يذكرنى الموقف السياسى الحالى فى مصر بالالعاب التى كنا نلعبها و نحن صغار و من ابرزها لعبة ( صلح ) , مع تشديد اللام , و هى لعبة لم يدركها بالطبع ابناء الاجيال الجديدة الذين يلهون باصابعهم على ازرار الاجهزة الالكترونية الحديثة التى تغازل فى وجدان الاطفال و المراهقين متعة الحرب و الدمار .
المهم , تتلخص لعبة صلح فى ان يقف اللاعب فى وسط دائرة و يضع يده على خده بينما يقف وراءه عدد من اللاعبين يتناوبون على ضربه على خده و شطارة اللاعب ان يتعرف على من ضربه, فاذا عرفه وقف الضارب مكان المضروب و هلما جرا ----- و يحكى ان عشرة من بلدياتنا كانوا يلعبون هذة اللعبة فتوفى منهم ثمانية , فتبادل الاثنان المتبقيان على قيد الحياة النظرات و قال احدهما ( وقف اللعب احسن تقلب بجد ) غير مدرك ان هناك ثمانية قتلى .
هذا هو ملخص الموقف السياسى فى مصر الان , فهناك اطراف ملتفة حول الشعب المصرى العظيم , و يتناوبون ضربه على خده , و للاسف يفشل الشعب فى كل مرة ان يتعرف على من اصاب خده , بل و الادهى من ذلك ان هناك قتلى و ضحايا يسقطون , ولا اى اندهاش , راحت عليكى يا زوزو .
و لان اللعب جميل و مسل , فلماذا لا نجرب لعبة اخرى , هيا بنا نلعب الاستغماية , و مرة اخرى يلبس الشعب الغلبان الغميضة ( و هى قطعة قماش سوداء لتغطية العينين ) , و يختبىء باقى افراد اللعبة كل فى جحره , فهناك من يختبىء فى مواد الدستور , و من يختبىء وراء القانون , او فى دهاليز الفضائيات, و الشعب يردد ( خلاويص ---- خلاويص ) , و ترد الاطراف الاخرى و ستظل ترد لسنين قادمة ( لسه ---- لسه ) .
و احب ان انبه من يلعبون مع الشعب المصرى , انكم تلعبون مع حضارة عريقة , و امة عظيمة قام ابنائها بكتابة اول سطور تاريخ الانسانية , و لو غضب ابناء هذة الحضارة , فانه لا قبل لكم بهذا الغضب الذى سيحمل فى طياته غضب الاف السنين .
"الأهرام"
إرسال تعليق