ما أجمل أن تكون فناناً أو أنك تنتمي حتى لو وجدانياً و معنوياً بمجتمع الفن الذي هو في نظري أسمى الرسالات المتفاعلة مع المجتمع، تؤثر فيه و يؤثر فيها. شرفت بالتعامل مع المشتغلين بالفن على كافة مستوياتهم و تصنيفاتهم. المشتغلين بالتمثيل و المشتغلين بالغناء، لاحظت ما لاحظت.
المنتمي لهذا المجتمع يتبادل حلو الكلام من عينة: (حبيب قلبي ـ عنيا ـ حياتي ـ يومك جميل...). ترى المغالاة و الإمعان في السؤال عن صاحبه إذا تعرض لأزمة ما، يزرف الدمع و يأن لحال صاحبه.
حقيقة شعور جميل و لكن الجميل دائماً ما تكون حياته قصيرة، و البغيض له العمر المديد. إذا دفعك حظك العثر و ظننت أن لديك مشروع و طرقت الأبواب لوجدتها موصدة بقفل ملئه الصدأ. لا ينفتح لك الباب أبداً. هذا الكلام ليس هراء أو ضرب من الودع، إنه الحقيقة الجدلية.
إذا ذهبت لتقديم مشروعاً ما وجدت من ذهبت إليه يتهرب منك، أو يقلل من شأن مشروعك، أو يحدثك بلهجة التعالي و الاستعلاء و المكابرة. تستجديه و لا يجيب. و قد يسترق منك الفكرة و تعيش إنت يا أستاذ. أو أنه يضعك في خيار ترك المشروع لقاء جنيهات معدودات و عليك أن تنساه إلى الأبد هذا في أحسن الأحوال.
إذا قمت بالاتصال به هاتفياً فلا إجابة أو رد، التجاهل التام. و إذا رد نظراً لتعتيمه برقم هاتف غير الذي يعرفه لك تجد حلو الكلام و الاعتذارات و الحجج و المبررات المسكنة و يفسح الزبون. بلغة العوالم (يمتح البرغل).
إذا كتب لك النجاح و تخطيت و عديت تجد أبواب جهنم فتحت عليك من كل حدب و صوب تشكيك و تشهير و تفعيص و تغطيس. حرب ضروس تخوضها من أجل بقاؤك و تكون عيناك في نصف رأسك لضمان بقاؤك. إنها الغابة الناعمة التي تقتل أي معنى للتنافسية الشريفة.
أما أذا كنت في طور اللهث وراء طريق النور لمشروعك لأصطدمت بمكاتب التدليس و النصب الممنهج عليك أن تتقدم للجنة بمكتب في عمارة شيك بحي راقي و تدفع رسوم 100 جنيه على الأقل لعرض أعمالك على اللجنة و فحصها و محصها و هريها و تنتظر منهم تليفوناً يأتيك أبداً طالما حييت، و مصير ورقاتك التي كتبت، أو أداؤك التمثيلي أو الغنائي أمام اللجنة و تصببت عرقاً و سال منك فوقك و أسفلك. يكون طريقها سلة المهملات بجانب أخواتها في مقالب الزبالة.
يا سادة يا من تحملون لواء التنوير و الثقافة و بث القيم في المجتمع. يا من أنتم مرآة المجتمع التي تعكس حاله و تتفاعل معه بغية الارتقاء بقيمه و ثقافته تصالحوا مع أنفسكم عليكم احترام رسالتكم السامية و احترام الذات و احترام الإنسانية و الأدمية. دعونا نتلمس طريق النور حتى نعيد أمجاد الزمن الجميل. يومكم جميل..
إبراهيم غانم
إرسال تعليق