Home » » هل تفتح قضايا التحكيم الدولي باب الحجز على مصر ؟؟!!

هل تفتح قضايا التحكيم الدولي باب الحجز على مصر ؟؟!!

رئيس التحرير : Unknown on الثلاثاء، 21 مايو 2013 | 6:31 م




في الوقت الذي تسيطر فيه الهموم الداخلية على عموم المصريين من اضطراب سياسي وأزمة اقتصادية هي الأخطر منذ كساد الثلاثينيات، هناك هم خارجي كبير لا يلتفت إليه أحد ويمكن أن يضع مصر في وضع اقتصادي ودولي خطير، ألا وهو قضايا التحكيم الدولي المرفوعة على مصر من قبل شركة الكهرباء الإسرائيلية وغاز شرق المتوسط وبعض الشركاء المساهمين فيها(وهم حسين سالم ومجموعة ميرهاف الإسرائيلية وشركة إمبال الإسرائيلية الأمريكية وشركة بي بي تي التايلندية، ورجل الأعمال الأمريكي اليهودي سام زيل).

بيد أن هؤلاء الأطراف يطالبون بتعويضات تصل في مجموعها لعشرات المليارات من الدولارات، ولاشك أن ثمة أيادي متورطة في تحريك هذه القضايا وترغب في العبث بمصر وأمنها .

ويشهد الواقع أن هذه العقود المبرمة، سواء في اتفاقية الغاز مع إسرائيل أو غيرها من الاتفاقيات الأخرى، كانت تضع مصر دائماً كطرف ضعيف وتخضعها لابتزاز شديد تكون فيه الخاسر الوحيد، وعلى المستوى الأكثر خطورة فإن اللجوء للتحكيم الدولي يعني أن احتمالات خسارة مصر تأتي بنسب كبيرة حسب هذه العقود، مما يعني أن كل أملاك مصر في الخارج ستكون عرضة للحجز عليها في حالة عجز الحكومة المصرية عن السداد.

مخاطر متعددة

وفي ظل غياب الرؤية السياسية نحو حلول مجدية للأزمة الاقتصادية في البلاد، ظهرت تداعيات خطيرة على الاستثمار داخل البلاد، لاسيما مع استمرار وتصاعد قضايا التحكيم الدولي، التي يمكن أن تؤدي (في حالة تجاهلها وعدم حسمها) إلى تعرض البلاد للتنفيذ الجبري من قبل الجهات الدولية من خلال الحجز على أرصدة الدولة بالبنوك الخارجية أو الحجز على ممتلكات الدولة المتمثلة في الطائرات التابعة لشركات الطيران الحكومية أو البنوك أو ممتلكات الدولة بالخارج‏.‏

وبدوره حذر "محمد فريد خميس" رئيس الاتحاد المصري للمستثمرين، الحكومة المصرية من اختراق الاتفاقيات الدولية؛ لأن هذا يشوه صورة الدولة في الأوساط الاستثمارية العالمية، مما يساعد على هروب المستثمرين من مصر، مؤكداً على خطورة الموقف الحالي للشركات التي لجأت للتحكيم الدولي، خاصة مع تجاوز مبالغ التعويضات المطلوبة الـ 80 مليار دولار، وشدد على ضرورة التفاوض مع هؤلاء المستثمرين أصحاب القضايا، وعدم الإخلال بالتعاقد مع المستثمرين الأجانب.

ومن ناحية أخرى، أكد عدد من الخبراء المصرفيين أن قضايا التحكيم الدولي باتت تشكل خطورة على المراكز المالية للبنوك، لاسيما أن التعويضات التي تقضي إليها تلك الأحكام عادة ما تكون بمبالغ طائلة، إضافة إلى الإساءة لسمعة البنك وتعاملاته في الداخل والخارج، مما يعني تكوين مخصصات من أرباح البنوك تبتعد عن أموال المودعين لسد أية تعويضات ناجمة عن قضايا التحكيم الدولي بين البنك والمستثمر الأجنبي، فيما كشف خبراء التحكيم الدولي أن مصر تكبدت خسائر تصل لأكثر من 12 مليار دولار تعويضات عن 137 قضية تحكيم دولية أقيمت ضد الحكومة المصرية لم تكسب أي قضية منها؛ الأمر الذي يؤكد إمكانية فشل محاولة الطعن على حكم الحجز على أموال أي فرع من البنوك المصرية بالخارج.

ملف المصالحة

ويستمر الجدل حول أهمية فكرة المصالحة مع رموز النظام السابق، فتعددت الآراء والتصورات، حيث رأى عدد من المحللين بأنه في حالة القبول، يجب على صانع القرار وضع عدة بنود على طاولة المفاوضات؛ من أجل ضمان نزاهة عملية المصالحة مثل مطالبة رموز النظام السابق من رجال أعمال وقيادات سياسية وتنفيذية بتقديم نقد ذاتي علني، مع تقديم اعتذار واضح وصريح للشعب على ما ارتكبوه من أخطاء لا تستوجب المحاكمة.

علاوة على ذلك ينبغي عدم التساهل فيما يتعلق بالجرائم الجنائية، وفصلها فصلاً تاماً عن المصالحة الوطنية في قضايا المال، مع ضرورة الاعتماد على أساليب قانونية وسياسية سليمة، من بينها التفاوض والحوار مع رموز النظام القديم من أجل عزلهم سياسياً وتقليص نفوذهم المادي والمعنوي في المجتمع، لذا لابد من اعتماد آليات الإفصاح والمكاشفة عبر وسائل الإعلام والمجتمع المدني.

وفي الآونة الأخيرة اتجه الرأي لدى النيابة العامة المصرية إلى استمرار مزاولة الضغوط على حسين سالم لكى تشمل التسوية المقدمة منه إقناع شريكيه الأجنبيين بالتنازل عن دعوى التحكيم الدولي التي قاما برفعها ضد مصر بسبب فسخ تعاقد تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، واعتبار هذا الأمر شرطاً أساسياً وجوهرياً لقبول التسوية.

من هنا يجب أن نؤكد على توقف الأمر على الطريقة التي تقوم عليها المفاوضات التي تجريها الجهات الحكومية مع عدد من رموز النظام السابق، للتصالح في قضايا الأموال المرفوعة ضدهم مقابل التنازل عن نسبة من أملاكهم لصالح الدولة، فليس هناك خطوط حمراء أمام التصالح فى قضايا المال طالما تقوم على المفاوضات في جو من المصارحة العامة والبعد عن الصفقات التي تتم خلف الأبواب المغلقة مما يتسبب في ضياع حقوق المصريين للأبد.

روشتة الأزمات

وفي ظل هذا الجدل الذي يسوده الضبابية حول إمكانية نجاح الجهود الحكومية في حل هذه القضايا الخطيرة عبر اتباع فلسفة جديدة في التعامل مع الخلاف بين الشركات الدولية، يزول هذا الجدل بخصوص الإجماع على التحديات الصعبة التي يواجهها الاقتصاد المصري المنهار في محاولته للتعافي.

وفي مقابل هذه التحديات تثور العديد من الحلول التي يستلزمها الواقع وينادي بها العديد من الخبراء في إطار روشتة اقتصادية وطنية يسود فيها حالة عامة من الشفافية والإفصاح حول حقيقة الوضع الاقتصادي الراهن والتحديات والإمكانيات المتاحة.

وعلى هذا الأساس يمكن تقسيم هذه الحلول إلى ثلاثة مستويات زمنية في الأجل القصير والمتوسط والطويل لتحقيق معدل مرتفع ومستمر من النمو الاقتصادي من خلال تكافؤ الفرص وتحقيق العدل الاجتماعي.

فعلى البعد القصير والمتوسط الأجل، تثور ضرورة ملحة لإعادة النظر في ترشيد النفقات العامة، وإعادة هيكلة منظومة الدعم، واتباع مبدأ وصول الدعم لمستحقيه مع ضرورة مراقبة الحكومة للأسعار، إلى جانب زيادة الإيرادات عن طريق رفع كفاءة تحصيل الضرائب ومنع التهرب الضريبي والجمركي، مع التفكير في فرض ضرائب تصاعدية على الشرائح العليا من الدخل وتخفيض حد الإعفاء إلى 20,000 جنيه سنوياً.

أما على المدى الطويل فيجب النظر في إعادة ترتيب خريطة الاستثمار وفقاً لمبدأ التوزيع الجغرافي في المحافظات، فضلاً عن توجه الحكومة نحو إعداد حزمة من مشاريع القوانين لتهيئة مناخ الاستثمار والمصالحة مع رجال الأعمال في المخالفات الإدارية لجذب استثمارات جديدة.

هذا بجانب الموائمة بين سياسة الاقتراض المحلي والاقتراض الخارجي، من خلال المفاضلة بين سلبيات وإيجابيات كل من السياستين، ولكن الظروف التي يمر بها الاقتصاد المصري قد تجعل من الاقتراض الخارجي أحد الوسائل المهمة للتمويل، فلابد من المصارحة الكاملة حول ملابسات هذا القرض، والذي يجب أن يوجه لأغراض إنتاجية لتشغيل طاقات إنتاجية عاطلة، وفي خلق طاقات إنتاجية جديدة مما يساعد على تحريك عجلة الإنتاج، وإتاحة المزيد من فرص العمل.

طوق النجاة

وإلى جانب هذه الحلول التي تأتي في إطار شامل، هناك مجموعة من الوسائل التي ينبغي اتخاذها في مجال فض النزاعات الاقتصادية الدولية ضد مصر التي تقوم بالأساس على اتباع فلسفة جديدة في التعامل مع هذه الخلافات، وهي عدم التسرع بفسخ التعاقد واتخاذ السبل المؤدية للتصالح، حيث توجد عدة مراحل قد يكون الصلح فيها هو طوق النجاة لمصر.

وتأتي المرحلة الأولى عبر محاولة التصالح الأولى في العقود بين الطرفين والتي ينص عليها العقد، يليها محاولة التصالح الابتدائي في القضاء الإداري، وفي هاتين المرحلتين لابد من اللجوء للوسائل الأخرى لفض التنازع، سواء بالوساطة أو التوفيق، أو بعقد مجالس فض المنازعات، بشرط النص على هذه الوسائل في العقود، ثم تأتي ضرورة الاهتمام الشديد بتدريب أعضاء هيئة قضايا الدولة على كيفية إبرام العقود وتنفيذها وإدارة المنازعات والاطلاع على اللوائح الخاصة بمراكز التحكيم الدولي في مصر والخارج.

ركود وانتعاش

والجدير بالذكر أن الاقتصاد المصري يواجه أزمة طاحنة منذ ثورة 25 يناير وسط موجة من الانفلات الأمني والاضطرابات والاحتجاجات الفئوية التي خفضت من مؤشرات الاقتصاد المصري، حيث أشار تقرير للتنافسية العالمية (2012 - 2013) - الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي - تراجع مراكز دول الربيع العربي، فتراجعت "مصر" (13) مركزاً عن العام السابق لتقع في المركز (107) من أصل (144) دولة، كما أشار التقرير إلى أن "مصر" تواجه عدداً من التحديات تتمثل في تدهور بيئة الاقتصاد الكلي واتساع هوة العجز المالي، وارتفاع الدين العام، واستمرار ضغط التضخم.

وعلى مستوى الخطر الذي يحتدم نتيجة مغبة قضايا التحكيم الدولي وأثره السيئ على الاقتصاد المصري، فإن ثمة ضرورة محاسبة لجميع الوزراء والمسئولين الذين تسببوا في الأضرار التي لحقت بالاقتصاد جراء الخسائر الفادحة لقضايا التحكيم الدولي وعدم حضور المسئول أمام لجان التحكيم الدولي في المواعيد المقررة والمحددة سلفاً وعدم استعدادهم بالمستندات اللازمة لتقديمها للتحكيم الدولي، كل هذا كان يجعل موقف مصر ضعيفاً أمام تلك المحاكمات الدولية‏، وفي النهاية يتأكد التنبيه على ضرورة إعادة النظر في الاتفاقيات الثنائية المبرمة وكيفية معالجتها."محيط"

إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق