Home » » الشيخ / سعد الفقي يكتب : ذكريات لاتنسي ؟

الشيخ / سعد الفقي يكتب : ذكريات لاتنسي ؟

رئيس التحرير : Unknown on الاثنين، 10 يونيو 2013 | 6:44 م

منذ أكثر من ربع قرن تقريباً.. عرفتهما وتعلقت بهما.. وتطورت حالتي حتي عشقتهما.. كنت كغيري أتسمع أخبارهما ..وما يقال عن تجربتهما الوحيدة والفريدة. وكنت أراهما واحداً في اثنين أو اثنين في واحد ولا فرق .أحدهما مازال حياً يرزق .والأخر انتقل الي جوار ربه. الأول عرفته ..صانعاً للكلمة والأخر مترجماً لها .من خلال صوته العذب وحنانه اللامحدود . ورغم الامكانيات المتواضعة كنت أحرص علي ملازمتهما ومباركة كل مايصدر عنهما. عند أول قصيده سمعته فيها رأيته شيخاً كفيفاً الا أنه كان أبصر منا جميعاً .وقد خطفني واستأثر بكل مشاعري فأنا له مطيع ولكلماته عاشق ومتيم. مرات عديدة حالت الظروف دون متابعتهما والوقوف علي أخر ابتكاراتهما. وكانت الكلمات أصدق تعبيراًَ عما يدور في خلدي. ولطالما فكرت فيها وزادني هماً وألماً أنني عاجز عن البوح بها والتعبيرعنها فقد قالا.. ماكنت أحياه واضمره في نفسي.. وكانت الخواطر التي صاغها بحنجرته شيخي كفيله بغرس الطمأنينة والسكينة في قلبي بل هي زادي كلما ضاقت بي السبل . بعد معاهدة كامب ديفيد أو وثيقة التكبيل والتمزق والتفرق كانت الكلمات :
ياعرب.. ياعرب.. ياعرب
ياعرب في أي مصر
ياعرب اسمعوا صوت شعب مصر
احفظوا لمصر المكان
واحنا عالهد اللي كان
مصر أوفي من الزمان
وانتوا عارفين شعب مصر
يومها وفقط كنت أري في هذه الكلمات صرخة من العمق انها الأم التي تناجي ولدها وفلذه كبدها بل هو النداء من الأب الحائر الذي يبحث عن ضالته . وكانت مصر وحيده فريده وكأنه كتب عليها ان تواجه الأعاصير بل ومصيرها المحتوم دون سند . وعندما فتحت مصر علي مصراعيها فيما أسموه بالانفتاح وأسميه ومازلت بالخراب الذي حل بنا والله وحده أعلم متي يزول .
كان الشيخ امام ومعه في نفس الخندق رفيق الدرب والعهد والمبدأ ابو النجوم وقد قالا :
احنا مين وهما مين
هما الامرا والسلاطين
هما المال والحكم معاهم
واحنا الفقرا والمحرومين
حذر فذر شغل مخك
شوف فينا بيحكم مين .
جاء الانفتاح وتوطن وبيعت مصر في سوق النخاسة بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فينا من الزاهدين. وباركنا ونحن السذج تقولاتهم وتخرصاتهم فيما أسموه بالخصخصة وفاتنا جميعاً أنهم أسقطونا من الذاكرة .
يومها سمعنا :
يامسلسلين ياشغاليين ومحرومين
رجلين وراس
خلاص خلاص
مالكوش خلاص
غير البنادق والرصاص
ورحل الشيخ امام الذي لم ينل حظه في حياتنا الدنيا وحرموه وهو الضرير من وسائل اعلامهم التي تبوأت الرياده والصدارة في الهيافة وتلميع كل ماهو رديئ وشغلونا بكل ماهو غث وقبيح . وبقي أحمد فؤاد نجم بجلبابه الذي لم يتغير كل ماطرئ علي مسيرته أنه كان فقيراً فأصبح سفيراً للفقراء وقد قابلته منذ أيام فسألني وسألته عن الماضي والحاضر والمستقبل. ولم ننسي في حديثنا قراءة الفاتحة علي روح شيخي وشيخه الذي رحل مكبوتاً وان شئت قل مكلوماً . وقد أخبرني أنه كان في زيارته بالامس القريب .الا أنه استوقفني جانباً طالباً المعونة فقد طارده الفقر كما طارد الملايين غيره ومن ناحيتي حاولت التخفيف عن ألامه وما يعانيه بعدها استيقظت من نومي لأفاجئ به في أحد برامج التليفزيون وهو يناضل من أجل الفقراء والمحرومين .

الشيخ / سعد الفقي
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق