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية وأن هذا الإتفاق يمهد لتطبيق سياسات إصلاحية علي مستوي الإقتصاد.مؤكدا أن هذا الإتفاق لا يجب أن يتم النظر إليه كإتفاق مالي قصير الأجل, بل في إطار إصلاحي كبير. 

وأشار إلي أن الإتفاق مع الصندوق قد يستغرق أسابيع, مؤكدا أن تأجيل الإتفاق بسبب الإنتخابات الرئاسية وبعدها شهر رمضان لن يكون في صالح مصر. 

وبالنسبة للسياحة أعرب أن الشرط الأول هو عودة الأمن وانه وفقا لما شاهده مصر ليست بلدا خطيرا من حيث الوضع الأمني ولكن المشكلة أن وكالات السياحة صنفتها كذلك, مؤكدا أن المسألة نفسية أكثر من أن تكون واقعا ملموسا. وأشار إلي لقاء بالبنك المركزي حيث استمعوا لسياسات إدارة سوق الصرف الأجنبي وأن هذه الإدارة حققت نتائجا إيجابية في تحقيق الإستقرار النقدي مشيرا إلي زيارة مرتقبة من البنك المركزي لواشنطن قبل إنتخابات الرئاسة. وأشار إلي أنه استمع من ممثلي البرلمان لفكرتهم عن الرئيس القادم وأنه سيجمع بين النظام الرئاسي والبرلماني, فهو لن يكون مجرد رمز وفي ذات الوقت لن يمسك بكل مقاليد الامور. وأكد أعضاء الوفد أن علاقات التعاون والصداقة بين مصر وفرنسا تاريخا ثريا وطويلا..

وأشار رئيس الوفد الفرنسي أنه لم يناقش أمورا تخص التجارة والإستثمار ولكنهم إلتقوا بمسئولي مجموعة كارفور في مصر وأكدوا لهم تمسكهم بمشاريعهم الإستثمارية في مصر, وأن مصر شريك إستراتيجي, وفي المركز السادس عالميا من حيث نشاط مبيعاتهم علي مستوي العالم. وحول نمو التيار الإسلامي في مصر والعلاقات المصرية الفرنسية أكد أن الشخصيات التي سيجمع عليها المصريون ويتم إختيارها عبر عملية ديمقراطية ستكون الطرف الذي ستفعل معه فرنسا شراكتها مع مصر, مؤكدا أن من إلتقي بهم من التيار الإسلامي براجماتيين أكثر مما كنا نتوقع, ورحب بالتعاون مع مصر في مجال العدالة الإجتماعية وتصدير خبرة فرنسا في نظام التأمين الصحي إذا رغب الجانب المصري.

وقال أنه في لقاءات الوفد بأعضاء البرلمان وممثلي حزب الحرية والعدالة والحكومة وضحت قناعتهم بأهمية إصلاح النظام الضريبي لتحقيق المزيد من العدالة الإجتماعية.
ما فهمته من خلال تصريحات الوفد الفرنسي أن هناك ثقة في أن التيار الإسلامي لديه رغبة في الإصلاح وشعور بالمسئولية ولكنه أوضح عدة نقاط أولها أن قيادات الإخوان التي وصلت إلي مواقع في البرلمان لازالت عند مرحلة المعارضة التاريخية التي كانوا عليها والتي فرضت عليهم سلوك المعارض والناقد, في الوقت الذي هم الأن في موقع الأغلبية في البرلمان ولديهم قوة نيابية مهمة, وان الناس لا تنتظر منهم النقد بقدر ما تنتظر منهم السياسات التي تقود للمستقبل. الأمر الثاني أن لديهم وجهات نظر مختلفة وبرامجا إصلاحية ولكن عند الحديث عن الهدف لم يكن الرد واضحا.

أيضا أوضح ممثلوا حزب الحرية والعدالة الذين إلتقوا بهم أنهم حزب له توجه إسلامي وليسوا حزبا دينيا والدليل أن هناك اقباطا أعضاء بالحزب, ونائب رئيس الحزب قبطيا. وأن هذا يضمن إحترامهم لكل الأديان, وأنه لن تكون لديهم أية تفرقة بين أبناء الشعب المصري.

تصريحات الوفد الفرنسي تبشر بالخير بان الأحزاب الإسلامية لديها رؤية, وسياسات إصلاحية, وشعور بالمسئولية, وهو ما يمنحنا الثقة بأن ما نشهده حاليا لن يكون سوي أمور عارضة في مرحلة إنتقالية نرجو أن تكون قصيرة. أيضا شركاء مصر في الخارج سيتعاملون مع من تختاره إرادة الشعب المصري, وأن مصر ستظل شريكا فاعلا في المجتمع الدولي. "الاهرام"
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق