Home » » المرحلة القادمة صعود ام هبوط...بعد انتخابات الرئاسة المصرية الإسلام السياسي أمام امتحان..التحديات كبيرة تبدأ من الوضع المعيشي وصولاً إلى قضايا الأمة التاريخية

المرحلة القادمة صعود ام هبوط...بعد انتخابات الرئاسة المصرية الإسلام السياسي أمام امتحان..التحديات كبيرة تبدأ من الوضع المعيشي وصولاً إلى قضايا الأمة التاريخية

رئيس التحرير : Unknown on الخميس، 12 يوليو 2012 | 9:18 ص


المهندس عبد الله بابتي خريج كلية الهندسة في جامعة القاهرة حيث قضى فيها ست سنوات ما بين 1958 - 1964 عايش فكر الاخوان المسلمين عن كثب من خلال ما أصدره كبار قادتهم بدءا بالإمام حسن البنا ومرورا بالشهيد سيد قطب وشقيقه محمد قطب وبعدهم الذين ترددوا على لبنان أمثال عبد الحكيم عابدين وسعيد رمضان والدكتور مصطفى السباعي وغيرهم كثير.

يُعد من المجموعة الأولى التي أسست الجماعة الإسلامية في لبنان (1964) وتسلم فيها بشكل دائم كبرى المسؤوليات في القيادة التنفيذية وفي مجلس الشورى. وأهم نشاطاته كانت خلال الاحداث اللبنانية ومع القيادات التي تعاطت معها كونه مسؤولا سياسيا للجماعة الإسلامية في لبنان.

اليوم وبعد عودة الإسلام السياسي الى الواجهة كان للمهندس بابتي جولة على قيادات مصر ما بعد الثورة وخاصة قادة الاخوان المسلمين فيها وكانت له محطات هامة هناك، «لواء الفيحاء والشمال» خصص المهندس بابتي في مقابلة عنوانها ماذا بعد تسلم الدكتور مرسي رئاسة مصر بعد الثورة؟،  وعن دور الإسلام السياسي في عالمنا الإسلامي والتحديات التي تواجهه في مقاربة قضايا الأمة وهذا نص المقابلة.
< المهندس عبد الله بابتي قال: في أيام تنصيب الرئيس محمد مرسي رئيسا لجمهورية مصر العربية تواصلت مع قوى عديدة في مصر مع حركة الاخوان المسلمين وبعض الإعلاميين وأساتذة الجامعات واطلعت على الكثير من الأمور.

وأضاف: ان موضوع الحراك في مصر انطلق من تونس وتحرك المصريون نتيجة معاناة طويلة من حكم العسكر الذي امتد 60 عاما وكان آخره عهد مبارك الذي قصم ظهر البعير في انتخابات مجلس الشعب وقد تفرد الحزب الحاكم بجميع المقاعد، وبعد ذلك مارس كل أنواع الفساد في الدولة ان لجهة الاستثمارات الزراعية وبيعها بأبخس الأثمان وجعل شعب مصر يعيش في ضائقة اقتصادية في ظل غياب الحرية. وهذه المعاناة جعلت جموع الشعب المصري بمئات الآلاف تأخذ من ميدان التحرير موقعا لها لتحمل على هذا العهد، وسقط مبارك وبدأت المحاكمات وبقي المجلس العسكري يمارس السلطة وهو لم يكن متجردا ان كان في عملية حماية فلول النظام ولعب لعبة في ترشيح أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد مبارك وقام بكل أنواع الضغوط ليصل هذا الأخير الى سدة الرئاسة، والواقع ان كثيرين أخذوا بالدعايات والتضليل ونشر الشائعات على ان مرسي لن يكون رئيسا للجمهورية واعتبر في الدورة الأولى في الموقع الخامس فحقق المرتية الأولى ونجح أيضا في الدورة الثانية لان الشعب المصري أراد أن يثبت ثورته ويصل الى نهاية سعيدة. 

وتابع المهندس بابتي قائلا: اليوم أمام الرئيس مرسي، كرئيس جمهورية وهو من الحركة الإسلامية، تحديات كبرى أولها ما يجب أن يقوم به تجاه استقرار مصر السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومصر أكبر دولة عربية ولكنها منهكة لان الانظمة العسكرية سلبتها كل شيء بدءا بالحرية وتترك أكثرية الشعب المصري تحت خط الفقر، كما ان هناك شلة تمتلك أموالا طائلة. واليوم أبرز ما يواجهه مرسي هو تأمين قوت الملايين الجائعة من الشعب المصري الذي عانى ما عاناه في الماضي، وتأمين الحياة اللائقة بشروطها الدنيا من أجل أن تتلازم مع ثورة الحرية ومع ثورة الجياع، هو أمام تحدٍ كبير بما يتعلق بمعاهدة كامب ديفيد التي اقتطعت مصر عن العالم العربي واليوم مصر تنتظر أن يعاد النظر في هذه المعاهدة المذلة لكي تأخذ دورها الطبيعي وأن تكون في مقدمة الدول العربية التي تراعي القضية الأم، قضية فلسطين والشعوب العربية، واليوم الشعب المصري يتطلع الى موقف قومي رائد يعيد الحق الى شعب فلسطين ويوقف هذا العدوان على الأرض والانسان ويوقف الاعتداءات على الارض ويواجه إعلان يهودية الدولة التي تبعد العرب من الأراضي الفلسطينة ويتفرد في حكمها العدو الصهيوني ويمعن باغتصابه لها، لذلك على الرئيس مرسي أن يعيد النظر بكل هذه الاتفاقيات وأن يقنع الدول الكبرى وفي مقدمتها اميركا لوضع الأمور في نصابها.
وعن دور الإسلام السياسي ومستقبله قال: الإسلام السياسي أمام امتحان مثله مثل أي نظام يتسلم الحكم في أي بلد ونحن كمتابعين لحركة الاخوان المسلمين الذي انشاها الإمام حسن البنا وبدأت بعمليات التحرير في قناة السويس ضد الاحتلال الانكليزي وبعده عند حرب الـ 48 في فلسطين عندما ذهبت جحافل منها لتقاتل وعادت لتدك في السجون أيام الملك فاروق، ثم انها مع اختلافها مع الانظمة العسكرية بقيت حركة تدعم حرية الرأي ولم تلجأ يوما الى استخدام العنف والارهاب وصابرت وجاهدت لتغيير سلمي في الأنظمة القائمة في مصر.

كل هذا التاريخ يعطي انطباعا خاصا عن مبادئ الاسلام السمحة ومسيرة هذه الحركة التي نرى فيها اليوم كثيرا من التفاؤل بأنها ستعالج الأمور مع كل مقتضيات الظرف القائم بنجاح وموضوعية، والدكتور مرسي كرائد من روادها مشهود له بالعلم والتواضع والحكمة والحنكة مع فريق عمل سوف يختاره من كل أطياف الشعب المصري. انه بإذن الله سينجح. 

وختم قائلا: لا شك ان الحراك العربي جاء نتيجة المعاناة الطويلة، وان حركة النهضة في تونس فازت بالانتخابات في المجلس التأسيسي ثم تداعت لتلتقي مع كثير من أطياف المجتمع التونسي العلمانية والقومية واليسارية وأقامت تحالفا وطنيا كان هدفه الأساسي إزالة الفساد من البلاد وإستعادة الحرية ونجحت في ذلك، ونرى ان المواقع الأساسية تسلمتها الاحزاب، أي حزب المؤتمر والحزب الديمقراطي وحزب النهضة، وكل واحدة منها تعمل من مركز القيادة في البلاد من أجل إستعادة تونس لأوضاعها المستقرة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا. وهذا النموذج يمكن أن يطبق في مصر لأنها قريبة منه باعتبار الحركة الإسلامية تتطلع الى تعاون أوسع، ولو ان الحركات فيها تبقى ناشئة لكن في المطلق الحركة برئاسة مرسي سوف تتعاون مع الجميع لتسلك طريقا سلميا لتحقيق غايات ثورة 25 يناير.

وتناول المهندس بابتي الحدث الأهم الذي تعيش عليه مصر اليوم ويشكل الضجّة القائمة حول قرار الرئيس المصري محمد مرسي بشأن مجلس الشعب ولفت الى انه لا مبرر لها بنظر كل متجرّد، لأن قرار الرئيس متوازن وموضوعي بعيداً عن كل ما يحاول كثيرون أن يكون مأخذاً عليه ومدعاةً لحرب ضروس ضده ومعه جماعة الإخوان المسلمين.

واعتبر ان حل مجلس الشعب الصادر عن المحكمة الدستورية العليا الذي اعتمده المجلس العسكري قبل انتخابات الرئاسة لخلفيات شتى! يقضي بتعديله لجهة باستمرار مجلس الشعب واستئناف مهامه ريثما ينجز دستور البلاد من قبل الهيئة التأسيسية التي أُبرمت هيكليتها سابقاً، ومن ثم في ظل دستور جديد يصار إلى إجراء انتخابات جديدة لهذا المجلس. فأين المشكلة في ذلك؟
وان الرئيس من جهة لا يرى بعد تنصيبه وممارساته لصلاحياته مسوغاً لقيام فراغ تشريعي، ومن جهة أخرى فان المجلس العسكري لا يحق له أخذ هذه الصلاحية مهما كانت الظروف، وإصراره عليها سابقاً قبل انتخاب الرئيس كان في ظل مرحلة من الفراغ الدستوري، وهذا ما حصل في 17 حزيران حين أصدر الدستور المكمّل الذي اعتمده وتولى فيه صفة التشريع من غير وجه حق، أما اليوم وبعد تنصيب الرئيس مرسي الذي أظهر حنكة وحكمة في خطاب جامعة القاهرة، فقد أعلن تمسكه أمام أعضاء مجلسي الشعب والشورى وكل العالم بضرورة عودة التشريع إليهما دون المجلس العسكري الذي انتهى دوره، كما أكد مرسي في خطابه الثاني في الحفل الذي أقامه المجلس العسكري كلاماً واضحاً في هذا الشأن.

أما المحكمة الدستورية العليا وقرارها الذي استند إلى بند واحد هو التباس قام في ثلث أعضاء مجلس الشعب، ولم يتطرّق إلى نجاح الثلثين لغياب أية شائبة، وبالتالي لا يجوز التعرّض أو إلغاء العضوية لمن اختاره الشعب بملء إرادته. والمعالجة تبقى حصراً في مشكلة التداخل بين ثلث أعضاء المجلس على أساس الترشيح المستقل والحزبي. وعليه فإن الحل المطلوب في هذا الثلث يقضي بإجراء انتخابات فرعية لمن وقعت عضويته في هذا الإشكال القانوني ليس إلاّ، وبإدراكنا لهذه الوقائع يكون لمجلس الشعب الأكثرية الساحقة التي تتشكل من الثلثين الشرعيين وبعض أعضاء الثلث، وبالتالي فإن له حق الممارسة دون أيّ عائق قانوني.

يبقى أن نشير إلى صفة التحدي التي سارع الإعلام وبعض قادة الأحزاب المصرية لإلصاقها في هذه المعركة بين الرئيس والمحكمة، وقد أصرّت على قرارها القاضي بحل مجلس الشعب، فإن المجلس العسكري هو الذي يدرك حقائق الأمور، وعليه أن يسارع إلى التزام الحق والإنصاف خدمة لاستقرار البلد ومنعاً لكل محاولات العرقلة في وجه الرئيس المنتخب. إذ هو وحده يملك منع التأزم ووقف الصراع الذي بدأت ملامحه تظهر في عودة التظاهر الى ميدان التحرير، وتمنع على الرئيس ممارسة صلاحياته وتنفيذ خططه، في إرساء النهضة والاستقرار، خاصة على صعيد الاقتصاد المتدهور المستشرية وقمع الحريات العامة. وهذا ما يعطّل دوره في الداخل وريادة مصر في المنطقة في الخارج.
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق