Home » » أحمد منتصر يواصل كتابة : مذكرات ناشر مصري (7)

أحمد منتصر يواصل كتابة : مذكرات ناشر مصري (7)

رئيس التحرير : Unknown on الاثنين، 18 مارس 2013 | 11:56 ص


في عام 2008 فرشت ملاءة بشارع البحر أهم شارع في طنطا كل يوم ولمدة شهر. كنت أعرض على هذه الملاءة بعض الكتب وكانت المحصلة النهائية من المبيعات: زيرو. من المدهش أن تجد تاجرًا يعترف أن مبيعاته صفر لذلك شنف أذنيك لسماع ما هو أخطر. قلنا إن طبعات الكتب تنتهي كهدايا وللدعاية وخلافه ولكنها لا تباع إلا نادرًا. اسأل أي صاحب مكتبة تربطك به علاقة صداقة. لأنه ليس هناك للأسف من يجرؤ على الاعتراف بالخسارة.

اتصل بي الصديق الفاضل ومدير المكتبة القومية بطنطا في يوم قائظ وأخبرني أن لديه كاتبًا يريد عمل كتاب. اتصل بي الصديق العزيز طارق زكريا وتقابلنا مع مدير الشئون القانونية بطنطا بوك هاوس عبد الله غرابة. كان يريد طباعة كتاب واتصل بعدد من دور النشر القاهرية ولكنه أحس منهم بتناكة. عرضت عليه طبعة كتابي ربنا يهديك الهبلة وطبعة كتاب أياصوفيا الرائعة فتحمس للغاية واتفقنا. وأخذته كالعادة معي للقاهرة وقابلنا أستاذ أحمد الخطيب المطبعجي الشهير واستخرجنا رقم إيداع كتاب ثورة شعب مصر وتوكلنا على الله. كان ربحي من كتاب طارق 300 جنيه فقط مقابل التصحيح اللغوي.

بعد ذلك حدثني الصديق العزيز مينا عزت عازر من إسكندرية عبر الفيس بوك ويبدو أنه أعجبته دماغي العلمانية مثله واتفقنا على نشر كتابه الثدي المر. وكان الربح 800 جنيه أو أقل باين. وفي نهاية عام 2011 جاءني الشاعر أحمد الصفتي بديوانه وكان الربح سبعين جنيهًا فقط هع هع آه والله. وفي النهاية ساد هدوء تام سوق النشر وأوشكت على الإفلاس حتى كدت أفجر شاشة الكمبيوتر العتيقة. كان محمود عرفات قد صرف كثيرًا على أياصوفيا ولم يستطع نشر أي شيء في 2012. وكذلك كان الحال مع أغلب الكتاب الشباب الذين لهم كتب منفردة قبل الثورة أو بعدها. كان هناك اتفاق مع الشاعر الكبير محمد الجندي رحمه الله على نشر ديوانين له ولكن توفته المنية قبل الاتفاق المادي. مما جعلني أدخل في شبه اكتئاب خاصة مع الموزة المجنونة التي كنت أرغب بخطبتها هع هع وطلعت عيني.

في خضم كل هذا عرضت على مجموعة من الكتاب الطنطاوية عمل كتاب أدبي جماعي. كانت الفكرة في البدء عمل كتاب جماعي طنطاوي. ولكن كالعادة.. لعن الله الإحباط الذي يصيب الشباب هذه الأيام. فقررت في محاولة يائسة عمل إيفنت من خلال جروب طنطا بوك هاوس الميت لتجميع الكتاب الشباب. كنت متأكدًا أن الفكرة ستفشل وسيسخر مني الكثيرون وأكون عبرة للناشرين. ولكن الإفلاس والاكتئاب كانا قد بلغا المنتهى. فوجئت باهتمام إعلامي جبار من اليوم السابع والدستور وروز اليوسف وغير ذلك من المواقع الرسمية التي كانت تتجاهلني. كما فوجئت باحتفاء غير عادي من الكتاب الشباب الذين قاموا بتشيير الإيفنت حتى أنك إن قمت بعمل سيرش عن طنطا بوك هاوس بجوجل لوجدت هذا الإيفنت الأول من نوعه بازغا.

وكالعادة قام طارق عميرة مدير دار إنسان بتقليدي عبر دار نشره إنسان بالإعلان عن مؤسسة ثقافية وهمية قال إن مقرها في ميدان السيد البدوي تبين أنه مقر حزب المؤتمر. ثم قام بتدبيس إحدى الكاتبات الشابات بإدارة المؤسسة في صورة وهمية كذلك وقام بالنصب على العديد من الكتاب الشباب الغلابة سواء عبر الطباعة الفاشلة أو عدم التوزيع أو عدم إيصال النسخ لأغلب المشاركين حتى توقفت سلسلة كتبه الجماعية على الرغم من محاولته النشر مجانا للمشاركين مؤخرًا لدفع السلسلة للأمام دون جدوى. كما قامت عدة دور نشر بالإعلان عن سلاسل مشابهة مليئة بالسلبيات اللغوية والفنية في تصميم الغلاف والعملية في التوزيع مما يضر بسمعة الناشرين الوحشة أساسًا ولكن الكتب الجماعية على العموم قد أنقذت دور نشر كثيرة من الإفلاس.

الكتاب الأول من سلسلة الكتب الجماعية التي رعتها طنطا بوك هاوس سمي باسم قصيدة لأحد المشاركين بالكتاب اسمه إلهامي قام بحذفي بعد ذلك من الفيسبوك لديه لأني علماني هع هع. تعرفت عن طريق الإيفنت الجبار بالمصمم والفنان الموهوب للغاية عمرو الحو. كنت قد عرضت على المصمم والرسام إسلام جاويش عمل غلاف الكتاب ولكن تأخر المصممين المشهورين جعلتي أقبل بعرض عمرو الحو تصميم غلاف الكتاب -على الرغم من أني لم أر له تصميمًا لغلاف كتاب من قبل- مقابل نشر كوميكس له بالصفحات الداخلية. للأسف نشر الكوميكس فيما بعد بصورة مهزوزة لعن الله برنامج تحويل الوورد إلى pdf. ولكن التعاون استمر واستشرى مع هذا الرسام والمصمم القنبلة. ومن المنصف القول إن عمرو الحو هو ثاني أهم رجل في طنطا بوك هاوس. بيد أن البعض يعتبره أهم رجل في المؤسسة كلها وأنا لا توجد مشكلة لدي طالما هناك فائدة والكل مبسوط هع هع.

بعد كتاب بطاقة هوية تحولت طنطا بوك هاوس من دار نشر إقليمية حقيرة إلى دار نشر متوسطة حقيرة والحمد لله. بالتأكيد واجهتنا صعوبات في الاستمرار والتطور ونحن خارج عاصمة الشيطان ولكن السياسة المالية الرشيدة وأسعارنا العالية في النشر كفلت لنا البقاء. يمكنك تخيل حجم الإنجاز عندما تعلم أن أغلب دور النشر القاهرية الجديدة تغلق بعد سنة نتيجة الإفلاس. أما نحن فمستمرون منذ 2010 والحمد لله.

فوجئت باتصال من دكتور إسماعيل حامد الشخصية الأدبية المنطلقة بسرعة الصاروخ من المنصورة والذي أريده أن يكون الرجل الثالث في المؤسسة بس يرضى. أخبرني أنه متحمس للغاية لنشر روايته معي حيث إني صريح جدًا وودود على الفيسبوك. بصراحة لم أأخذ عرضه بجدية كبيرة. فكرت أنه سيبعث لي برواية مخيبة للآمال حتى إن وافقت على نشرها سيفاصل في السعر. إلا أنه كان متحمسًا للغاية وجاء إلى طنطا خصيصًا فقابلني والفنان عمرو الحو ودفع لي 2000 جنيه. كدت أشخر لسمعة حبيبي ولكني قلت بشيء من اللباقة إن هذا المبلغ يكفي بالكاد لتغطية مصاريف الطباعة وتصميم الغلاف. فلم ينبس ببنت شفة مشكورًا ووعدني بإرسال ألف جنيه فيما بعد. وبعد نهاية الجلسة تحت المكتبة الله يرحمها على كافتريا إسبرسو الحبيبة. عرضت عليه إيصاله إلى موقف المنصورة وطبعًا ضحكت عليه ولم أفعل هع هع.

فوجئت بأن دكتور إسماعيل يرسل لي مبلغ ألف جنيه بعدها بأسبوع. فرحت للغاية لأن هذه الألف الأخيرة منها سوف أستخلص ربحي. وبالفعل صدرت الرواية البديعة (سرداب الجنة) بعد كتاب بطاقة هوية الجماعي بشهر أو أكثر بقليل. وكانت فرحة دكتور إسماعيل شديدة بغلاف الفنان عمرو الحو وطباعة الخطيب الشديدة. ولكن أعتقد أنه شكرني باين هع هع. المهم أنني سعدت جدًا بتجربة النشر مع دكتور إسماعيل وأتمنى إصدار طببعات أخرى من الرواية الجميلة سرداب الجنة بعد نفاد الطبعة الأولى.

كانت الدنيا وردي وردي وردي وردي. اعتقدت أن الحياة سوف تفتح فخذيها لي أخيرًا وسوف يقوم واحد من المشاركين على الأقل في كل كتاب جماعي بعمل كتاب منفرد. إلا أن الواقع كان أشد قسوة وليس كل ما يتمناه المرء يركبه. حيث أعلنا بعد انتهاء إيفنت بطاقة هوية عن كتاب جماعي جديد اسمه (رسائل إلى الرئيس). وهذا الكتاب كاد يتسبب في إفلاسي حيث فوجئت أن أغلب المشاركين يرغون في أعمالهم. وكنت وقتها مثاليًا حيث كانت المشاركة في الكتب الجماعية بمئة جنيه فقط دون اشتراط عدد كلمات محدد. وجدت أن الكتاب سيقع فيما يقرب من 150 ص وسيتكلف نشره حوالي 2500 جنيه لأن أسعار الورق كانت قد قفزت فجأة. قمت بتصغير فونتات بعض الأعمال الطويلة فوصل حجم الكتاب إلى 102 ص وتكلفت طباعته 2100 جنيه إهىء إهىء.

ومما زاد الطين بلة أني عندما ذهبت لشركة شحن ميدل إيست لإرسال النسخ للمشاركين فوجئت بأن الشركة كانت قد ألغت نظام الشحن على حساب المستلم. مما كان سيضطرني لدفع عشرات أو مئات الجنيهات لإرسال النسخ للمشاركين فاضطررت للاعتذار لهم. وتدبير وصول النسخ لهم عبر أقرب فروع شركة الشحن الحبيبة توب إكسبرس.

وجاءت تباشير شهر رمضان 2012 فقررت عمل إيفنت ديوان شعر جماعي ومتابعة الإيفنت من إسكندرية ولكني فوجئت بفشل هذا الإيفنت فشلا تامًا. حيث جاءتنا أشعار كفتة كتير اضطررنا لرفضها. وتبيّن أن هذا الكتاب يحتاج إلى وقت طويل للغاية لجمع ولو عشرين مشاركا.

المهم أنني عبرت شهر رمضان بسلام على الرغم من عدم تحقيق أي ربح نتيجة كياستي وتحويشي. قمت بإلغاء إيفنت ديوان الشعر الجماعي ونقلت المشاركات المقبولة إلى إيفنت كتاب أدبي منوع. سمي هذا الكتاب باسم (اشهد يا بحر) ولكن واجهت هذا الكتاب أزمة أخرى نحكيها في الحلقة القادم..

إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق