Home » » الوفاء للثورة

الوفاء للثورة

رئيس التحرير : Unknown on الثلاثاء، 2 أكتوبر 2012 | 5:50 ص




بقلم: سليمان قناوي

اقترب العيد الثاني لثورة‮ ‬25‮ ‬يناير ولايزال الثوار كل في طريق‮. ‬نسي الجميع ولا أعفي فصيلا او تيارا او حزبا أو جماعة،‮ ‬ايام الشقاء الـ‮ ‬18‮ ‬اللذيذة التي تقاسم فيها الجميع النوم على الاسفلت في برد يناير،‮ ‬واقتسم الكل اللقمة معا،‮ ‬ولم تفرق رصاصات الغدر وخرطوش الخيانة يومي جمعة الغضب وموقعة الجمل بين احد من اغنياء الثوار او فقرائهم‮ . ‬اليوم‮.. ‬نسي الجميع ولم يستدع احد مشاهد الاصطفاف الوطني الحقيقي والعيش المشترك بين المصريين جميعا: ‬سلفي وقبطي،‮ ‬اخواني وليبرالي،‮ ‬اشتراكي ويميني،‮ ‬ناصري وجهادي،‮ ‬خلال لحظات العز الثورية القليلة في حياة هذه الامة. ‬كتبت من قبل وأكرر هنا انني لن أنسى ما حييت مشهد الثائر القبطي بميدان التحرير،‮ ‬الذي رأى عددا من الثوار يقيمون صلاة الظهر في جماعة‮ خلال ايام الثورة،‮ ‬واكتشف ان المصلين في الصفوف الاخيرة لا يسمعون تكبيرات الامام،‮ ‬فتولى هو ترديد التكبيرات وراء الامام بصوت عال حتى يسمع المصلون.‬

ماذا حدث لنا بعد سقوط مبارك وخروجنا جميعا من الميدان،‮ ‬لماذا اصابنا فيروس التشرذم وطاعون الفرقة وايدز التشاحن وبكتيريا عدم الاتفاق على اي شيء وكل شيء،‮ ‬حتى الحد الادنى لاي اتفاق تركناه وراء ظهورنا؟ واسأل هل هذا هو الوفاء للثورة ومطالبها؟ لقد احتكم الشعب بأكمله الى صندوق الانتخابات في البرلمان بمجلسيه والمقعد الرئاسي،‮ ‬والمنطق الديمقراطي الطبيعي السائد في كل من الديمقراطيات العريقة والناشئة يشير الى ان هذه الصناديق لا بد ان تفرز فائزا ومهزوما في الانتخابات الرئاسية،‮ ‬واقلية واغلبية في مجلسي الشعب والشورى،‮ ‬فلما جاءت الصناديق بما لا تهوي أنفسنا،‮ ‬انقلبنا على أعقابنا،‮ ‬ورحنا نحرق الارض من تحت اقدام الفائزين،‮ ‬وهي آفة العقل المصري والعربي كله،‮ ‬ولو جاء الصحابة ليحكموا مصر اليوم،‮ ‬لسلخوهم بألسنة حداد شداد،‮ ‬فالاقصاء والاستئصال متجذر داخل عقولنا،‮ ‬والخير اذا جاء عن‮ ‬غير طريق حزب معين او تيار معين،‮ ‬هو شر كله‮.‬

