Home » » سليم عزوز يكتب: مرسي رئيسا لمصر وعندما كنت في القصر الجمهوري وصفوت الشريف يشاهدني من سجنه!

سليم عزوز يكتب: مرسي رئيسا لمصر وعندما كنت في القصر الجمهوري وصفوت الشريف يشاهدني من سجنه!

رئيس التحرير : Unknown on الخميس، 5 يوليو 2012 | 2:04 م


من قبل كتبت: ' انتهت الثورة'، وذلك على طريقة جميل عازر وهو يقول: ' انتهت النشرة'، مع الفارق فأنا كتبتها يأساً، وجميل عازر يقولها قرفاً من المشاهدين، وزميل راحل كان يقلده فيقول: ' انتهت النشرة' ثم يبصق في الهواء. وتشعر ان عازر مغلوب على أمره ولا يرى أننا معشر المشاهدين أهلا لأن يقرأ واحدً في قدره ومقداره العظيم ' نشرة الأخبار' لنا، فمن نحن حتى يقرأ لنا؟ لكن كما يقولون أكل العيش مر.
وبالرغم من هذه الطريقة المتعالىة فان جميل عازر له معجبون كثيرون يسألون عنه إذا غاب عن الشاشة، لتصدق في حالته نظرية ' القط يحب خناقه'، وعندما كتبت عنه من قبل انه ابتسم ابتسامة خفيفة مرحباً عندما رآني في أستوديو الجزيرة وكان يستعد لقراءة موجز الأنباء ظن بي القراء ظن السوء واعتقدوا أنني استخف بعقولهم.. على النحو الذي حدث في الأسبوع الماضي عندما رويت واقعة الغراب الذي أصيب بالجنون من جراء ما فعله به صديق طفولة، ولمن شغلته هذه الواقعة نؤكد له انها صحيحة، ومضطر الآن للاعتراف بأن من أصاب الغراب بالجنون لم يكن صديق طفولة، أو زميل دراسة، بل كنت أنا.. حوالىكم لا علىكم.
عندما كتبت ' انتهت الثورة' كانت الثورة المضادة في أعلى درجات المد على النحو الذي دفع الإعلاميين الفلول للجهر بالمعصية، ومنذ ان غادر الرئيس المخلوع وقد تحولوا، وبعضهم قدم نفسه على انه من فجر الثورة، وها هم يعودون من حيث أتوا، واحدهم عضو في لجنة السياسات بالحزب الحاكم ' المنحل' لصاحبه جمال مبارك ومع هذا عاش في دور المناضل الثوري، وأوشك ان يكتب مذكراته عندما كان في التحرير، وعمرو أديب فتى النظام المدلل بكى في لقاء تلفزيوني وهو يروي كيف ان حسني مبارك بشحمه ولحمه قال انه لا يرىد ان يراه مرة أخرى على الشاشة، وإذا بعقيلته السيدة لميس الحديدي تقول ان سوزان مبارك كانت تغار من شياكتها، ومذيعة سجنت في قضية رشوة صرحت ان سوزان مبارك كانت تغار منها وتخشى على بعلها من جمالها، فدفعت بها إلى السجن، وعلى نحو يوحي بان حرم المخلوع لم يكن لها ' شغلة ولا مشغلة' إلا أن تغار، فتغار من ' شياكة' لميس'، ومن قوام المذيعة إياها، مع ان قوامها يؤكد أنها دخلت السلك النسائي عن طريق الخطأ.
اعتقاد الفلول في مجال الإعلام ان الفريق احمد شفيق فائز في الانتخابات فما في ذلك شك، هو الذي دفعهم الى الخروج عن الموضوعية والانحياز له، وبدا واضحاً ان أهل الحكم يرىدون العبث في النتيجة لكن الثورة المصرية حمت إرادة الناخبين من العبث بها، لينجح الدكتور محمد مرسي بعد حملة الإبادة الإعلامية التي تعرض لها، فلما كانت ليلة الانتخابات اذا بأكثر من برنامج من برامج ' التوك شو' ترمي بآخر الحيات لديهم والتي تمثلت في التقارير الطبية التي تقول ان الحالة الصحية لمرسي لا تمكنه من إدارة البلاد، وتم إذاعة تقارير لم نتمكن من التأكد من صحتها، فقد كان هذا في غيبته، وكانت هذه هي الضربة الأخيرة، فإذا ما فعلوه هو كيد ساحر، ولا يفلح الساحر حيث أتى.

نجاح مرسي

وقد فاز بالرغم من هذا الدكتور محمد مرسي، وانتظرنا ان يوفي القوم بوعودهم فلم يفعلوا، فعمرو أديب زوج خالدة الذكر لميس الحديدي قال اذا حكم الإخوان فسوف اخرج لميدان التحرير عاريا، وانتظرنا خروجه المبارك فلم يفعل إلى الآن والى لحظة كتابة هذه السطور، أما نجيب ساويرس صاحب قناة ' اون تي في' والذي أعلن انحيازه بشكل واضح وصريح للفريق احمد شفيق، ومنع الإساءة إلىه في قناته ولو بشطر كلمة وعلى نحو دفع الإعلامي المرموق يسري فودة الى مغادرتها، فقد قال اذا نجح مرسي فسوف انتحر، وقد مر أسبوع على نجاح مرسي ولم ينتحر ساويرس، وهناك طريقة ناجعة في الانتحار مجربة وهي تناول ' سم الفئران'.
لم يكن الدكتور محمد مرسي هو خياري في الأولى أو في الثانية، ففي الجولة الأولى انتخبت مرشحاً وسقط بطبيعة الحال، فلم يحدث طيلة مسيرتي الانتخابية ان انتخبت احداً ونجح، وفي الثانية قاطعت، وكثيرون ممن قرروا المقاطعة عندما وجدوا احتشاد الفلول على قلب رجل واحد انتخبوا مرسي، الذي كان هو قدر الثورة وليس خيارها.
فالسلفيون أرادوا حازم أبو إسماعيل، والإخوان أرادوا خيرت الشاطر، والليبرالىون تمنوا الدكتور محمد البرادعي، والناصريون احتشدوا خلف حمدين صباحي، ولن أقول ما يقوله غيري: والله أراد محمد مرسي حتى لا يتهمني احد بالدروشة، مع اني في الأصل نصف درويش، وفي جمعة النصر الذي أم فيها الشيخ يوسف القرضاوي المصلين بميدان التحرير هتفت مع الأصوليين المتشددين: ' الله وحده اسقط النظام'، وفي الىوم التالي وجدت هجوماً ليبرالىاً كاسحاً على هذه الدروشة، لان الهتاف لا يتفق مع التفكير المنطقي الاستراتيجي، فأخفيت في نفسي ما الله مبديه.
في أيام الثورة كنت ' على خط النار' من أول يوم إلى آخر يوم، ومع بالغ احترامي لأصحاب التفكير العملي المنهجي المنبعث من البؤرة والفراغ، فانا عندما أتذكر تفاصيل هذه الأيام، فان ما جري لا أتقبله على قاعدة علمية وإنما اشطح شطحة صوفي ولا يخالجني الشك لحظة ان الله كان مع الثوار، وقد أمدهم بمدد من عنده!
عندما دخل الدكتور محمد مرسي القصر الجمهوري قلت هذا امر يجعل الكافر يؤمن بالله، فعلق صديق: ويجعل المؤمن ضعيف الإيمان يكفر. واختلفت معه فربما الاوقع ان يصاب هذا المؤمن باللوثة التي أصابت الغراب عندما غافلته وأخذت بيضه ووضعت بدلا منه بيض دجاجة فلم ينتبه المعتوه الى اختلاف الشكل والحجم وظل راقدا علىه الى ان اخرج ' كتاكيت'، فتصرف كالذي تتخبطه الشياطين من المس!.
الدكتور محمد مرسي كان سجيناً في عهد النظام البائد، فدخل القصر، وساكن القصر كان سجاناً فأصبح سجيناً، واحتشد الإعلام المصري خاصه وعامه في ليلة من ذات الليالي للترويج بأن المخلوع مات او انه في طريقه للموت، بهدف وحيد هو نقله من السجن الى المستشفى، وهي ذات المستشفى التي مات فيها عبد الناصر وانور السادات، لكن توقف الحديث عن موته بعد النقل.

في قبضة الفلول

وعلى ذكر (عامه) هذه فان مثلي في دهشة لان يظل التلفزيون الرسمي الى ان الآن في قبضة الفلول، وثلاثي أضواء المسرح به: الوزير ورئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون، ورئيس قطاع الاخبار إبراهيم الصياد وهم من الخلايا النائمة للثورة المضادة، وقد استيقظت كل الخلايا النائمة والمتمارضة في الآونة الأخيرة ونشطت، ظنا منها ان زمانها سيعود فإذا بكيدهم في نحورهم لم ينالوا خيراً.
وإذا كان الكلام يجر بعضه بعضاً كما كانت تقول جدتي فقد سعدت عندما علمت ان الإعلامي الكبير حمدي قنديل هو وزير الإعلام القادم لكن ارتد إلى القلب خاسئاً وهو حسيرا عندما علمت ان المجلس العسكري يصر على بقاء الوزير الحالي، لأنه جنرال وكمكافأة له على فشله، وكل خيارات المجلس العسكري الحاكم في السنة والنصف الماضية هي خيارات فلولية سواء من الخلايا النشطة او الخلايا النائمة وحسب الأحوال.
ويقال إن الإخوان يرىدون ان يشغلوا منصب وزير الإعلام بأحد عناصرهم، وكان علىهم ان يدفعوا بكفاءاتهم إلى إعلامهم الخاص، الذي هزم في موقعة الإعلام الكبرى هزيمة نكراء، ولدى القوم قناة تلفزيونية طاردة للمشاهدين، وإذا كانت هذه هي 'العينة'، فان التلفزيون المصري سينتقل على أيديهم من فشل إلى فشل!.
ما علىنا، فليس دخول الدكتور محمد مرسي فقط القصر الجمهوري ما يعد آية، فقد دخلت انا القصر يوم الخميس الماضي، وجلست وجهاً لوجه مع السيد رئيس الدولة، وكل من شاهدوا نشرات الأخبار في هذا الىوم المجيد لابد وان يكونوا قد رأوا طلعتي البهية واكتحلت أعينهم بالنظر إلي، وفي مثل هذه المناسبات فان صفوت الشريف من كان يظهر بصفته كبير العائلة الإعلامية.. لكن الشريف كان في السجن وانا كنت في القصر، وهو موقف كان يحتاج إلى خطبة رنانة للراحل الشيخ عبد الحميد كشك يصف فيها المشهد ثم يتساءل بطريقته المعهودة: فمن الواحد؟، فيرد المصلون علىه في نفس واحد: الله.
منذ بداية ترشحه لم اقل كلمة في صالح محمد مرسي ومع هذا تلقيت دعوة لحضور لقاءه، وكان معظم الحضور هم خصومه الذين انحازوا إلى منافسه ولم أكن منهم لأنهم فلول، فقد قدم نموذجاً على انه لا يؤمن بالإقصاء والتهميش وكنا أمام رئيس دولة من طراز مختلف، دفعنا الاستحقاقات اللازمة من لحم الحي ودماء الشهداء لنصل إلى هذه اللحظة.
من بين المدعوين من استعرضوا شجاعتهم المفقودة واحتدوا على الرجل بالقول، فلم يخرج عن هدوئه، ومنهم من كان من سدنة المعبد القديم، ولم يكن احد منهم يجرؤ على التنفس في حضرة الرئيس المخلوع او في حضرة حرمه، او في حضرة 'المحروس'، وأحدهم سبق له ان أيد جمال مبارك لأنه من جيله.. ونعم الجيل!.
سألني احد الزملاء عن انطباعي وقلت له ان المقابلات التلفزيونية ظلمت محمد مرسي، ربما لانه كان يتعامل مع المحاورين على انهم خصوم فيذهب محتشداً، وقد كانوا بالفعل كذلك، وبعضهم كان يسعي للنيل منه وتقديمه للرأي العام على انه لا يليق بالمنصب.
قال مرسي ان الصحافيين المصريين اكبر من ان يحتووا او ان يوجهوا، فقد انتهى زمن الاحتواء والتوجيه. وهو عندما يتكلم تشعر بالصدق في كلامه وتلمسه. وهناك من طالبوا بضمانات وكأن المطلوب منه ان يوقع لنا على إيصالات أمانة وعلى شيكات بنكية.
زميلي قال لي ماذا شربتم هناك، وعلى الفور انتبهت إلى انه يظن أنني شربت شايا بالىاسمين، على النحو الذي جاء في فيلم ' مرجان احمد مرجان' بطولة عادل امام، فمن كان يهاجمه في الصحف تحول الى ولي حميم بمجرد ان شرب عنده الشاي بالىاسمين.
الحقيقة أننا تعرضنا لمقلب، فموعد اللقاء كان في الظهيرة وقت الغذاء، والرئيس شرقاوي من محافظة الشرقية، ويقال ان الشراقوة هم اولاد عم الصعايدة، وهم كرماء إلى درجة الإسراف، ويقال عنهم انهم ' عزموا القطار' فقد تعطل القطار قديما في الشرقية، فخرج الأهالي يقدمون طعام بيوتهم للركاب.
قلت ان الرئيس سيبدأ علاقتنا به بالعيش والملح، الذي لا يخونهما الا كل خائن بالوراثة، لكن ما شربناه كان شايا وكفي، ولم يكن بالىاسمين بل كان لافتا انه كان بدون سكر تماماً، ربما من باب ترشيد النفقات، وأخذت رشفتان وتنازلت عن قدحي الذي هو ' خمسينة' في حجم ' عقلة الإصبع'، من اجل محدودي الدخل!
لقد انتصرت الثورة ، حتى وان كان آخر صبرنا شايا بدون سكر، نقول في الصعيد ان المنحوس يعضه الكلب في السوق!"القدس العربى"
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق