Home » » الكتابة والمصير المجهول.. بقلم : الشيخ سعد الفقي

الكتابة والمصير المجهول.. بقلم : الشيخ سعد الفقي

رئيس التحرير : Unknown on السبت، 9 فبراير 2013 | 3:27 م



بقلم : الشيخ سعد الفقي

قال صديقي : لماذا تكتب ؟ وما هو الدافع وراء ما تكتبه ؟ قلت : صحيح لماذا يحمل الإنسان قلمه ويغامر بأفكاره ليضعها علي الورق ؟ ثم يتركها ليقراها الجميع فتصبح ملكا لهم . ثم يتحمل هو دون غيره وزر ما يكتب . وما الذي يدفع الإنسان لمعاودة الكتابة والاستمرار إلى نهاية المشوار وهو يعلم يقينا أن الكتابة فعل مجرم في عالمنا الذي نحياه . قد يقوده للنقد وهذا أضعف الإيمان وربما إلى السجن وهو الغالب . وقد يلقي الإنسان حتفه ! أهي لعنة أصابتنا أم هي لذة الكتابة وصناعة الأفكار ؟ وتساءلت ما الذي يدفع الروائيين _ وما أكثرهم _ أن يكتبوا رواياتهم في عالم لا يحتفي بالأدب بل يحتقره . الواحد منهم يكتب روايته وينفق عليها من ماله الخاص وهو يعلم سلفا أن قراءه في الغالب هم أصدقائه وعشيرته الأقربين وفي أحسن الأحوال معارفه وجيرانه . ورغم ذلك يخرج من خسارة النشر وما تكبده من أموال ليبدأ رحلة جديدة وعمل آخر . الواحد منهم يحمل روايته وكأنه يحمل مولوده الذي رزق به بعد أن اشتعل الرأس شيبا . يتباهي به في وداعة وشوق ودفء . وعندما ترق له قلوب المختصين ومن بيدهم مقاليد الأمور ويمنحونه لقاء يتيما من بين مئات اللقاءات الخاصة بمطربي ومطربات التيك اواي تجده يتحدث عن عمله بسعادة غامرة وحنان غير مسبوق . وما الذي يدفع الصحفيين والأكاديميين والمفكرين ومن هم في مثلي إلى كتابة المقالات وهم أول العارفين أن لا أحد يقرأ إلا النذر اليسير من المثقفين والمهمومين فالواحد منا يتعامل مع ما يكتبه كما لو كان والد عروس في ليلة زفافها يهتم بالمدعويين وبالتفاصيل الصغرى والكبري من أجل عيون ابنته قد نكتب وهو الغالب من أجل فكرة أو قضية وهذا لا يتعارض أننا نكتب من أجل أنفسنا . فالكاتب في رأيي صاحب حرفه يستمتع بها وإن كانت النتيجة قاسية مؤلمة . وكلما كان الكاتب بعيدا عما يدور حوله كان محاطا بسياج من الأمان وإن اطمئن قلبه . وربما الآن وليس من قبل عرفت أن أحوال كثير من كتابنا إلى الوراء . فإذا أردت أن تتقدم الصفوف وما عليك إلا أن تمزج ما تكتب بعبارات يقول عنها العارفين إنها من قبيل المدح والإطراء . وأعرفها أنا وأنت بالنفاق والخداع. وإذا أردت أن تكون الكتابة طريقك للوصول إلى ما تريد فلا تطلق لها العنان لتقفز إلى المجهول . ويجب عليك أن تفرق بين ما هو معقول وما هو مجنون وان كنت أوقن أن الكتابة لا يمكن أن تكون عاقلة تماما ويخطيء من يظن ذلك فالكتابة شئنا أم أبينا مسكونة بالرغبة في التعرية والتجاوز وتخطي كل ألوان الطيف . وإذا كنا فعلا نكتب لنطرح شيئا جديدا فقد يدفعنا هذا التجديد إلى مالا نشتهيه . فهل نطمع أن نعيش لنري وطننا نكتب فيه بلا نقد ولا سجن ولا آلم .
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق