Home » » طه خليفة يكتب : المحرضون على الانقلاب..البسطاء يتفاعلون مع إنشاء ديوان المظالم

طه خليفة يكتب : المحرضون على الانقلاب..البسطاء يتفاعلون مع إنشاء ديوان المظالم

رئيس التحرير : Unknown on الثلاثاء، 10 يوليو 2012 | 12:22 م

طه خليفة
بقلم : طه خليفة 

قرار الرئيس محمد مرسي بعودة البرلمان لممارسة دوره التشريعي جاء مفاجئا، واعتبره المعارضون أنه صادم.

وكالعادة انقسمت النخبة بحدة حول القرار، أما الشعب فهو في واد آخر حيث لم يعد مشغولا بمثل هذه القضايا إنما ما يشغله هو لقمة العيش والأمن والوظيفة، والدليل أن المصريين البسطاء يتفاعلون مع إنشاء ديوان المظالم حيث يتقاطر الألوف منهم لتقديم شكاواهم ومظالمهم الخاصة، فضلا عن الوقفات الفئوية أمام القصر الجمهوري، لكن لا أحد منهم مستعد للخروج ليقف مع عودة البرلمان، أو مع بقائه منحلا.

من داخل النخبة نقف أمام أساتذة القانون الدستوري أصحاب الفقه والعلم في قضية مجلس الشعب حيث نجدهم منقسمين بحدة بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة، وهو استمرار لنفس الانقسام بنفس الأسماء منذ صدور قرار المحكمة الدستورية ببطلان بعض المواد أو الفقرات في قانون انتخابه وما ترتب عليه من قرار للمشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري بحله . بل إذا وسعنا دائرة النظر فسنجد أن النخبة التي أراها أحد أسباب الأزمات المتتالية منقسمة منذ استفتاء التعديلات الدستورية في مارس الماضي إلى اليوم وهو انقسام يلحق الضرر بمصر شعبا ودولة.

لكن الخطير جدا أن يتجاوز البعض رصانة التحليل، وتنوير الناس بالرأي المعتبر، وعرض وجهات نظرهم حتى لو كان الحق في جانبهم في مسألة عودة البرلمان إلى ممارسة دور المحرض الصريح للمجلس العسكري للانقلاب على الرئيس المنتخب، بل وعزله، ومحاكمته أيضا بتهم غليظة وصلت إلى درجة الخيانة العظمى ،هكذا بكل بساطة مما لم يحصل مع مبارك الذي سقط في ثورة شعبية. وما حدث ليلة صدور قرار الرئيس يؤكد مرة أخرى أننا لا نسير على طريق الديمقراطية، وتقبل الرأي والرأي الآخر، والنقاش البناء، والنظر للمصلحة الوطنية إنما انتهاز الفرص من جانب أهل الغرض للإمعان في الخصومة وتصفية حسابات شخصية مع التيار الذي يعادونه، فمن الواضح أننا مازلنا أسرى أجواء الاستبداد وأن الطريق مازالت طويلة لإدارة الخلاف بطريقة ديمقراطية والخوف ألا نكون مستعدين للتغيير الحقيقي ويكون الحنين إلى الحكم الديكتاتوري هو جين وراثي يصعب علاجه لا بإصلاح هادئ ولا بثورة شعبية. فحينما يتم الاستغاثة بالمجلس العسكري باعتبار أنه يملك القوة على الأرض للانقلاب على الرئيس المنتخب فهذا لا يبشر بخير، فهل مع كل خلاف قانوني أو سياسي سنسمع الأصوات ذاتها تستقوي بالمؤسسة العسكرية ؟، إذن ما الضرورة للانتخابات وتسليم السلطة للمدنيين ،كان الجيش بقي حاكما وانتهى الأمر؟. ثم هل دور المؤسسة العسكرية هو حفظ الأمن ودرء الأخطار الخارجية أم الانقلابات والانغماس في الشأن السياسي الداخلي على النمط التركي القديم والفاشل، وقد ثبت أن إدارة الأوضاع الداخلية هو عبء ثقيل عليها لم يكلل بالنجاح خلال عام ونصف العام من الحكم بعد الثورة؟. والمؤسسة العسكرية ليست دولة داخل الدولة، وليست مؤسسة فوق المؤسسات، ولا ينبغي تحويلها إلى فزاعة للرئيس أو السلطة التشريعية المنتخبين إذا أصدرا مالم يكن على هوى البعض.

استمعت في برنامج واحد اسمه "مصر تقرر" على قناة الحياة إلى ثلاثة وهم يتنافسون في التحريض والدعوة للانقلاب هم : الدكتور إبراهيم درويش، والمهندس ممدوح حمزة، والخبير العسكري اللواء حمدي بخيت، فماذا لو كنت قد تمكنت من متابعة عشرات البرامج الأخرى، الأكيد أن قائمة المحرضين ستكون طويلة. كما قرأت تصريحات عديدة تسير في نفس الاتجاه استفزني منها ماهو منسوب لأستاذ القانون الدكتور شوقي السيد أحد رجال نظام مبارك الذي عاد للظهور مع أحمد شفيق وهو يطالب المجلس العسكري بمحاصرة القصر الجمهوري، وكذلك مجلس الشعب لمنع دخول النواب!.

الجنرال بخيت منحاز بالكلية للمجلس العسكري ولقراراته أيا كانت فهو ضابط سابق ودوما متحمس ومستفز خلال ظهوره على الفضائيات، وأفهم أن يدعو للإطاحة بمرسي فهو عسكري قلبا وقالبا حتى لو خلع البذلة العسكرية، والعسكر بطبيعتهم لم يتدربوا على الديمقراطية وتعارض الآراء إنما على السمع والطاعة وهذا لا يصلح عندما ينخرطون في الشأن السياسي.

وألاحظ دوما أن الجنرالات الذين خرجوا من الخدمة وتحولوا إلى خبراء مازالوا يحتفظون بعقليتهم العسكرية رغم أنهم يمارسون حياتهم المدنية وتحللوا من القيود الانضباطية العسكرية، كما ألاحظ ذلك أيضا مع لواءات الشرطة السابقين حيث لم أستمع لواحد منهم ينتقد ولو على خفيف سلوك بعض العناصر أو تجاوزاتها ولو بالنصيحة بل هم في موقف الدفاع الدائم عن الشرطة البريئة.

ممدوح حمزة بطريقته الرعناء تجاوز كل الحدود في دعوته الانقلابية التي يمكن أن تضعه تحت طائلة المحاسبة حيث طالب قادة وضباط الأفرع الرئيسية بالجيش بالانقلاب المزدوج على المجلس العسكري الذي يتهمه بالتقاعس وعلى الرئيس في نفس الوقت، هذا واحد من ثوار التحرير يتجاوز كل المحرمات والخطوط الحمراء ليكون فوضويا مدمرا بدل أن يقدم نموذجا في الخلاف الديمقراطي الحر.

لكن المشكلة في إبراهيم درويش الذي يعتبر أن قرار مرسي كارثة على مصر أكبر من كارثة 67، تصوروا إلى أي مدى يصل فقيه دستوري في التوصيف الذي ينضح بالخصومة والشخصنة، ولذلك يطالب المجلس العسكري بالانقلاب على الرئيس، ويعلن بوضوح أنه حاول الاتصال بالأعضاء الذين يعرفهم في المجلس العسكري ليدفعهم لاتخاذ قرار واضح - أي التحريض على الانقلاب - لكنهم لم يردوا عليه!.

درويش يضع نفسه في خدمة المجلس العسكري، ويقال أنه هو الذي وضع الإعلان الدستوري المكمل وهو يشن هجوما لا يتوقف على المؤسسات المنتخبة لأن غالبيتها من لون سياسي يختلف معه وهذا هو الخطير عندما يخلط هو وتهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية بين دوريهما القانوني والقضائي - الذي يجب أن يكون منزها عن الهوى - بموقفيهما السياسي، وهو أمر شبيه بالخلط الفج للدين في السياسة فتكون النتيجة - في الحالتين - إفساداً لهما وإشعال حرائق.

على كل ، ما يجري في مصر اليوم هو حلقة جديدة من حلقات الفوضى التي تضرب البلاد منذ الثورة. لا أحد يفهم شيئا في أي شيء، ولا أحد متفق مع أحد على أي شيء.

إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق