انتقد تقرير دوري لمفوضة الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان الاثنين تورط اسرائيل والسلطة الفلسطينية والسلطات الفعلية في قطاع غزة في انتهاكات لحقوق الانسان لكنه افرد المساحة الاكبر للممارسات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقطاع.
وقال التقرير السنوي الرابع للمفوضة عن حالة حقوق الانسان في فلسطين وفي الاراضي العربية المحتلة الاخرى "يشير عدد من القضايا التي وثقتها المفوضية 'العليا لحقوق الانسان' الى ان جيش الدفاع الاسرائيلي يستخدم في اغلب الاحيان الذخيرة الحية ضد الفلسطينيين العزل".
ويغطي التقرير الفترة من اول ديسمبر/كانون الاول 2010 حتى 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2011.
واضاف التقرير الذي صدر في القاهرة في نفس يوم صدوره في جنيف مقر مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة "يثير استخدام الاسلحة النارية ضد العزل مخاوف جدية فيما يتعلق بقواعد اطلاق النار والتدريب الذي تتلقاه قوات الامن الاسرائيلية".
وقال ان انعدام المساءلة لقوات الامن ما زال "يثير قلقا بالغا".
وانتقد التقرير ايضا "الممارسات التمييزية التي يستند اليها توسيع المستوطنات 'الاسرائيلية' وافلات المستوطنين الذين يرتكبون اعمال عنف من العقاب".
وقال "تعتبر القيود التي تفرضها اسرائيل على عمليات البناء الفلسطينية تحديدا ممارسات تمييزية صارخة".
وبلغ اجمالي عدد المباني الفلسطينية التي هدمتها السلطات الاسرائيلية خلال الفترة التي يغطيها التقرير 574 مبنى منها 203 بنايات سكنية مما ادى الى تشريد ما لا يقل عن 957 فلسطينيا.
واشار التقرير الى النظام القانوني المزدوج في التعامل مع المستوطنين والفلسطينيين.
وقالت خولة مطر مديرة مركز الامم المتحدة للاعلام بالقاهرة اثناء مؤتمر صحفي لعرض التقرير "يحاكم المستوطنون امام محاكم مدنية والفلسطينيون امام محاكم عسكرية وهو ما ينتهك القانون في اسرائيل نفسها".
واكد التقرير ان الحصار الاسرائيلي المفروض على غزة منذ خمس سنوات يؤثر كثيرا على حالة حقوق الانسان في غزة.
وقال "ما زالت معدلات البطالة تتزايد اذ يقدر عدد العاطلين عن العمل بنسبة 26 في المئة من السكان ويشمل هذا العدد 38 في المئة من الشباب".
واضاف "وبسبب استمرار القيود المفروضة على استيراد مواد البناء وغياب فرص العمل البديلة والاحتياجات الهائلة في مجالي السكن والهياكل الاساسية.. يتواصل نمو اقتصاد الأنفاق".
ودعا التقرير اسرائيل الى اتخاذ الاجراءات الضرورية لتجنب الاستخدام المفرط للقوة ولمساءلة افراد قواتها الامنية ولمنع هجمات المستوطنين الاسرائيليين على المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم ووقف الممارسات التمييزية وايضا الالتزام بفتوى محكمة العدل الدولية التي الزمت اسرائيل بوقف تشييد الجدار العازل الذي تبنيه داخل الاراضي الفلسطينية وتفكيك الاجزاء المقامة داخل تلك الاراضي والتعويض عن الاضرار.
وادان التقرير ايضا "الانتهاكات المرتكبة في سياق الاعمال العدائية" من جانب السلطات الفعلية في غزة والجماعات الفلسطينية المسلحة.
وقال "اطلق ما مجموعه 499 صاروخا... و328 قذيفة هاون" على اسرائيل اثناء الفترة التي يغطيها التقرير "وسقط عدد كبير من هذه الصواريخ وقذائف الهاون في مناطق مدنية داخل الاراضي الاسرائيلية".
واشار التقرير الذي اعتمد على اصدارات حقوقية وزيارات ميدانية الى ان السلطات الفعلية في غزة لديها فيما يبدو "قدرة معينة على وقف الهجمات العشوائية بالصواريخ" بدليل مرور "فترات زمنية طويلة لم يطلق خلالها اي صاروخ من غزة في اتجاه الاراضي الاسرائيلية".
وحدث ذلك عقب اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين في مايو/ايار 2011 وقبيل ابرام اتفاق تبادل الاسرى مع اسرائيل في اكتوبر/تشرين الاول 2011.
وانتقد التقرير التضييق من جانب السلطات الفعلية في غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس ومن جانب السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية على حرية التعبير والرأي والتجمع.
واشار ايضا الى استمرار ورود تقارير عن حالات احتجاز تعسفي في المنطقتين واساءة معاملة المحتجزين.
ودعا التقرير سلطات غزة الى ان تكفل احترام القانون الانساني الدولي من جانب افراد جماعاتها المسلحة والجماعات الخاضعة لسلطتها وخاصة فيما يتعلق بحظر استهداف المدنيين. ودعا السلطة الفلسطينية الى ضمان التزام جميع اجهزة انفاذ القانون بالمعايير الدولية والكف عن اعتقال الاشخاص تعسفيا.
من ناحية اخرى ارتفع الى ثلاثين عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية المضربين عن الطعام في حركة احتجاجية باتت تعرف بـ "سلاح الامعاء الخاوية" في ظل غياب اي تقدم في المفاوضات قد يقود الى اطلاق سراحهم.
وقال رئيس نادي الاسير الفلسطيني قدروة فارس "الاسرى في سجون الاحتلال يستخدمون سلاح الامعاء الخاوية بعدما ارتفعت وتيرة القمع بحقهم في ظل غياب قنوات حوار مع الجانب الاسرائيلي".
وحسب نادي الاسير الفلسطيني فان مطالب المضربين عن الطعام تشمل المطالبة بالغاء الاعتقال الاداري، والغاء سياسة العزل، كما ان النواب المعتقلين يضربون احتجاجا على اعتقالهم رغم انهم نواب في المجلس التشريعي.
وقال فارس ان هناك مشاورات مكثفة بين المعتقلين الفلسطينيين في مختلف السجون الاسرائيلية لاعلان "اضراب كبير عن الطعام" في جميع السجون الاسرائيلية.
واوضح فارس ان الاسرى في السجون الاسرائيلية "يتعرضون لحملة قمع تقودها مصلحة السجون الاسرائيلية برعاية الحكومة الاسرائيلية، وهو ما اوصل الاسرى الى هذا الخيار، خاصة وانه لا توجد قنوات حوار او مفاوضات مع السلطة الوطنية لتحسين شروط حياتهم".
وتوقفت المفاوضات السياسية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي منذ شهر ايلول/سبتمر من العام 2010، حيث تطالب السلطة الفلسطينية اسرائيل بتجميد الاستيطان واعتماد حدود الرابع من حزيران/يونيو من العام 1967 اساسا لاي مفاوضات سياسية جديدة.
وحسب نادي الاسير فان مصلحة السجون الاسرائيلية فرضت قيودا على المعتقلين الفلسطينيين ابان احتجاز الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط لدى مجموعات فلسطينية مسلحة في غزة ما بين 2006 ولغاية العام الماضي، وتسربت معلومات عن امكانية تحسن اوضاع المعتقلين عقب اطلاق سراح شاليط ضمن صفقة تبادل اواخر العام الماضي.
الا ان فارس اوضح في هذا الصدد "عقب اتمام صفقة التبادل واطلاق سراح شاليط، لم تتغير اوضاع الاسرى في سجون الاحتلال، بل ازدادت سوءا، وهو ما دفع الاسرى الى استخدام ورقة الامعاء الخاوية".
واوضح ان "مشاورات تجري حاليا في كافة سجون الاحتلال، ومع ان حالات الاضراب عن الطعام لا تزال فردية، فسيكون هناك اضراب كبير عن الطعام في مختلف السجون الاسرائيلية خلال الشهرين المقبلين".
وبدأ المعتقل كفاح حطاب (52 عاما) منذ الاول من اذار/مارس الحالي، اضرابه عن الطعام مطالبا باعتباره اسير حرب، وليس معتقلا عاديا.
وعمل حطاب طيارا في مطار غزة حتى العام 2002، حين قامت اسرائيل بتدمير المطار اثر الانتفاضة الفلسطينية المسلحة في العام 2000، فانتقل الى العمل في الضفة الغربية مديرا للدفاع المدني، حتى اعتقاله في العام 2003 من بيته في مدينة طولكرم.
وحسب زوجته ام قصي فقد حكم على حطاب بالسجن المؤبد مرتين، بتهم امنية، وقالت ان زوجها مضرب عن الطعام للمطالبة باعتباره "اسير حرب".
وقالت الزوجة "صحيح ان زوجي مضرب عن الطعام للمطالبة باعتباره اسير حرب، الا انه يمثل عشرات الاسرى العسكريين الذي اعتقلتهم اسرائيل، وتعتبرهم معتقلين مدنيين".
وحسب نادي الاسير الفلسطيني فان اسرائيل تحتجز 700 من الذين كانوا على رأس عملهم في الاجهزة الامنية الفلسطينية، ومنهم من اعتقل وهو يرتدي بزته العسكرية.
وقال امين شومان رئيس الهيئة العليا الفلسطينية للدفاع عن الاسرى والمحررين "اسرائيل حاولت اعطاء المعتقلين الفلسطينيين العسكريين بطاقات خاصة داخل السجن لتمييزهم عن باقي الاسرى، الا ان مصلحة السجون الاسرائيلية تراجعت عن ذلك".
وقال شومان "كثير من الاسرى العسكريين تم اعتقالهم اثناء عملهم، وهم يرتدون بزتهم العسكرية، بالتالي يجب اعتبار هؤلاء اسرى حرب".
واحدث المعتقل الفلسطيني خضر عدنان حالة حراك في الشارع الفلسطيني حين التزم اضرابا عن الطعام لمدة 66 يوما ضد وضعه في الاعتقال الاداري، ولم يوقف اضرابه الا بعد التوصل الى اتفاق مع النيابة العسكرية الاسرائيلية بعدم تمديد اعتقاله لفترة جديدة.
كما واصلت المعتقلة هناء شلبي اضرابها عن الطعام لليوم الثالث والثلاثين احتجاجا على وضعها في الاعتقال الاداري، واحتجاجا على تعرضها للضرب عند اعتقالها في السادس عشر من شباط/فبراير الماضي.
والتحق النائب عن حركة حماس احمد الحاج علي بالمعتقلين المضربين عن الطعام، وبدأ اضرابه منذ ستة ايام، احتجاجا على وضعه في الاعتقال الاداري رغم انه نائب منتخب في المجلس التشريعي الفلسطيني.
وقال قدروة فارس "توجه الاسرى الفلسطينيين لسلاح الامعاء الخاوية يأتي في ظل غياب اي حوار او مفاوضات مباشرة او غير مباشرة بين القيادة الفلسطينية واسرائيل".
واعتبر فارس ان الدخول في حوار مع الجانب الاسرائيلي لتحسين اوضاع المعتقلين الفلسطينيين "لا يعني موافقة القيادة الفلسطينية على العودة للمفاوضات السياسية".
وتشير ارقام صادرة عن وزارة الاسرى الفلسطينية تعود الى العام 2011 ان هناك ما يقارب 5800 معتقل فلسطيني في اسرائيل من بينهم 35 امراة و285 قاصرا و260 شخصا محتجزون دون توجيه تهم اليهم في اجراء يعرف بالاعتقال الاداري.
وتقول الوزارة ان 22 نائبا فلسطينيا هم وراء القضبان من بينهم 19 ينتمون لحركة حماس.
ووفقا لارقام تلقتها مؤسسة بيتسيلم الاسرائيلية لحقوق الانسان من مصلحة السجون الاسرائيلية في اواخر اب/اغسطس فان هناك 5204 معتقلين فلسطينيين في اسرائيل من بينهم 29 امراة و176 قاصرا.
إرسال تعليق