نادية النادى تكتب : عزاء واجب النفاذ

طرأت لى فكرة مجنونة وهى هل يمكن للإنسان أن يأخذ العزاء فى وفاته وهو حى يرزق ؟ فهو ينال التهنئة منذ قدومه إلى الحياة ، إلا العزاء فغيره هو من يأخذه عنه ، لكنى تأملت فوجدت أنه من الجائز حدوث ذلك .

هناك جانبان أولهما :إذا تنعم فى الشهوات ونسى رب العباد ، وإقترف الموبقات ،وخسر الدنيا والآخرة ، وعلى الجانب اللآخر : إذا أهدرت كرامة الإنسان وتبعثرت . وفقد مبادئه ، و كبتت حريته ،اضف إلى ذلك ، إذا شعر بالعجز أمام صغاره ولم يكن كما يحب أن يكون لهم بعجز لم يحسب له حساب.

كل ذلك دليل على وفاته ووجب تلقيه العزاء فى حياته ،لكنى أرى انه هناك فارق في كل جانب عن الأخر الجانب الأول فعله بإرادته ولم يجبر عليه هنا يعامل كمن إنتحر وخسر كل شيء دنيا ودين .

أما الجانب الثانى فهو ما أجبر عليه ، وكان لمن حوله الأثر فى تحوله من الحياة إلى الممات ، وقد تكون مقاومته المستميتة فى تشبثه بالحياه دائما تبوء بالفشل ، فى كل مرة إلا أنه حاول الخلاص ، وفى كل محاوله يجد من الهدم والتمثيل بأشلائه ولم يحترم آدميته .

مجبر على الموت من لا يستحقه من لم يرحم لا يرحم ، ومن هانت عليه نفسه هانت على غيره، وكل ذنبه أنه حاول أن يعيش كريما فى زمن ماتت فيه الكرامة . هنا أقول له أنك تستحق العزاء لكن ليس لموتك ،لكن لموت القلوب التى لم ترحمك ، وتناست معانى الإنسانية .

مجبر على الموت من لا يستحقه ، فالموت ليس بصعود الروح ودفن الجسد ، لكن الموت يكون فى رحيل الحلم والمبادئ ، الموت فى نسيان الحياة التى خلقنا من اجلها ، الموت فى ضياع حق أمام زيف باطل .

أرى حاليا الكثيرين يعيشون فى هذه الحياة أموات ، و منهم من سيموتون أحياء فى سبيل نبل مبادئهم وتمسكهم بدينهم لذا العزاء واجب النفاذ فى كل من عاش هذه الحياه مع اللأموات

نادية النادى