هل من الوفاء للثورة،‮ ‬اعتبار قرار رئيس الجمهورية بإقالة المشير طنطاوي والفريق عنان،‮ ‬بأنه لا شيء لأنهم كانوا‮ "‬كأعجاز نخل خاوية‮".. ‬سيسقطون،‮ ‬سيسقطون،‮ ‬فلا فضل لمرسي في ذلك‮. ‬لو كان هناك اعلام اخواني كما يدعون،‮ ‬لاطلقوا على ما حدث من قرارات‮ ‬في‮ ‬12‮ ‬اغسطس الماضي تعبير ثورة لانها في رأي البعض انهت الحكم العسكري لمصر وأعادت الوجه المدني للدولة المصرية التي صدعوا دماغنا بالمطالبة بها‮ "‬مدنية‮.. ‬مدنية‮" ‬و"يسقط‮.. ‬يسقط حكم العسكر‮".. ‬هل نسيتم الكاتب الكبير الذي حول هزيمة يونيو‮ ‬1967‮ ‬الى نصر لأن اسرائيل سعت من خلال الحرب الى اسقاط عبد الناصر،‮ ‬إلا اننا انتصرنا‮- ‬كما زعم‮ - ‬لأن ناصر استمر‮! ‬هل نسيتم الاعلام الساداتي الذي حول الانقلاب المضاد الذي قام به في‮ ‬15‮ ‬مايو‮ ‬1971‮ ‬ ضد خصومه الى ثورة‮ ‬،‮ ‬لو كان هناك اعلام اخواني‬،‮ ‬او متأخونا‮ - ‬كما يزعمون‮ - ‬لطبل وزمر لقرار عودة مصر فعليا الى مصاف الدول المدنية الحديثة،‮ ‬الكلمة فيها للرئيس المنتخب انتخابا حرا مباشرا من الشعب،‮ ‬والتشريع فيها للبرلمان المنتخب انتخابا حرا مباشرا من الشعب‮. ‬لايمكن لمن سفه هذا القرار ان يكون وفيا ابدا للثورة‮.‬

الاوفياء للثورة يجب ان يمدوا يد المساعدة للجنة تقصي الحقائق في قتل واصابة الثوار التي شكلها الرئيس بعد‮‬5‮ ‬ أيام فقط من توليه المنصب،‮ ‬كل من عنده شهادة على واقعة عايشها،‮ ‬او يحتفظ بعيار طلق ناري اطلق في اي ميدان من ميادين الثورة،‮ ‬او صور‮ ‬او سيديهات لوقائع القتل والاصابة،‮ ‬عليه ان يكون وفيا للثورة ويتقدم بها الى هذه اللجنة‮ ‬لوجه الله سبحانه وتعالى وصالح العدالة‮.‬

الوفاء للثورة يجعلنا لا نتربص بقرارات الرئيس والحكومة ونسارع الى التهجم عليها فور صدورها دون انتظار لما ستسفر عنه من نتائج،‮ ‬لان البديل الذي تطرحه القوى السياسية المناوئة هو ثورة جياع او انقلاب،‮‬ والسيناريوهان مخيفان ولن يسلم منهما حتى من يدعون اليهما. ‬على الاوفياء للثورة ان يدركوا ان هناك فارقا بين هدم النظام وهدم الدولة،‮ ‬وان الاحتجاج الدائم والرفض المستمر لكل شيء وأي شيء،‮ ‬سيؤدي الى هدم الدولة وانهيارها وهذا سيكون وبالا على الجميع مؤيدين ومعارضين،‮ ‬ظالمين ومظلومين‮.‬

وحتى نقول ما لنا وما علينا،‮ ‬فإن الوفاء للثورة يقتضي من الرئيس مرسي الافراج عن سجناء الرأي الذين اعتقلوا منذ احداث الثورة وحتى الان ومنع إحالة المدنيين الى محاكم عسكرية‮..‬نطلب من الرئيس وقد كان قبل‮‬80‮ ‬ يوما،‮ ‬مثلنا مواطنا عاديا يكابد بشرف لمواجهة اعباء الحياة ويكافح الغلاء المستعر‮‬،‮ ‬نطلب منه ان يتذكر الغلابة الذين طحنهم الفقر والغلاء،‮ ‬وندعوه ان يصطف الى جوارهم حتى يعلم عن قرب آلامهم ومعاناتهم. نريد منه ان يسعى لاعادة تشغيل المصانع التي توقفت بعد الثورة لمواجهة اعداد العاطلين المتزايدة‮.. ‬هذه مطالبنا البسيطة التي نتمناها حتى يتحقق شعار الثورة الذي خرجنا نهتف به "عيش،‮ ‬حرية،‮ كرامة انسانية‮"‬." أخبار اليوم"
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق