قال الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وكيل مؤسسي حزب "مصر القوية" لـ"محيط" أن إدارة الرئيس مرسي محافظة ولا تملك الرؤية الثورية الكافية لمشروع النهضة حتى الآن، ولذلك تتعثر المشروعات التي يعلنون عنها، مؤكدا أن المشكلة ليست في الأفكار ، فمصر مليئة بالمبادرات الخلاقة، ولكن المشكلة في الإرادة السياسية التي تحقق ذلك . وضرب المثل بجمال عبدالناصر، الذي رغم اختلافه الشديد مع نظامه في قمع الحريات ، ولكنه امتلك رؤية استقلال وطني ونهوض لا يمكن إنكارها وكان منحازا لعموم الشعب من محدودي الدخل وهو المطلوب حاليا بشدة ، لا أن نجد صاحب "حديد عز" لا يزال يدير ممتلكاته من داخل محبسه .
وردا على تساؤل "محيط" حول تغليب أهل الثقة على أهل الخبرة في ظل نظام الرئيس مرسي، قال مرشح الرئاسة السابق أن ذلك سيكون سببا في فشل النظام لأنه يعني خللا إداريا واضحا . وأضاف أن حركة المحافظين والوزراء ومجلس الشورى ومجالس أخرى وحتى قيادات حزب الحرية والعدالة لم تكن تخضع جميعها للكفاءة ولم تكن على المستوى الذي كنا نرجوه بعد الثورة .
وأضاف بأنه لا يعرف على أي أساس يسافر رجال أعمال بعينهم مع الرئيس للصين أو تركيا، وليس من مهام جمعية "ابدأ" أو غيرها أن تحدد رجال الأعمال المشاركين، وهو أمر يلقي بالشبهات الكثيرة، ويقول أن هناك خللا إداريا ولا نقول فساد ، ولكن سوء الإدارة أحيانا يكون أسوأ من الفساد نفسه . وطالب أبوالفتوح بأن تخضع الاختيارات لجهات رسمية محايدة كالوزارات وأن تعلن المعايير الموضوعية التي تحقق مصلحة الوطن في كل شيء، فلو رجال أعمال يسافرون للصين لابد أن نعرف أسباب اختيار شركات بعينها .
وبسؤاله حول إعادة الانتخابات بعد الدستور، قال أبوالفتوح أنه اقترح إضافة مادة بالإستفتاء على الدستور تسأل المواطنين هل يوافقون على استمرار الرئيس مرسي من عدمه، وذلك للخروج من حالة الجدل بين منطق يقول بأهمية انتخاب رئيس جديد وانتخابات برلمانية جديدة ليتوافقوا مع الدستور الجديد، وهناك من يقول بأنه طالما الدستور الجديد قوض جزء كبيرا من اختصاصات الرئيس ولتلافي العبء المادي والأمني على الوطن يجب استمرار الرئيس المصري المنتخب .
جاء ذلك على هامش لقاء أبوالفتوح بالشباب والذي استضافته دار "نهضة مصر" للنشر ، ليلة أمس، وشهدت حضورا مكثفا ، والتي أكد خلالها أبوالفتوح أن كل المثقفين الذين ساهموا في توعية المصريين دفعوا ثمنا باهظا في ظل النظام السابق، وعلى العكس أصبح نجوم المجتمع أشخاص بلا خبرة ولا معرفة حقيقية . وقد كان مبارك يتعامل مع المصريين باعتبارهم يعملون في عزبته وهو يمن عليهم ويضطر للخوض في مشكلات يسببونها له .
وأضاف أبوالفتوح أن الثورة مستمرة طالما لم تحقق كافة أهدافها، مؤكدا أن دماء شهداء مصر التي راحت من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية لا يجب أن تذهب هدرا .
وبخصوص حزب "مصر القوية" أشار أبوالفتوح إلى أنه ينحاز للاستقلال الوطني الكامل، وهو أمر غير متحقق حاليا برأيه؛ حيث لازالت دول خليجية شرقية وأخرى أمريكية وأوروبية غربية تلعب دورا بارزا في القرار المصري، في حين يتطلع الشعب لنظام قوي لا يخضع لأية ضغوط تمارس عليه ، ولا يتحرك إلا من أجل المصلحة الوطنية وحدها . وأضاف : تورغيت أوزال الزعيم التركي قال لشعبه سنجوع سويا ونتعب من أجل بناء أوطاننا، وهو يشير إلى أن الشعوب ستصبر كثيرا وراء زعيم ملهم.
وتابع أبوالفتوح بقوله : سيناء أكبر دليل على غيبة الاستقلال الوطني، فقد كنا نعلم أنها يساء إدارتها لأن نظام مبارك كان وكيلا للمصالح الصهيونية في المنطقة، لكن اليوم لم يعد ذلك مقبولا، ولا نعلم لماذا لا نعدل اتفاقية كامب ديفيد التي تعد كارثة صنعها السادات، ونحن لسنا بحاجة لاستمرارها بعد أربعين عاما، فأي محاولة لتنمية سيناء كما يقول ابوالفتوح ستواجه بانعدام الأمن في سيناء وانعدام السيطرة المصرية على أراضيها وهو خطر مستمر .
أما بخصوص قطاع غزة، فأهله يعانون بشكل أكبر من نظام مبارك بعد إغلاق الأنفاق، وقال أبوالفتوح أنه مع إغلاقها ولكن بشرط فتح الحدود بشكل طبيعي، بحيث يسمح بمرور الفلسطينيين تحت مرأى الأمن المصري، كما يرحب بمنطقة حرة تكفي هؤلاء الفلسطينيين ما يحتاجونه من مصر من سلع بدلا من شرائها غالية من الصهاينة .
وبخصوص الشفافية، قال أبوالفتوح : لا يصح أن نستمر في معرفة الأخبار الحقيقية عن مصر من وسائل الإعلام الغربية، وهو عتاب لوزير الإعلام صلاح عبدالمقصود الذي لم يغير شيئا في المنظومة حتى الآن ، كما أنه لا يجوز من جانب آخر أن يتفرغ الإعلام لشحن الناس وتوجيههم بعيدا عن مهمة نقل الحقائق بمصداقية، فنجده يهول من أي قصة صغيرة ويطلق فزاعات مثل "أخونة الدولة" وهيمنة الإسلاميين وغيرها.
كما حذر أبوالفتوح من خطر استمرار السلطتين التشريعية والتنفيذية بيد شخص واحد ، هو الحاكم حتى لو كان سيدنا "عمر" رضي الله عنه، مؤكدا أن الإسراع في إقرار الدستور التوافقي الذي يرتضيه المصريون ضرورة ملحة، لعودة الحياة النيابية التي تعود لها سلطة إصدار القوانين، وحتى تعود الاستثمارات والمصالح المتوقفة على ذلك الدستور . وبخصوص الدستور أيضا أكد أبوالفتوح أنه كان معارضا لطريقة تشكيل لجنته التأسيسية ، ولكن وقت الاعتراض مضى، وبقي التفاف القوى الوطنية على مناقشة المواد الخلافية في الدستور ومعاونة لجنة الدستور بكل ما أوتيت من قوة، بدلا من الذاتية الشديدة التي وقعت فيها تلك القوى السياسية والتي جعلتها تأكل بعضها بعضا ولا تلتفت لمصلحة الوطن . وأيد أبوالفتوح أن يتم إقرار مواد الدستور بالأغلبية المطلقة التي لا تقل عن 75% أو عن طريق عرضها على القوى الوطنية .
من جانب آخر، حذر أبوالفتوح كذلك من حالة الاستقطاب الحادة بين الإسلاميين والليبراليين، مؤكدا أنه ليس طرفا في هذه الحالة ولن يكون ، وهناك من له مصلحة في خلق عفاريت ليس لها وجود على أرض الواقع .
كما تطرق أبوالفتوح إلى طبيعة المصريين الذين يلتفون حول الدين ويحبون الرئيس المؤمن ولكن تدينه وحده لا يكفيهم لتأييده، فلابد أن يدعمه السلوك العملي .
واتفق مرشح الرئاسة السابق مع رأي أحد الكتاب الشباب والذي أكد أن النخب الحالية في مصر تتحول لظاهرة إعلامية، فأعضاؤها لا نراهم في القرى والمناطق النائية والشعبية يقومون بواجبهم في توعية الناس، ولكننا نراهم فقط على مقاعد الفضائيات الوثيرة .
وبسؤاله عن موقف مصر حيال ثورة سوريا، قال أبوالفتوح : أرفض تماما توريط الجيش المصري في هجمة عسكرية تديرها أطراف دولية صهيونية تهدف لإسقاط دولة سوريا نفسها وليس مجرد النظام ، وحين يتدخل الجيش المصري لابد أن يكون بدعوة من العالم العربي ووفق خطط تحفظ الكيان السوري ولا تهدمه وبعد دراسة .
وسألت إحدى الباحثات عن مادة بالدستور حول تعريب العلوم، فقال أبوالفتوح أن العربية ستصبح لغة علم حين يصبح عندنا علم من الأساس، وهو ما فعله الكيان الصهيوني حين فرض اللغة العبرية بتقدم العلوم عنده وزيادة البحث العلمي وحركة ترجمة قوية .
وحول شكل البرلمان المقبل، أكد أبوالفتوح أنه لا يعارض تنافس حزب الحرية والعدالة على مقاعد البرلمان كاملة ، مؤكدا أنه ومجموعة كبيرة من الأحزاب سينافسونهم ولا يشترط حصولهم على غالبية المقاعد، فقد أقلق مضجع السادات عشر نواب فقط بالبرلمان . وقال أبوالفتوح أنه منذ منتصف الثمانينات وقد اتخذ قرارا بعد الترشح لعضوية البرلمان لأنه يرى نفسه في أدوار مجتمعية أخرى . وقال أنه أسس جمعية مصر المحروسة مع مجموعة من زملائه في مطلع الألفية، ولكنهم اشترطوا عليهم عدم وضع اسمه لعدم اضطهاد جمعيتهم التنموية، ولكنهم اليوم يعيشون حرية في العمل العام وهي نعمة كبيرة ، قائلا يجب على كل فرد في الشعب المصري أن ينهض ويترك حزب الكنبة ويشارك في العمل المجتمعي للخروج من اليأس والإحباط .
أخيرا رفض أبوالفتوح اقتراض مصر من صندوق النقد الدولي، وقال أنه أسلوب السلف غير الصالح ويعني نظام مبارك، فقد كان يقترض وينفق ما اقترضه ثم يورط مصر بديون رهيبة وبلا أي عائد على المجتمع .
إرسال تعليق