محمود سلامة الهايشة يكتب: البطيخة طالعت صفرا !
رن جرس الباب.فرد شوقي من بالخارج؟.أفتح حبيبي أنا بابا.ففتح الباب.حمد لله بالسلامة.أزيك يا شوقي؟ أين ماما وأخوتك؟..بالداخل في انتظارك للغداء.أنت اشتريت بطيخة يا بابا.. نعم ما رأيك؟.جميل يا بابا
نُدخلها الثلاجة لكي تبرد لحين أن ننتهي من تناول الغداء.أمسكها يا شوقي وأذهب بها للثلاجة.وبعد الغداء جاءت فريدة (أم شوقي).. تنادي يا أولاد يا أولاد أين بابا؟ ما الخبر يا ماما؟!..البطيخة طلعت صفراء؟!!. فرد عليها كل من في البيت بصوت واحد صفراء!!.. تعالوا حتى تشاهدوا بأنفسكم..فدخلوا مسرعين للمطبخ فوجدوا البطيخة منقسمة إلى قسمين..فسكت الجميع لحظة..ثم قال الأب لونها برتقالي.. فقال شوقي لا يا بابا لونها برتقالي..فقالت أم شوقي هيا بنا نتذوق قطعة منها ونجرب طعمها..فبدأ أبو شوقي بنفسه أولا خوفاً على أولادة وهو يقول هل خشني باع البطيخ وأعطاني بطيخة صفراء بدل الحمراء؟؟..قطعت فريدة قطعة مستطيلة من وسط البطيخة.. رفعتها بالسكين لأبو شوقي فمد يده اليمنى وأمسك بها..قال: بسم الله الرحمن الرحيم.. بدأ يأكل بحذر وخوف.. أول قضمه صغيرة ولم يتكلم..في الثانية كانت كبيرة..فقال له باسم أبنه الأصغر: ما طعمها يا بابا؟؟.. جميلة جدا يا باسم..يا أولاد البطيخة لذيذ وبها سكر أكثر من البطيخ الأحمر.. فضحك الأولاد..هيا يا ماما قطعي باقي البطيخة حتى نأكل منها كما أكل بابا..
في اليوم التالي.. ذهب أبو شوقي لبائع البطيخ..دخل عليه يسأله: أمس بعت لي بطيخة مغشوشة؟..فرد عليه بسرعة مدهشاً لكلامه..ليس عندي بطيخ مغشوش يا أستاذ..لا فعند فتحها وجدتها صفراء وليست حمراء.. فضحك البائع بشدة..ما الذي يضحكك؟.. نعم صفراء أنا نسيت أقولك أمس وأنا ببيع لك البطيخة أنها صفراء من الداخل وليست حمراء كما تعود أن أبيع لك البطيخ؟؟..صفراء كيف هذا؟؟.. نعم صفراء فهذا صنف جديد ظهر في الأسواق هذا الموسم لأول مرة.. يا أستاذ هل أكلت منها أم تخلص منها خوفت أن تأكلها.. لا..لا. أكلنا منها جميعا والأولاد كانوا في البداية مندهشين ولكن فرحوا جدا بلونها وطعمها العجيب!!.. فبتسم الباع ما رأيك اليوم وصلني بطيخ عجيب الشكل من الخارج وعجيب التكوين من الداخل؟!!..كيف ذلك؟..البطيخ مربع وليس دائري...ولا يوجد به بذر من الداخل فلا يوجد به بذور كالبطيخ العادي..أين هو هذا البطيخ؟!.. تعالى..وأخذه ودخلا مخزن المحل..وأشار الباع له على البطيخ المربع..فنظر ولسانه يقول سبحان الله سبحان الله.. هل رأيت في حياتك مثل هذا البطيخ من قبل؟؟.. لا والله لم مثل هذا الشيء العجيب أول مرة في عمري أن أري ذلك..هل تبيع منه اليوم؟..نعم هل تريد أن تشتري؟؟.. أريد أن أأخذ بطيخة منه اليوم حتى نجربه ويرى الأولاد عجائب خلق الله.. فأمسك الباع بأحدهن وأعطها له ودفع ثمنها وخرج مهرولا لكي يصل للبيت فرحن بما يحمل..
فلم يدق جرس الباب اليوم بل فتح بمفتاحه الخاص..فدخل فرأي الأولاد يشاهدون فيلم كرتون على التليفزيون.. يا أولاد يا أولاد.. نعم بابا تعلوا انظروا أن اشتريت لكم مفاجأة عجيبة جدا.. فترك شوقي و ماهر و باسم مقاعدهم وجروا تجاه أبوهم.. أين هي؟ أين هي؟، فأخرج من داخل الكيس الكبير الذي يحمله البطيخة المربعة..
واوووووو .. الله يا بابا.. مدهش جدا.. ما هذا؟؟.. شيء عجيب فعلا!! فخرجت أم شوقي من المطبخ على أصوات الأولاد لكي تعرف ما يحدث بالصالة.. فنظرت على المنضدة فوجدت بطيخة كبيرة مربعة..فقالت وعلامات الدهشة على وجهها.. يا أبو شوقي .. هل هي بطيخة بلاستيك للزينة؟؟ .. فضحك بصوت مرتفع.. لا حقيقية وطبيعية للأكل!!.. فأخرج ماهر من جيبه تليفونه المحمول وبدأ يصور البطيخة المربعة.. فوقف بجوارها أخويه شوقي و باسم ليصورهم ماهر مع البطيخ العجيبة..ثم أخذ أبوهم التليفون من يد ماهر حتى يذهب ويقف بجوارها لكي يصور هو أيضاً...
فسألته أم شوقي:
- هل هذا البطيخ المربع صنف جديد أم بطيخ شاذ يأتي بالصدفة؟!
- لا يا أم شوقي صنف جديد فوزارة الزراعة أنتجت أصناف جديدة من البطيخ، ما رأيكم يا أولاد آخذكم صباحاً لزيارة لمعهد بحوث البساتين الموجود بمركز البحوث الزراعية؟!
- يا بابا أنت غدا ليس عند عمل؟؟
- لا عندي ولكن في الفترة المسائية، أني في راحة الفترة الصباحية، فرصة وأنتم في إجازة الصيف، إن شاء الله بعد ما ننتهي في مركز البحوث نذهب لحديقة الحيوان فهي مقابل مباشرة للمركز.
وفي الصباح استيقظت الأسرة واستعدوا للخروج.استقلوا سيارتهم الخاصة.إلى أن وصلوا الجيزة فسألوا عن معهد بحوث البساتين.هم واقفون أمام استعلامات المعهد يسألوا عن قسم الإرشاد خدمة المواطنين.يدخل في تلك اللحظة الأستاذ الدكتور سلامة، مدير المعهد.سمعهم وهم يسألون رجال الاستعلامات.فوقف يسألوهم:
- ماذا تريدون من المعهد يا جماعه؟؟
فأجابه أبو شوقي قائلاُ:
- نريد أن نتعرف على أصناف البطيخ الحديثة التي تزرع في مصر حاليا؟؟
فابتسم الدكتور سلامة:
- تفضلوا معي في مكتبي وسوف تجدوا إجابة على أسئلتكم فأنا مدير المعهد، دخلوا المكتبة وجلسوا، فرحب بهم الدكتور سلامة:
- هل أنتم تزرعون البطيخ وما علاقتكم بمحصول البطيخ؟
فنظروا إليه والابتسامة تبدو على وجههم، بدأ أبو شوقي يقص عليه حكايته مع أولاده وزوجته في شراء البطيخ الأصفر والبطيخ المربع وبدون بذور، قد اتفقت مع أولادي وزوجتي لاصطحابهم إلى هنا لكي نتعرف جميعا أن أصناف البطيخ الموجودة بمصر!!
الدكتور سلامة:
- شيء جميل جدا أن يصطحب أب بأولاده وزوجته لمكان بحثي للتعرف على الجديد من أبحاث.. بالفعل؛ توصل فريق من الباحثين العاملين في معهد بحوث البساتين التابع لمركز البحوث الزراعية إلى استنباط صنف جديد من البطيخ أصفر برتقالي بدلاً من الأنواع التقليدية من البطيخ الأحمر، الصنف الجديد يحمل اسم "كناري" وهو هجين متوسط النمو الخضري، يتميز باللون الأصفر البرتقالي عالي القيمة الغذائية من فيتامين "أ"، طعمه ممتاز للغاية، نسبة السكريات به مرتفعه بمقارنته بالأنواع الأخرى من البطيخ؛ عندما طرح الهجين الجديد في الأسواق لقي إقبالاً كبيراً من المستهلكين، رغم اختلاف لونه عن الأنواع الأخرى التي تعود عليها المصريون. خلال شهور فصل الصيف فأني أنصح المواطنين بتناول البطيخ لمذاقه الحلو وترطيبه لجسم الإنسان في هذا الجو الحار، حيث تصل نسبة المياه فيه إلى 92%. وعموما؛ هناك أصنافا "هجن" عديدة من البطيخ منها المستدير والمستطيل والبذري وعديم البذور.
شكر الأولاد الدكتور سلامة بعد أن انتهي حديثة الشيق، خرجت الأسرة من مكتبة مدير المعهد إلى توجهوا مع الدكتور صلاح "الأستاذ بالمعهد".إلى معمل الهندسة الوراثية ومعمل البذور بالمعهد حتى يروا بأعينهم الأشكال المختلفة للبطيخ الذي يزرع في مصر، تقاوي تلك الأصناف، فستمتع الأولاد جدا واندهشوا بما رأوا، شكروا جميع العاملين بمعهد بحوث البساتين.
توجهوا إلى حديقة حيوان الجيزة، قبل دخولهم الحديقة اشتروا بطيخة كبيرة جدا من منفذ البيع لمعهد بحوث البساتين، حتى يأكلوها وهم داخل الحديقة أثناء تنالوهم وجبة الغداء، قضت الأسرة يوم جميلا جدا ومفيدا من بداية حتى نهايته، كانت البطيخة هذه المرة مثلثة الشكل!.
إرسال تعليق