(رويترز) - وضع التقاط طفل لورقة تحمل اسم الأنبا تواضروس من بين ثلاث ورقات في إناء زجاجي على مذبح الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة نهاية لعملية طويلة لاختيار البطريرك الجديد للكنسية القبطية الأرثوذكسية في خطوة يأمل المسيحيون في مصر أن تساعدهم على تهدئة مخاوفهم من الاوضاع التي تتغير بسرعة في البلاد.
وأصبح الأنبا تواضروس البابا 118 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وسيجلس على كرسي مار مرقس الرسول خلفا للبابا شنودة الثالث الذي قاد الكنيسة لمدة 40 عاما وتوفي في مارس آذار بعد نحو عام من انتفاضة شعبية أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك صعد بعدها تيار الإسلام السياسي ليتنامى شعور الأقباط بالقلق على مستقبلهم.
لكن الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين شدد على أنه يحافظ على مصالح جميع المصريين.
ولد تواضروس بمدينة المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني عام 1952 وانتقل للعيش في سوهاج بصعيد مصر في سن الخامسة وأقام هناك سنوات قبل أن ينتقل مع أسرته الى دمنهور عاصمة محافظة البحيرة ليتتلمذ على يد مطرانها الأنبا باخوميوس.
وتواضروس واسمه بالميلاد وجيه صبحي باقي حاصل على بكالوريوس الصيدلة من جامعة الإسكندرية عام 1975 وحصل أيضا على بكالوريوس الكلية الإكليريكية ونال زمالة هيئة الصحة العالمية من انجلترا عام 1985.
وعمل تواضروس بعد التخرج مديرا لمصنع حكومي للأدوية وسيم راهبا عام 1991 في دير الأنبا بيشوي بصحراء وادي النطرون ثم أصبح أسقفا عاما للبحيرة عام 1997.
ويعرف تواضروس الذي ألف 13 كتابا بمهاراته الإدارية وشخصيته الهادئة وإجادته للغة الإنجليزية.
وسيواجه تواضروس العديد من التحديات أغلبها يتعلق بمواكبة تغيرات العصر التي تؤثر على كنيسته وأتباعه الذين يمثلون وفقا لتقديرات غير رسمية نحو عشرة في المئة من سكان مصر الذين يبلغ تعدادهم نحو 83 مليون نسمة.
والمسيحيون في مصر غالبيتهم العظمى أقباط أرثوذكس.
وقال الأنبا باخوميوس مطران البحيرة الذي تولى إدارة شؤون الكنيسة بعد وفاة البابا شنودة الثالث "البابا الجديد عليه أن يواكب متغيرات العصر التي حدثت بعد ثورة 25 يناير... يجب أن يحللها ويتابعها ويضع منهجا للحياة الكنسية من خلال المواطنة السليمة."
وأضاف في تصريحات تلفزيونية "عليه أن يتعاون مع الدولة في تدعيم الوحدة الوطنية وحل مشكلات المجتمع."
وتعكس محاضرات سابقة لتواضروس إدراكه لضرورة أن تواكب الكنيسة العصر والتغيرات التي تحدث في المنطقة والعالم.
وقال في محاضرة لخدام في الكنيسة عام 2009 بعنوان (كن مستعدا للتغيير): "التغيير سمة إنسانية ووصية إلهية... ورغبة دفينة عند كل إنسان."
واضاف "إحذر أن تتجاهل التطوير الذي يحدث في العالم كله... إحذر أن تتجاهل أننا نعيش في قرن أو زمن يتجدد ويتغير خلاله العالم كل 18 شهرا... إياك أن تعيش في فكر متخلف.. (في) فكر قديم.. يجب أن تكون متطورا مع زمنك... يجب أن تكون حيا مع زمنك ومتفاعلا معه."
وعزف الأقباط عن المشاركة القوية في الحياة السياسية في العقود الأخيرة لكن الأحداث المتعاقبة في مصر منذ انتفاضة يناير 2011 فرضت عليهم التفاعل مع ما يجري في الشارع المصري.
ويؤكد تواضروس على أهمية اندماج المسيحيين في المجتمع. وقال في الآونة الأخيرة خلال مقابلة تلفزيونية "الاندماج في المجتمع صفة مسيحية كتابية أصيلة... الاندماج المعتدل والحلو. لكن لا بد أن يشارك الكل في ذلك.
"نحن كمصريين جميعا لابد أن نشارك والمشاركة تبدأ بمكانين.. الفصل الدراسي ووسائل الإعلام.. لا بد ان يكون لدى جميع من يعمل في هذين المكانين الوعي."
وكما كان لسلفه البابا شنودة الثالث دور في الحفاظ على السلام الاجتماعي بين المسيحيين والمسلمين في مصر من المتوقع أن يسعى البابا الجديد لتعزيز الوحدة في البلاد التي شهدت مؤخرا احتجاجات عنيفة بسبب فيلم يسيء إلى الإسلام اتهم مسيحي من أصل مصري بإنتاجه في الولايات المتحدة.
وقال تواضروس الذي سمي يوم الأحد البابا تواضروس الثاني "كمصريين نحن نعيش مع إخوتنا المسلمين.. هذه أولوية هامة جدا في العيش المشترك.. والحياة المشتركة.. والمسؤولية هي أن نحافظ على ذلك."
وكان الأنبا تواضروس قبل اختياره بطريركا في القرعة الهيكلية التي أجريت في الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة اليوم أسقفا عاما لكنائس محافظة البحيرة في دلتا النيل.
(إعداد محمد عبد اللاه للنشرة العربية - تحرير علا شوقي)
إرسال تعليق