رصد مؤشر الديمقراطية الصادر عن المركز التنموي الدولي ، 969 حالة احتجاج خلال شهر سبتمبر من العام الحالي، بمتوسط 32 احتجاج يوميا و 8 احتجاجات كل 6 ساعات، في مشهد يثبت صحة العديد من الافتراضات الخاصة بطبيعة الصراع السياسي الحالي، و المطالب الخاصة بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية في مصر.
في التقرير التالي يقوم المؤشر بمناقشة حالة الاحتجاج في الشارع المصري خلال الشهر من خلال مجموعة من الزوايا الهامة طارحا مؤشرا عاما عن الحراك الاحتجاجي و مقدما عددا من التوصيات الخاصة بخروج الدولة المصرية من أزمة دائرة الإستغلال و العنف الإحتجاجي لفضاء حرية الرأى والتعبير الخلاق.
ذكر المؤشر أن متوسط الاحتجاجات في الشهر يقدر بـ 32 احتجاجا يوميا ، ولاحظ المؤشر أن أيام 6-13-20-22-24-27-29 أغسطس هي أكثر أيام الشهر احتجاجا ، لكن وبجانب الزخم الإحتجاجي بتلك الأيام إلا أنها عكست مؤشرا هاما مفاده أن جماعة الإخوان بصفتها القائم الأول والمتعهد الأساسي لإحتجاجات الشهر قد إستخدمت أيام وصلوات الجمعة لتنفيذ كم إحتجاجات عددي مستغلة الأعداد المتجمعة بصلاة الجمعة لكن المدقق سوف يرى تراجعا عدديا ملحوظا في قدرتهم التنظيمية لتلك التجمعات ؛ حيث شهدت الجمعة الأولى من الشهر 68 إحتجاجا و تناقصت لـ 60 إحتجاج بالثانية و 49 إحتجاج بالثالثة بشكل يعكس تراجعا تنظيميا كبيرا في قدرة الإخوان على تنظيم المظاهرات أيام الجمعة.
وأضاف المؤشر أنه هناك تحول سياسية الإخوان نحو الإستعانة بالطلاب من كافة مراحل التعليم و أولياء الأمور في بعض الوقت لتعويض إنخفاض القدرة في التنظيم الإحتجاجي ، و محاولة فتح جبهات إحتجاجية جديدة وبمواقع إستراتيجية هامة كالمدارس والجامعات والمعاهد الدينية و هو ما عكسته أعداد الإحتجاجات في الأسبوع الدراسي الأول لطلاب الجامعات و الأخير بشهر سبتمبر ؛ حيث شهدت العشرة أيام الأخيرة من الشهر 415 إحتجاج بنسبة 42% من إحتجاجات الشهر و بتضاعف عن العشرة أيام التي تسبقها ، و هو ما يشير أن الإحتجاجات الطلابية كانت بمثابة المخلص للإخوان من الوقوع في حالة من الركود الإحتجاجي و تلاشي التواجد بالشارع .
تصدر أعضاء جماعة الإخوان و مناصريها المشهد الإحتجاجي و كانوا الفاعل الأول و الرئيسي فيه بعدما قاموا بتنظيم 408 إحتجاج بنسبة 42.1% من الإحتجاجات خلال الشهر لكن لو أضفنا ما قام به الطلاب المنتمون للجماعة من إحتجاجات لرصيد الإحتجاجات الإخواني سيقارب الـ 60 % من إحتجاجات الشهر ، لكن التقرير فضل أن يفصل بين المظاهرات التي قام بها الإخوان و المظاهرات التي قام بها الطلاب. ومن أبرز ملاحظات التقرير في هذا الشأن أن الجماعة كونت العديد من الروابط والتجمعات الصغيرة التي حملت اسما مشتركا نصفه يعبر عن فئة كل جماعة و النصف الثاني هو ” ضد الإنقلاب ” مثل صحفيين وطلاب ومحامين و معلمين ضد الإنقلاب في محاولة لإظهار أن من يقوم بهذا الحراك الإحتجاجي لا ينتمون للجماعة ولكن يناصرون ويؤيدون موقفها أو يشاركوها الموقف المعارض و المحاول لإسقاط النظام الحالي ، ورغم أنها تجمعات صغيرة عدديا في أغلب الأحيان إلا أنها حتى الآن لا تقدر على إيصال رسالتها إلا عندما يسلط الإعلام الضوء عليها في بعض مساحاته الإخبارية أو عندما تتعامل الدولة أو المواطنون معها بالعنف فيكسبوها بعنفهم صفات المقاومة و المعارضة حتى وإن كانت الدولة و المواطنون يستخدمون هذا العنف تحت شعارات وطنية خالصة .
مثل الطلاب ثاني أكثر الفئات إحتجاجا خلال شهر سبتمبر بعدما نفذوا 259 إحتجاجا بنسبة 26.7% من إحتجاجات الشهر . الإحتجاجات التي إنتهت بسلسلة من الإشتباكات التي تخطت الـ 30 إشتباكا بالجامعات والـ 12 إشتباك بالمدارس ، ودارت تلك الإشتباكات بين ثلاثة أطراف أساسية هم الإخوان ومن يؤيدوهم طلابا ومعلمون – الطلاب و المعلمون المؤيدون للنظام الحالي – قوان الأمن . بشكل فرض تحديا حقيقيا أمام النظام الحالي يتمثل في ضرورة حفظ الأمن التعليمي بالجامعات و المدارس والمنشآت التعليمية المصرية مع الحفاظ على بعض الثوابت المتمثلة في ضمان الحق في التعليم و حرية الرأي و حماية كافة أطراف العملية التعليمية ، لكن وبكل وضوح فإن السياسات التي تنتهجها الدولة تجاه الإحتجاجات الطلابية حتى الآن لا تبشر بأية ضمانات لتلك الثوابت الثلاث.
وأكد التقرير أن الصراع السياسي طغى بقوة على خارطة الإحتجاجات المصرية خلال سبتمبر بحيث كانت المطالب السياسية المحرك الأساسي لـ 79.4% من إحتجاجات الشهر كرد فعل طبيعي لتصدر جماعة الإخوان وانصارها المشهد الإحتجاجي ، حيث شهد الشهر 508 إحتجاج للمطالبة بعودة الرئيس المعزول، الأمر الذي يمثل مطلب يستحيل تنفيذه من قبل النظام الحالي أو قبوله من جانب الرأي العام و هو ما يضع مستقبل تلك المطالب خاضعا لثلاثة إفتراضات ؛ أولها هو التسبب في مزيدا من العنف و الإحتراب سيؤدي حتما في النهاية لعودة الإخوان للنقطة ما قبل الصفر ، و ثانيها هو أن تحدث تلك المطالب من التأثير ما يحزب العديد من المؤيدين و يحدث الكثير من الضغط و هو الأمر القريب نسبيا ، أما ثالثهم فيتمثل في أن تحقق تلك المطالب غيتها ويخرج الرئيس ليحكم و هذا أمر أضحى شبيه بالمستحيل .
واستكمالا للمطالب السياسية فقد نظم 56 إحتجاج للمطالبة بالإفراج عن أشخاص كانت معظمها حول الإفراج عن طلاب ومؤيدي الجماعة ، بالإضافة للمطالب الخاصة بالإفراج عن صحفيين و مواطنين معتقلين و التي نظمها نشطاء وطلاب . كما خرجت 49 تظاهرة نظمها مؤيدو النظام الحالي للتنديد بالإرهاب و هنا يجدر التساؤل بكل صراحة عن موجة مظاهرات التأييد التي تخرج تحت شعارات تأييد النظام أو مهاجمة خصومه و هي ظاهرة فاقت الوصف عقب تولي الرئيس المعزول مرسي و و صلت لأقصى مراحلها خلال فترة الحكم الحالي و ساعدت كافة الأنظمة على إنتشارها بل وإستغلالها بقوة .
ومن ضمن الأسباب التي دعت لخروج المظاهرات كان الإنفلات الأمني له الدور الأول في خروج 25 تظاهرة تندد به و تطالب بعودة الأمن للشارع في حين حركت الضبطية القضائية 17 تظاهرة أعادت للأذهان مطالب الماضي ، بينما أحدث رد الفعل الدولى على الأحداث المصرية حالة من الغضب حركت 8 إحتجاجات ضد المعونة الأمريكية و 5 ضد التدخل في شئون مصر و 11 إحتجاج ضد الهجمة العسكرية التي دعت لشنها إدارة أوباما على الأراضي السورية.
كما مثلت المشكلات الخاصة بالمناخ التعليمي والمطالب الإقتصاية والإجتماعية حوالي 21.6% من المطالب الإحتجاجية ، ففي حين خرجت 102 فاعلية إحتجاجية للمطالبة بتحسبن بيئة العمل و بعض الحقوق الطلابية التي أهمها حقوق الإلتحاق بالجامعات لطلاب التعليم الفني ، خرجت عشرات التظاهرات المطالبة بالحقوق و الخدمات المتعلقة بمناخ العمل حيث خرج 16 إحتجاج للمطالبة بالمستحقات المالية للعمال ، في حين نفذ 13 احتجاج للمطالبة بالتعيين و 11 احتجاج ضد النقل التعسفي وإحتجاجات خاصة بتوفير خدمات للعمل مثل السماد و مواقف السيارات و غيرها . لكن الأكثر حدة هو رصد المؤشر لـ 3 إحتجاجات من عمال النظافة إعتدى المحافظ على زميلهم بالصفع في الشارع لمجرد أن العامل تلقى تفاحة من مواطن و إنتهى الأمر بصلح و نسيان ، لكن السيد محافظ البحيرة كرر الأمر نفسه مع صحفي بشكل أضحى إهانه واضحة ومتكررة لم تتخذ الدولة فيها أي إجراء و بناءا عليه فإن المؤشر يطالب بإقالة محافظ البحيرة لإعتدائه عمدا على موظف حكومي و صحفي أثناء تأدية وظيفتهما وإهانة كرامتهما – إذا ثبت ذلك بالتحقيقات التي لابد وأن تكون قد أجريت بالفعل .
وأضاف التقرير أن هناك 22 شكلا و مسارا احتجاجيا إنتهجم المحتجون خلال الشهر تصدرها المسيرات الإحتجاجية بعدما نفذ المحتجون 375 مسيرة بشكل يجعل من المسيرات الوسيلة الأمثل للمحتجين و التي تغطي مساحات جغرافية أوسع وتحدث دوى أكبر و تصبح أصعب في الملاحقة ، بينما نفذ المحتجون 201 وقفة احتجاجية و 180 تظاهرة بالإضافة لـ 52 سلسة بشرية و 41 تجمهر . لكن على الرغم من الشكل السلمي لتلك الوسائل الإحتجاجية إلا أنها عادة ما تنتهي بشجارات ومصادمات بين المؤيدين والمعارضين للدولة وخاصة معظمها الذي نفذ لأسباب سياسية حملت مواجهات بين مؤيدي النظام الحالي و مؤيدي الجماعة .
فيما أطل العنف المباشر على الوسائل الاحتجاجاية المنتهجة خلال الشهر بعدما نفذ المحتجون 33 حالة قطع طريق ، بالإضافة لـ 13 حالة إغلاق وإقتحام لهيئات 4 حالات إضرام نيران بمنشآت و 3 حالات إقتحام موكب مسئول و حالة إنتحار .
و يأتي تنفيذ 12 حالة جمع توقيعات كشكل إحتجاجي يطالب بعزل أحد المسئولين أو مدراء العمل أو غيره كشكل يوطد من إنتهاج تلك الوسيلة بكثرة بعدما تم إستخدامها في حملة تمرد ، لكن المنتهجون لتلك الوسيلة ربما لم يدركوا حتى الآن أنه حتى الآن لم تسفر إستمارات تمرد عن عزل الرئيس و لكنها صبت في توحيد المواطنين بالشارع احتجاجا على نظام حاكم.
في حين أضحت حالات الإحتجاج الداعية لعدم دفع فواتير الكهرباء و غيرها و حالات تعطيل المترو أحد المسارات التي انتهجها المنتمين للإخوان في محاولة للضغط على الدولة بكافة الأشكال في حين تعتبر مثل تلك الدعوات مسببا رئيسيا لحالة الإحتقان المستمرة والمتزايدة بينهم وبين الشارع المصري.
ونوه التقرير إلى أن القاهرة تصدرت المشهد الاحتجاجي بشكل بعيد عن المركزية بعدما شهدت 136 إحتجاج بواقع 14% من الإحتجاجات ، تلتها الإسكندرية التي شهدت 86 إحتجاج و المنوفية بـ 84 إحتجاج ، فيما شهدت الجيزة وقوع 79 إحتجاج و تلتها الشرقية بـ 71 ، لتستضيف تلك المحافظات الخمس قرابة نصف (47%) إحتجاجات الشهر .
شهدت محافظات كفر الشيخ و الغربية والقليوبية و المنيا و الإسماعيلية والسويس ودمياط والدقهلية و أسيوط و الفيوم متوسط إحتجاجات بلغ من 50 – 30 إحتجاج خلال الشهر ، وإحتل مجموع الإحتجاجات الذي وقع في تلك المحافظات العشر على 40% من إحتجاجات الشهر ، فيما كانت محافظة جنوب سيناء هي أقل المحافظات إحتجاجا بعدما شهدت إحتجاجا واحدا .
عكست حالة الحراك الطلابي في المدارس والجامعات المصرية الكثير من سوءات السياسات التعليمية في مصر بشكل يوجب على الدولة إتخاذ سياسات و إجراءات جديدة لإصلاح المنظومة التعليمية بشكل كامل عوضا عن هذا التردي المستمر في الأوضاع التعليمية المصرية.
إرسال تعليق