تحقيق - أسامة المحمدى
شارك فى التحقيق
محمد سالم - إسماعيل القصبى - ماهر العطار - أية هشام .مريم أسامة
محمد سالم - إسماعيل القصبى - ماهر العطار - أية هشام .مريم أسامة
اجتاحت الحمي القلاعية عدد من المحافظات المصرية من بينها الفيوم والشرقية والقليوبية والغربية، وغيرها، ما تسبب في نفوق عشرات الآلاف من رءوس الماشية، في ظل عجز شبه تام لوزارة الزراعة وعدم استعداد لمواجهة هذا الوباء.
يقول عبد المعطي محمود من سنورس صاحب إحدي مزارع تربية الماشية: إن الوحدة البيطرية لدينا وكذلك بالقرى المجاورة لا تسعفنا برغم استغاثتنا بهم اكثر من مرة وعندما نيأس في استجابتهم نستعين بطبيب بيطري من الخارج يؤكد أنها حمي قلاعية ثقيلة وهذا يجعلنا نخسر يوميا من4 إلى 5 عجول يوميا، رغم أننا نتبع ارشادات الطبيب البيطري بدقة والذي يكلفنا مبالغ باهظة ولكن ليس امامنا خيار اخر لانقاذ الماشية النافقة فجأة برغم اخذ الدواء.
ويضيف أحمد محمد، صاحب إحدي المزارع لتربية المواشي بسوهاج: إن المرض يأتي للحيوانات الكبيرة والصغيرة على السواء، مشيرا إلى أن ثمن العجل 18 ألف جنيه تقريبا ويكون في أتم صحة وما أن تأتيه أعراض المرض يموت مباشرة في مدة وجيزة.
وتوضح الدكتورة ناهد حامد غنيم استاذ الامراض المشتركة بين الإنسان والحيوان بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة والمعنية بمرض الحمي القلاعية أن هذا المرض من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان ولكنه حيواني بالدرجة الأولي، وهو ضعيف في إصابته للإنسان ولكن لا ندري إذا كان هناك عترة خاصة منه قد تصيب الإنسان أيضا بقوة.
وأشارت الدكتورة ناهد إلى أن هذا المرض يظهر في الأبقار والجاموس علي هيئة قرح في اللثة ويسيل لعاب الحيوان فلا يأكل ولا يشرب ويحدث له هزال كما أنها تصيب الحافر بالتهابات شديدة تصل لدرجة قلعه ولذلك سميت بالحمى القلاعية.
مضيفا أن هذا المرض مصدر للعدوي ولكن من رحمة الله أن الحيوان يحدث له بعد الذبح ما يعرفه العامة باسم (التشميع) حيث يفرز اللحم حمض لاكتيك أسيد وهو يميت الفيروس، وبالتالي فهي بعد الذبح ليس مصدر عدوى وحتي اللبن فبعد غليه جيدًا لا توجد خطورة منه، موضحة أن خطورة علي المتعاملين مع الحيوان تكون قبل الذبح، وتستمر الخطورة علي من يقوم بعملية الذبح أيضا، لافتا إلى أن احتمال انتقال العدوى كذلك يأتي من شرب اللبن قبل غليه لأنه حامل للفيروس، ومن هنا تأتي الخطورة على من يقوم بعملية الحلب.
مرض الحمى القلاعـيـة ؟
كشف الإندلاع الواسع لوباء الحمى القلاعية في شتى أنحاء العالم النقاب عن مشكلة تهدد الثروة الحيوانية في العالم وتهدد الأمن الغذائي العالمي ولذلك كان لابد لنا من وقفة نتحدث خلالها عن هذا المرض الخطير ..
من العسير تحديد مدى انتشار هذا المرض في أي وقت من الأوقات, وبالنظر إلى استحالة المكافحة الفعالة ضمن الموارد المتاحة فإن العديد من البلدان تحجم عن تحديد الحجم الكمي للمشكلة القائمة؛ وعوضاً عن ذلك فإنها تسعى إلى مواجهة العواقب فحسب.
وفيما يتعلق بكثير من البلدان فإن الجائحة التي واجهتها المملكة المتحدة على سبيل المثال والتي شملت قرابة 1500 حالة انتشار خلال أربعة أشهر فحسب، ليست أمراً يبعث على القلق الشديد بالنسبة للمزارعين ولكن حتى على المستوى الاقتصادي الأوربي !!
يتسم مرض الحمى القلاعية بالأهمية من حيث آثاره على التجارة الدولية بسبب ما يخلّفه من عواقب مالية، فالبلدان النامية تسعى جاهدة لمنع انتشار المرض فيها لأنه يؤدي إلى خفض إنتاج الألبان، وإلى تباطؤ معدل نمو قطعان الماشية، مما يعني إلحاق خسائر جسيمة بها.
وهكذا فإن البلدان توظِّف استثمارات ضخمة لتفادي جائحات المرض ذات التكاليف الباهظة، وهو ما يتجلى من التكلفة التقديرية لاستئصال المرض في المملكة المتحدة، والتي تتراوح بين 3 إلى 60 مليار دولار.
وبسبب الآثار الخطيرة لهذا المرض على جميع المستويات كان لابد لنا من إعداد هذا البحث المبسط الذي يعطينا بعض المعلومات عن هذا المرض وآثاره وطرق انتشاره ومخاطره ووضعنا كذلك تحليلاً مبسطاً لمشكلة الحمى القلاعية من الجانب الأخلاقي والاقتصادي والقانوني ..
وقد اعتمدنا في تحليل بعض جوانب هذه القضية على سوق ومزارع دولة الإمارات العربية المتحدة كونها أحد الدول العربية التي عانت من انتشار هذا المرض بين الأبقار فيها ..
ما هو مرض الحمى القلاعية ؟
يسمى بالإنجليزية مرض (الظلف والفم) أو مرض (أفتوسا) وهو مرض فيروسي سريع الانتشار المرض يصيب الحيوانات ذات الظلف المشقوق مثل الأبقار والأغنام والماعز والخنازير، كما أنه يصيب الحيوانات البرية كالغزلان ، ويمكنه إصابة الحيوانات ذات الخف كالجمال والأفيال أما الخيول فلديها مناعة ضد هذا المرض!
من أعراضه تكون فقاعات مملوءة بسائل على اللسان والشفتين والفم والحلق والبلعوم والمناطق الرقيقة من الجلد كالضرع وبين الأظلاف أو أصابع الحيوان في الأقدام أو فوق الأخفاف ، وهناك نحو سبع سلالات مختلفة مناعياً من الفيروس المسبب للمرض، وكل سلالة تصيب فصيلة أو عدة فصائل مختلفة من الحيوانات ، وتختلف شدة أعراض المرض تبعاً لنوع السلالة الفيروسية المسببة له.
وينتقل الفيروس بواسطة العلف الملوث بالفيروس أو من خلال استنشاق الهواء في المناطق الموبوءة ، والفيروس يكون فقاعة مائية أولية خلال 24 إلى 48 ساعة في مكان دخوله الجسم ، بعدها ترتفع درجة حرارة الحيوان المصاب فترة تتراوح بين 24 و 36 ساعة، وفي هذه الفترة يكون الحيوان ناقلاً العدوى بدرجة كبيرة ، حيث يفرز الفيروس في اللعاب واللبن والبراز ، وتتورم شفتا الحيوان المصاب وكذلك يسيل اللعاب بشدة من فم الحيوانات المصابة ليصل إلى الأرض على هيئة خطوط فضية طويلة وتنتشر الفقاعات في الفم والبلعوم واللثة ، وعادة ما تنفجر وتترك قرحاً مؤلمة ملتهبة ، لدرجة أنها تمنع الحيوان من تناول العلائق ، كما تظهر الفقاعات نفسها على الأقدام ، التي تتقرح وتلتهب فتظهر الحويصلات بين الأظلاف مما يسبب للحيوانات المصابة بهذا المرض صعوبة في المشي والحركة ..
وقد أكد الأطباء على أن مرض الحمى القلاعية الذي يتفشى بين الحيوانات ذات الحوافر المزدوجة يصيب الإنسان أحياناً وخاصة الأطفال مسبباً الحمى والقيء وظهور فقاقيع صغيرة على الشفتين واللسان وداخل الفم وفيروس الحمى القلاعية من الفيروسات الضعيفة ومع ذلك نستطيع أن نقول بأنه نادراً ما يصيب الإنسان ..
انتشار المرض
يمكن إرجاع سهولة انتشار فيروس الحمى القلاعية إلى ثلاثة عواملة مهمة هي مقاومة الفيروس القوية لكل اللقاحات وقابليته للتطاير بالإضافة إلى ازدياد عدد مزارع التربية وارتفاع الكثافة فيها ، وسهولة حركة الحيوانات من مكان إلى آخر… وهذا كله يجعل مرض الحمى القلاعية ينتشر بشكل أسرع ويصيب حيوانات أكبر !!
يقول الاختصاصي البيطري برنار فالا: (يستطيع الفيروس العيش بضعة أيام في الهواء الخارجي، ثم ينتقل من حيوان إلى آخر بالاحتكاك المباشر، أو عن طريق الهواء ، أو أرجل الحيوانات الملوثة التي تضعها في الطين ، وأيضاً عن طريق الأحذية وإطارات السيارات).
توجد عوامل بيئية واجتماعية واقتصادية أخرى تساعد على سرعة انتقال العدوى وعلى رأسها انتشار تربية الحيوانات على نطاق واسع وبشكل مكثف ، بعد أن كانت مقصورة على بعض المزارع المعزولة ومن ثم فإن تكدس هذه الحيوانات في مصانع اللحوم يسهل عملية انتقال الفيروس ، إضافة إلى سائر الفيروسات المعدية كما يلعب تبادل الحيوانات، وهو أسلوب متبع في تربيتها دوراً حيوياً في العدوى، فلم تعد الحيوانات تقضي عمرها بالكامل في مزرعة واحدة بل تنتقل من وحدة متخصصة في التكاثر إلى وحدة أخرى متخصصة في التسمين.. إلخ .. وهكذا يجد الفيروس نفسه محمولاً من ضحية إلى أخرى مجاناً وبسهولة كبيرة.
إرسال تعليق