من سليمان الخالدي
(رويترز) - في مخيم للاجئين بالصحراء الاردنية يحتضن أيهم قداح الناجية الوحيدة من أفراد اسرته من قصف صاروخي لمنزله في محافظة درعا الجنوبية في سوريا مما اسفر عن مقتل زوجته واطفاله الثلاثة.
والأب الشاب الذي يرعى ابنته البالغة من العمر ستة اعوام ضمن نحو ألفي لاجيء يعبرون الحدود يوميا لشمال الاردن الامر الذي يفوق طاقة الدولة التي تنقصها الموارد لاستضافتهم.
ويقيم اللاجئون الذين يفرون من الهجمات العسكرية لقوات الرئيس السوري بشار الأسد التي يصفوها بانها وحشية ومتصاعدة في مخيمات غير مجهزة حيث تبذل وكالات المعونة والسلطات الاردنية قصارى جهدها لتوفير مأوى وتسهيلات ضرورية.
وأعلن الاردن بالفعل ان توافد اللاجئين الذي ذكرت الأمم المتحدة ان اعدادهم تضاعفت في الاسبوع الماضي يتجاوز طاقته وطلب مساعدة دولية.
وسجلت الأمم المتحدة أكثر من 214 ألف لاجيء سوري في أربع دول مجاورة من بينهم أكثر من 70 ألفا في الاردن البالغ عدد سكانه 6.5 مليون نسمة.
وظروف من فروا من ديارهم في شمال سوريا على نفس القدر من الصعوبة. ويقول لاجئون هناك ان تركيا اغلقت حدودها دون السوريين الذين لا يحملون جوازات سفر لان معسكرات اللاجئين كاملة العدد وتؤوي الان أكثر من 80 ألفا.
واضطر آلاف السوريين الفارين من ديارهم للانتظار عند المعابر الحدودية تحت أشعة الشمس الحارقة ويعلقون امالهم على تعهد مسؤولين اتراك ببناء اربع مخيمات جديدة تؤوي 40 ألفا.
وفي الزعتري في الاردن تسبب الحر الشديد والمنشآت المتواضعة والرياح الخانقة التي تحمل الاتربة في شكاوي كثيرة مما يشعل الاحتجاجات.
وقال سالم العوض من بلدة داعل في سوريا التي فر معظم سكانها الذين يقدر عددهم بالالاف إلى الاردن "انظر لا يمكنك ان ترى الناس بسبب الاتربة. لن نشكو اذا كانت ظروف المعبشة مقبولة."
واضاف "هتفنا بان الموت ولا المذلة. لم نأت الى هنا لنهان. لا يمكن ان يحدث" في إشارة لهتاف شائع في الاحتجاجات المناهضة للاسد في سوريا.
ويجلس العوض في واحدة من الاف الخيام الصغيرة في الزعتري مع زوجته واطفاله الخمسة.
ويقول مسؤولون اردنيون ان مئات الشبان اعيدوا مرة اخرى عبر الحدود يوم الخميس إثر أعمال شغب شهدها المخيم. ويجري إعادة السوريين المرحلين للمكان الذي جاءوا منه وهي عادة مناطق تسيطر عليها المعارضة وليست قوات الاسد.
واعترفت صبا أبو بصلة مديرة البرامج بصندوق (انقذوا الاطفال) بان وكالات المعونة لا تستطيع مواكبة اعداد اللاجئين.
وتابعت ان اللاجئين الذين يأتون للمخيم لا يجدون الاحتياجات الأساسية في المخيم الذي لم يكتمل بعد وهو امر مقلق حقا واضافت انه ينبغي معرفة الاسباب التي تقود لاحتجاجات شبة يومية بسبب الاوضاع.
ويضع كثيرون في المخيم اقنعة واقية تقيهم العواصف الترابية التي تثيرها رياح عاتية تسببت في اقتلاع خمس خيام يوم الخميس حسب قول اللاجئين.
وتتجمع صهاريج المياه والشاحنات عند مدخل المخيم المؤقت ويحمل بعضها حصى يأمل مسؤولون نثره على الارض لمنع إثارة الاتربة.
وقال اندرو هاربر ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ان الوكالة تعزز الخدمات والدعم ولكنه اعترف بحجم الاعباء الملقاة على عاتق الوكالة.
وذكر هاربر "محاولة السيطرة على الاوضاع فحسب تمثل تحديا والبيئة في الزعتري ليست عنصرا مساعدا بالضرورة. انه موقع رهيب ولكنه الموقع الوحيد لدينا."
وافتتح المخيم الشهر الماضي قبل وصول احدث موجة من السوريين الفارين من درعا حيث اندلعت الانتفاضة ضد الأسد في مارس آذار من العام الماضي. وفي الاسبوع قبل الماضي وصل عدد اللاجئين إلى 24 الفا فروا من القصف العنيف للبلدات في محافظة درعا الزراعية.
وقداح وابنته التي نجت معه من الهجوم الصاروخي من بلدة الحراك التي حمل سكانها السلاح ضد الأسد بعد أشهر من الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية بوحي من انتفاضات الربيع العربي.
ودخلت قوات الأسد الحراك قبل عشرة أيام بعد محاصرتها لاسابيع وقصفتها بالمدفعية والطائرات حسب قول السكان الذي فروا من المدينة التي اصابها الدمار.
وقالوا ان القصف والهجوم على المدينة اسفرا عن سقوط 200 قتيل وتتناثر في الشوارع والاقببة جثث من اعدمتهم القوات الحكومية دون محاكمة.
وقال قداح ان الله أسبغ رحمته على ابنتيه سجود (13 عاما) وملك (10 اعوام) وابنه الاصغر عبد الله (9 اعوام) لانه وراهم الثرى في مدافن بشاهد وليس مقابر جماعية ساعد في حفرها لدفن جثث مجهولة الهوية.
وادى النزوح لاخلاء بلدات زراعية قريبة مثل الطيبة وصيدا وداعل وخربة غزالة حيث قاد الفقر والاستياء من حكم الاقلية العلوية لاحتجاجات ضخمة من جانب المواطنين السنة.
وتقول تغريد الحريري (19 عاما) ان اسرتها حزمت امتعتها وغادرت في الفجر تحت حماية المعارضة بعد ان تسبب صاروخ في احداث حفرة ضخمة في منزل جيرانهم في بلدة محجة مما اسفر عن مقتل سيدة مسنة وطفلين.
ويبذل عمال الاغاثة جهودا دؤوب لاستبعاب الوافدين الجدد وارسلت دولة الامارات مئات من المباني سابقة التجهيز والافا من الخيام كما وعدت سلطات الامارات بتغطية تكلفة مخيم جديد يؤوي 20 الفا.
وقال هاربر "نعلم ان الافا اخرين يرغبون في عبور الحدود في الايام المقبلة من ثم فنحن نسابق الزمن لمحاولة توفير البنية الاساسية الضرورية."
وفي شمال سوريا يقول المواطنون الذين فروا من القتال في حلب واماكن اخرى انهم مضطرون للانتظار في ظروف بائسة على الحدود لان تركيا لا تسمح لهم بالعبور لعدم وجود اماكن لاستيعابهم في المخيمات.
وقال حسن ليالي (32 عاما)الذي كان يعمل كهربائيا حتى قصفت مقاتلات منزله في حلب قبل أكثر من اسبوع "كل الاطفال مصابون بالاسهال ولا يوجد سوى القليل من الادوية. طبيب واحد لرعاية أكثر من خمسة الاف شخص."
وليالي مثل كثيرين تقطعت بهم السبل على الحدود ويخشون العودة لحلب حيث اشتدت الغارات الجوية والقصف المدفعي. الحياة عصيبة لافراد اسرته المكونة من 13 فردا ينامون على الطريق المؤدي لنقطة العبور التي كانت تزخر بالحياة من قبل.
وتحاول نساء محجبات ايجاد اماكن في الظل تحمي اطفالهن من الحرارة وبعض الاسر تقيم اسفل الشاحنات التي تقيهم بعض الشيء. وتوجد دورات مياه في المسجد ولكن الصفوف طويلة ولا توجد مياه شرب نظيفة.
وتتيح مكاتب الجمارك الشاسعة باسقفها الاسمنتية اماكن ظليلة وهواء باردا ولكن افضل المواقع محجوزة ويضطر مئات يصلون يوميا على متن حافلات صغيرة للبحث عن اماكن اخرى. ويجلس اللاجئون بجوار متعلقاتهم من مراوح وسجاد وانية إذ ان الحقول حيث الشمس الحارقة ليست بديلا اذ توجد تحذيرات من وجود الغام.
وقال ابو عبده إنه لم يبرح الحدود منذ اسبوعين.
وقال مازحا "شاهدوا الارهابيين. هل تعرف لدينا ارهابين في الخامسة والسادسة من العمر هنا" مشيرا لمجموعة من الاطفال يلهون وسط الاتربة ومستخدما المصطلح الذي يفضله الاسد واصفا المعارضة.
إرسال تعليق