Home » » السلطة في ايران ومصر بعد قيام الثورتين ودور القيادة في الثورتين المصرية والايرانية

السلطة في ايران ومصر بعد قيام الثورتين ودور القيادة في الثورتين المصرية والايرانية

رئيس التحرير : Unknown on السبت، 7 يوليو 2012 | 8:22 ص


ايران ومصر بلدان مهمان في منطقة الشرق الاوسط، اذ يتماثلان في تاريخهما العريق وثقافتمها ومستوى وعي شعبيهما ويختلفان في اللغة والنسيج القومي. وما نريد التطرق اليه هنا هو التشابه والاختلاف في حدثين مهمين هزا المنطقة بل والعالم، هما الثورة الايرانية التي انتصرت في شباط (فبراير) 1979 والثورة المصرية التي قامت في نفس الشهر من العام 2011 اي بعد 33 عاما من قيام الثورة الايرانية. 

تعد الثورة المصرية الحدث الاهم والابرز في مسلسل الثورات التي عمت المنطقة العربية، ورغم بعض وجوه التماثل بين الثورتين المصرية والايرانية الا ان هناك تبايناً في التداعيات التي اعقبت الثورتين، وعلى هذا الاساس لا يرى بعض المحللين سببا للقلق الذي ينتاب بعض الناس من ان تسير الثورة المصرية على نهج الثورة الاسلامية في ايران. ويدور القلق هذا بمعظمه حول مدى قوة ونفوذ الاصوليين الاسلاميين واحتمال اقامة ديكتاتورية دينية في مصر.

دور القيادة في الثورتين المصرية والايرانية

لم تشهد الثورة المصرية وجود شخصية كاريزمية مهيمنة ونافذة خلافا لما شاهدناه في الثورة الايرانية. وقد اندلعت الثورة المصرية اثر الامتعاض الشعبي الواسع والمتراكم عبر العقود من نظام حسني مبارك وبالتأثير من الثورة التونسية. وخلافا للثورة الايرانية التي وصفت نفسها بانها اسلامية وجاءت بشعارات معادية للغرب واسرائيل، لم تطرح الثورة المصرية شعارات معادية للولايات المتحدة بل اتسمت بالتعددية وشددت على الديمقراطية والدولة المدنية. وقد كان لاية الله الخميني دور فاعل ومؤثر على مسار الثورة الاسلامية وعلى سلوك وافكار الثوريين الاسلاميين اذ ما زلنا نشاهد تاثير سلوكه واخطاء عهده على النظام السياسي في ايران، بل ولا يزال قادة الحركة الاصلاحية والخضراء المعارضة يتمسكون باحاديثه وافكاره. 

اضف الى ذلك ان الاسلام السياسي في ايران الشيعية والمتبلور في نظرية "ولاية الفقيه" الراديكالية يشدد على الدور القيادي لرجال الدين في ادارة الدولة، فيما لا يعترف الاسلام السياسي في مصر بدورٍ ومكانة خاصة لرجال الدين السنة في النظام السياسي، بل وتؤكد المؤسسة الدينية في مصر وعلى رأسها الازهر على مدنية الدولة لكنها تطالب فقط بضرورة عدم تناقض القوانين المدنية والقضائية مع الشريعة الاسلامية. 

ويعتقد اسماعيل جليلوند الكاتب في موقع "زمانه" الفارسي ان الجيش المصري خلافا للجيش الايراني ابان الثورة الاسلامية، لم يساير الثورة المصرية في كل خطواتها، بل احتفظ بقوته كركن اساسي من اركان السلطة السياسية في الازمة التي عمت البلاد عقب قيام الثورة وحال بذلك دون انهيار المؤسسات الرئيسية للسلطة في مصر بشكل كامل. اذ ادى الفراغ الناجم عن التدمير التام لآلة الدولة والجيش في ايران الى ظهور وحضور زعيم قوي مثل اية الله الخميني. ونرى الحضور القوي للجيش المصري بعد الثورة في الحفاظ على الاجهزة القضائية الموروثة من النظام السابق والموالية للجيش التي اصدرت قبل ايام حكما بحل البرلمان المصري التابع للغالبية الاسلامية وهي لم تصدر ايضا اي احكام مشددة ضد قادة النظام السابق.

وعلى هذا الاساس يمكننا القول بان الثورة المصرية قبل ان تكون تابعة عمياء لقادتها – كما حدث في ايران - ستكون اداة لظهور الرأي العام في المجتمع المصري ولتاثيره على قادة المجتمع. 

التباعد الزمني بين الثورتين

33 عاما تفصل الثورة المصرية عن الثورة الايرانية، وهذا يعني ان الاولى قامت في ظروف دولية تختلف عن الثانية. اي ان العالم في العام 2011 وخلافا لعام 1979 لم يتأثر بالحرب الباردة وهو يشهد ثورة معلومات وتطورا مذهلا في وسائل الاعلام وكثرة سكان المدن وتطورالتعليم العالي حيث تؤثر كل هذه الامور بدورها على الرأي العام. وهذا يعني ان الشعب المصري اليوم اكثر وعيا من الثوريين الايرانيين عام 79 وهو يخشى خطر الديكتاتورية الدينية وتبعاتها على المجتمع المصري. ويبدو ان هذا الخوف هو الذي ادى الى النتيجة الهشة التي حصل عليها مرشح اخوان المسلمين محمد مرسي، الفائز في الانتخابات الرئاسية في مصر. 

وقد اثرت الثورة الاسلامية في ايران على الحركات الاسلامية في المنطقة وهذا ماشاهدناه في معظم الدول العربية من العراق مرورا بلبنان وحتى الجزائر. اذ رحبت حركة الاخوان المسلمين في مصر بوصول الاسلاميين الى السلطة، غير ان حماسها انحسر بعد ان تضمن الدستور الايراني مبادئ شيعية صرفة ابعدت اهل السنة من تبوء مناصب قيادية في السلطة الايرانية. 

وقد هيأت الحرب الطويلة والدامية مع العراق (1980 – 1988) وكذلك تعرض ايران لضغوط سياسية واقتصادية خارجية، هيأت الاجواء لقمع المعارضين للاستبداد الديني والسياسي في ايران، فيما لم نر مثل ذلك في مصر اي لا حرب مع دولة خارجية ولا استئثاراً للسلطة من قبل الثوريين الاصوليين. 

كما ان مصر وفي حال استقرار الوضع السياسي فيها لن تكون تهديدا ايديولوجيا لسائر الدول كما هي ايران، بل ستكون صديقا لسائر الدول الاقليمية الفاعلة وذلك بسبب موقعها الجيو سياسي والاستراتيجي ووجود علماء ومفكرين دينيين وغير دينيين ومساحتها الواسعة وعدد سكانها الكبير والتاريخ الطويل لحركة الاخوان المسلمين وتأثيرها على سائر الحركات الاسلامية في المنطقة. اذ لن يستطيع قادتها ان يتذرعوا بوجود حرب او اجواء معادية للثورة في المنطقة لتعزيز الاستبداد السياسي والديني في المجتمع المصري. كما لا ننسى وجود اقلية مسيحية قبطية يصل عددها الى 10 في المئة من سكان البلاد.

السلطة في ايران ومصر بعد قيام الثورتين 

انضم الجنود وصغار الضباط وضباط الصف في الجيش الملكي الى الثورة الايرانية، كما تم اعدام القادة الكبار في الجيش والاستخبارات وبعض وزراء الحكومة الشاهنشاهية وتم طرد العديد من قادة الجيش والضباط خلال الاعوام القليلة التي تلت الثورة. وتشكل الى جانب الجيش الرسمي، جيش ثوري عقائدي عُرف باسم قوات الحرس الثوري، وساعدت كل هذه الامور على ان تتركز السلطة بيد اية الله الخميني ورفاقه المقربين. وهذا ما ادى الى قمع معظم المعارضة اليسارية والقومية والليبرالية. ولم نشهد ذلك بعد الثورة المصرية ما شاهدناه في ايران. هذا ما ادى الى تباين في بنية السلطة في البلدين خلال الاجواء الثورية. 

وقد اكدت نتائج الانتخابات الرئاسية الاخيرة في مصر للثوريين ان خشية نحو نصف الذين شاركوا في الانتخابات من فوز الاسلاميين، ادت بهم الى التصويت لرئيس وزراء نظام حسني مبارك. كما يمكن القول ان قسما من اصوات مرسي تعود الى الذين لا يريدون عودة الاوضاع الى ما كانت عليه في النظام السابق. 

ويرى الخبراء ان النتيجة الضعيفة التي حصل عليها محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية تجبره على ان يتقاسم السلطة مع الجيش المصري وسيساعد ذلك على الانتقال الى حكومة القانون وتثبيت الحريات السياسية. 

وتتوقع اسرائيل والقوى الغربية ان يحتوي الجيش المصري الثورة التي يطالب البعض باستمرارها وان يعمل على استقرار الوضع في البلاد. 

ولا يمكن غض الطرف عن دور الاحداث المحتملة والعوامل الاقتصادية والدولية على مستقبل مصر، لكن يبدو ان المصريين ولاسباب سياسية واجتماعية عديدة سيستطيعون، اكثر من الايرانيين في عقد الثمانينات، من تقرير مصيرهم وذلك بتاثير اقل من العوامل الخارجية، بل وسيؤثر الطريق الذي سيختاره المصريون وحكومتهم على مستقبل الشرق الاوسط اكثر من اي دولة اخرى."القدس"
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق