صدرا للكاتبة والسناريست .حنان غانم . كتابها الاخير ( تخاريف ) وهو ادب ساخر ....وكتب مقدمة الكتاب .د/ عمر فرج وقال حنان غانم, "أسافر ولفين أسافر ؟! .. يا ريت أقدر أسافر .. وأبعد عن كل المشاكل" .. بهذه الكلمات استهلت الشاعرة / حنان غانم ديوانها "تخاريف"، ويبدو أنها قد سافرت بالفعل وهى لا تدرى ؛ فقد غاصت إلى أعماق النفس البشرية ، وأخرجت لنا بعض ما فى جوفها من أسرار وخبايا ؛ فها هى عماق تدخل ضمير البشرية لتبحث عن بارقة انسانية فيها فلا تجد ، بل الأكثر من هذا نجدها ترى إبليس أكثر خيراً من الإنسان عندما تصرخ متسائلة: "فينك يا ضمير .. لو شافنا ابليس هيقول انتوا عند مين متعلمين .. لأنى عايز أخد عنده حصة ولا حصتين .. أصلى لما بشوفكم بشعر انى ملاك جنبكم وبنسى انى إبليس .. لأنكم فى الشر عليَّ متفوقين". وتمضى حنان غانم داخل النفس البشرية بشاعرية وحس مرهف وتستخرج لنا بعض معاناة ومشاكل البشر ؛ فها هى تطرح مشكلة العنوسة بشكل ساخر وعبثى عندما تناجى وتتوسل لوزير الداخلية أن يوفر عرسان للعوانس ؛ فيرد عليها الوزير متعجباً : "أنا سهل علىَّ أحل مشكلة فلسطين .. وكمان أقدر أقضى على الإخوان الإرهابيين فى غمضة عين .. لكن تقوليلى أجيبلكم عرسان .. ده اسمه جنان .. عشان ما فيش عرسان .. دى كانت موضة زمان" . يالها من سخرية تدعوا إلى الضحك ؛ ولكنه ضحك بطعم البكاء .. وتتنقل بنا المؤلفة من قضية إلى أخرى ، ومن مشكلة إلى غيرها، ومن هم خاص إلى هم عام ، فنراها عندما تحاول أن تتغلب على مشاعرها وعلى كل ما عرفته عن الحياة ، وتحاول أن تتذوق طعم الحياة تجد أن طعمها مُر علقم: "يا دنيا ليه طعمك مُر فى حلقى زى الصبار؟! .. أنا ليَّ عليكِ حق ولا انت اللى ليكِ عندى تار؟!" . كما نجدها تغوص فى أعماق نفس بشرية مجروحة فتجدها تتوجع وتتألم بشدة : "آآآه .. جلبى مجروح .. أداوى الجرح آلاقى جروح .. ولما آجى أصرخ .. آلاقى صوتى مبحوح!!". ثم تنتقل بنا لتعكس خبايا النفس البشرية بشكل عام حتى تصل إلى الهم الأعظم الذى يؤرقها عندما تبوح بقلقها وخوفها على محنة مصر الحالية ، وتتوجع وتتألم من كل جوارحها حيث تقول: "قلبى بيصرخ من الخوف يا أم الصابرين .. على شعبك لا ينقسم نصين .. مش عارفة أزعل على مين وأفرح لمين .. دمى وقلبى مع الإتنين .. آه يا مصر يا أم الصابرين". وفى قصيدة أخرى تذكرنا بقضية قتل جنودنا برفح المصرية فى شهر رمضان وهم يفطرون بعد أن هتف المؤذن بآذان المغرب ؛ فتقول: "مين اللى قتلك يا جندى فى الميدان؟! .. فى ليلة من ليالى رمضان! .. قتلك سفاحين وقت الآذان .. وخلى أهلك يعيشوا فى أحزان!" . ونستطيع أن نستشف اتجاه وفكر الشاعرة نحو المشاكل التى تعانيها مصر من قولها فى احدى قصائد هذا الديوان: "أوعدك يامصر والوعد دين عليا .. أشيلك فى قلبى وجوه عنيا .. وطول ما أنا عايش على وش الدنيا .. ماهخلى حد يبيعك ولا يضحك تانى عليا .. لا بإسم الدين ولا بكلمة شرعية" . وفى قصيدة أخرى تقول "ثورة الحرية .. من أسوان للمطرية .. ومين يقدر يقف .فى وش الرجالة السٌمر القوية .. دول طالعين يرجَّعوا مصرنا الصبية .. من ايد شوية حرامية .. اللى اغتصبوها بإسم الشرعية" . ولكن هل الشاعرة قاتمة وسوداوية هكذا على طول الخط؟! ، لأ ، فهى بعد أن استعرضت لنا جوانب من النفس البشرية الشريرة تعود وتؤكد لنا أن تباشير الفجر قد لاحت ؛ فها هى تدعوا الأطفال – أمل الغد ، شموع الظلام ، شمس المستقبل – أن يلعبوا ويفرحوا ويستبشروا خيراً ؛ فإن الخير فيهم ولهم : "يا بنى إلعب .. اياك تحزن .. إجرى .. أوعى تقف .. اضحك .. زغرد .. اياك تبكى.. افرح بلياليها .. واستبشر بنهارها .. علىِّ صوتك بالأغانى .. واملى قلبك بالأمانى . انه حقاً ديوان يستحق القراءة ، وتجربة شعرية خليقة بأن نتوقف عندها ونشجعها . د / عمر فرج
إرسال تعليق