Home » » خيرية الأمة الإسلامية ليست عنصرية ..أساسها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

خيرية الأمة الإسلامية ليست عنصرية ..أساسها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

رئيس التحرير : Unknown on الجمعة، 13 يوليو 2012 | 9:07 ص


يقول الحق سبحانه وتعالى مخاطباً الأمة الإسلامية: “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” فلماذا اختص الله الأمة الإسلامية بهذا الوصف؟ وهل هذه الخيرية مرتبطة بمهام وواجبات ألزمها الله بها؟ وماذا لو تخلت الأمة عن واجباتها وانساقت وراء شهواتها وأطماعها؟

هذه التساؤلات وغيرها نحاول الإجابة عنها من خلال هذه السطور ليعرف كل مسلم طبيعة وخصائص الأمة التي ينتسب إليها ويتعرف إلى الواجبات المنوطة به تجاه دينه وتجاه أمته .


في البداية يوضح المفكر الإسلامي د . محمد عمارة عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أن خيرية الأمة الإسلامية وتميزها بين كل أمم الأرض ليست عنصرية ولا هي مجرد هبة إلهية مثل المزاعم التي يعتقدها شعب الله المختار . . هؤلاء الذين يظنون أو يتوهمون أن الخالق عز وجل قد فضلهم ذاتياً على كل خلقه حتى ولو ارتكبوا أبشع الجرائم وأحقرها ضد الإنسانية .

ويضيف: هناك العديد من الصفات المكتسبة من التعاليم الدينية فضلاً عن الإرادات والطموحات والقدرات والمهارات التي تحقق الأفضلية لأمة على بقية الأمم، والأمة الإسلامية اكتسبت هذه الأفضلية بالإيمان والتقوى ومحاسن الأخلاق فضلا عن البراعة في العلوم والفنون والآداب وفي المهارات التي تصنع العلوم والفنون من الممارسات والتطبيقات، فبهذه “الصفات المكتسبة” يتمايز الناس أفرادا وجماعات ويتفاضلون ويتسابقون على درجات سلم الخيرية، لأن اكتساب هذه الصفات والتسابق في ميادينها هو مما يستطيعه الكافة بحسب ما لديهم من عزائم وإرادات وقدرات ومهارات وبقدر ما يبذلون في ذلك من مجهودات وتضحيات .

ويوضح د .عمارة أن خيرية الأمة الإسلامية ترتبط بما يشيعه أبناؤها من قيم التسامح والرحمة والعدل والرأفة والإحسان وغيرها من الخصائص والسمات الأخلاقية الفاضلة بين الناس، فضلا عما يقوم به المسلمون من عمل إنساني وحضاري، وبقدر ما يكون العطاء تكون الأفضلية والخيرية، فالخالق عز وجل لا يميز إنساناً على آخر بلونه أو حسبه أو نسبه أو ثروته . . لكن الأفضلية والتكريم تكون لهؤلاء الذين “يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله” إلى جانب ما يتحلون به من صفات وخصائص إنسانية تجعل سلوكياتهم بين الناس محل احترام وتقدير الجميع .

قيم وشروط

وهنا يتضح أن خيرية الأمة الإسلامية مشروطة باكتساب هذه الأمة للعديد من القيم والمبادئ والشروط أبرزها:

* أن تكون هذه الأمة مؤمنة، جامعة في إيمانها كل أركان الإيمان (الإيمان بالله واليوم الآخر وبدين الإسلام الخاتم وبسائر النبوات والرسالات)، وذلك حتى لا تكون هذه الخيرية مجرد “منافع” دنيوية يحسها العقل المجرد عن الشرع بعيدا عن الانتماء لخالق الخير وواهبه للإنسان .

* أن ترتقي هذه الأمة كي تحقق الخيرية على غيرها من الأمم على سلم الإيمان، فتحقق مستوى التقوى، وللخيرية في هذا المستوى درجات، أعلاها أن يتقي الإنسان ربه حق تقاته “اتقوا الله حق تقاته” (آل عمران: 102) وأدناها أن يتقي الإنسان خالقه قدر المستطاع “فاتقوا الله ما استطعتم” وللاستطاعة هي الأخرى درجات يتفاوت في طلبها وتحقيقها المتقون .

* ألا تكون هذه التقوى مقصورة على ذات الفرد التقي، لأن الإسلام دين الجماعة، وكثير من فرائضه وتكاليفه جماعية واجتماعية، لا تتأتى ولا تقام إلا من وطن وأمة وجماعة واجتماع حتى إن رهبانية الإسلام كانت الجهاد في سبيل الله وليست العزلة الفردية التي تبغي الخلاص الفردي عن طريق إدارة الظهر للجماعة والمجموع، ولذلك كانت خيرية الأمة الإسلامية مرهونة بتحقيق فريضة التآلف والألفة والاتحاد وإشاعة قيم التسامح والرحمة بين الناس .

* أما الشرط الرابع لخيرية الأمة الإسلامية فيراه الدكتور عمارة شرطاً عاماً يشمل سائر فرائض العمل الاجتماعي العام، وهو أن تكون الأمة آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر، مغيرة للمنكر إذا وقع .

الفريضة الجامعة

إن الأمة الإسلامية بكل أفرادها وجماعاتها مطالبة بالتحلي بقيم العدل والتسامح والرحمة والصبر واحترام حقوق الآخرين حتى ولو كانوا يناصبوننا العداء ويعلنون الحرب علينا .

والأمة الإسلامية مطالبة بتطبيق منهاج الوسطية الإسلامية الجامعة في الفكر والتطبيق، وإقامة الشورى في الأسرة والمجتمع والدولة، والتكافل الاجتماعي الذي يحقق عدالة التوازن العادل بين شرائح المجتمع الإسلامي وطبقاته حتى تكون الأمة كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى .

والأمة الخيرة هي التي تحقق قيمة الحرية المضبوطة بضوابط الشريعة الإلهية في مختلف ميادين الحياة الفكرية والعملية، وهي التي تعتمد الجهاد لنصرة المظلومين وتحرير المستضعفين في الأرض، وهي التي تتسابق على طريق الخيرات التي تحقق سعادة الناس في الدنيا والآخرة .

كل هذه الفرائض الاجتماعية وأمثالها هي بعض من التكاليف التي وضعها الإسلام تحت الفريضة العامة والجامعة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” وهنا يتجسد معنى قول الحق سبحانه “والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم” .

فبإقامة هذه الفرائض الاجتماعية تتحقق خيرية الأمة الإسلامية، وغياب هذه الفرائض الاجتماعية وصفاتها يسلب الناس معنى الخيرية .

ويوضح الدكتور عمارة أن جميع شروط خيرية الأمة الإسلامية وصفاتها ومؤهلاتها مكتسبة وأبواب ميادينها مفتوحة أمام سائر عباد الله، وليست صفات لصيقة ولا هي حكر على من يتسمون بأسماء المسلمين ويدعون أنهم مسلمون، ففارق كبير بين أن يكون الناس مجرد مسلمين وبين أن يكونوا الأمة الإسلامية التي هي خير أمة أخرجت للناس . والقرآن الكريم يقول: “ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم” فأبواب الخيرية مفتوحة أمام الجميع وهي موصدة أمام الذين أوصدوها باختيارهم عندما كفروا بالتوحيد وفرقوا بين الرسل، وكتبوا الكتاب بأيديهم، ثم قالوا هو من عند الله، وعندما “كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون” .

تسامح المسلمين

لكن: كيف انتشرت رسالة الإسلام واتسعت رقعة الدولة الإسلامية رغم كل المعوقات؟

يقول د .سعد الحلواني أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر: انتشرت رسالة الإسلام بسرعة فائقة في كل ربوع العالم بفضل قيم العدل والتسامح والرحمة وغيرها من القيم الإنسانية الرفيعة التي جاء بها هذا الدين العظيم، وهذه القيم هي التي تضبط سلوك المسلم وتحدد له إطار المباح والمحظور والمشروع وغير المشروع من السلوكيات والتصرفات والمعاملات، وبهذه القيم الإنسانية انتشر الإسلام في ربوع العالم ووجد طريقه إلى العقول والقلوب .

ويؤكد أن تسامح المسلمين ليس شعاراً مثل تلك الشعارات الفارغة التي يطلقها الغربيون وهم من داخلهم ليسوا متسامحين، فالتسامح يعني قبول الآخر وإعطاءه الحرية كاملة ليمارس شعائر دينه ويرتدي الملابس ويتحلى بالخصائص والسمات التي تجسدها تعاليم ومبادئ دينه، ومن هنا فإن تسامح المسلمين مع المخالفين لهم في العقيدة ليس شعاراً فارغاً، بل هو حقيقة تتجسد في كل سلوكيات المسلمين وقناعاتهم الفكرية ."الخليج"
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق