Home » » حماده عوضين يقدم قراءة فى كتاب “تحولات بيروت” لسامر معضاد يحكى قصته مع بيروت باسلوب فوتوغرافي

حماده عوضين يقدم قراءة فى كتاب “تحولات بيروت” لسامر معضاد يحكى قصته مع بيروت باسلوب فوتوغرافي

رئيس التحرير : Unknown on الثلاثاء، 30 أكتوبر 2012 | 11:44 ص


امر ممتع جدا ان تحلق بالصور فى اعماق مدينة تعشقها حيث يسترجع المصور اللبناني سامر معضاد بالكلمات والصور في كتابه “تحولات بيروت”، الذي وقعه  في معرض الكتاب الفرانكوفوني في بيروت، صوراً للعاصمه اللبنانيه من اربع مراحل تمتد علي 27 عاماً، بالابيض والاسود وبالالوان، تمثل تحولاتها التي تشبه، بحسب معضاد، تحولات الشرنقه، او دوده القز، “قبل ان تصبح فراشه”.

يقع الكتاب المتوسط الحجم الذي صدر عن دار “اكت سود “الفرنسية، في 225 صفحه، وتزين غلافه صور لساحه الشهداء في بيروت التقطت في فترات مختلفه. وللكتاب مدخلان: من اليمين مع مقدمه باللغة العربية، ومن اليسار مع مقدمه بالفرنسيه، وهو مقسم الي اربع مراحل تصويريه، وخمسه فصول، يروي فيها بالكلمات قصته مع مدينه بيروت.

ويقول سامر معضاد (48 عاماً) ان “تحولات بيروت” يضم نحو 110 صور، مشيراً الي انه يروي فيه بالفرنسيه “ظروف المرحله التي تتماشي مع الصور من 1985 الي اليوم”. ويضيف ان الكتاب يرتبط بمسيرته، ونظرته الي بيروت، وكيف عاشها، لافتاً الي انه بني هذا العمل علي مدي 27 عاماً لينقل الذاكره ويحافظ عليها من النسيان من دون ان يعيش حنين ما قبل الحرب.

ويلاحظ معضاد ان ثمه فرقاً بين طائر الفينيق الذي يولد من رماده، ومدينه بيروت، موضحاً “الفينيق يولد بالشكل نفسه، اما بيروت فخضعت لتحولات غيرت شكلها. هي مثل الشرنقه، او دوده القز التي تمر بتحولات قبل ان تصبح فراشه”.

وتتناول الصفحات الاولي من الكتاب القسم الاخير من الحرب اللبنانية، ويمر معضاد بمرحله تنظيف بيروت، ثم هدم الابنيه المتضرره والمتصدعه، واعاده الاعمار، وفي الوقت نفسه يروي قصه المؤسسه العربيه للصوره التي اسسها، مقارناً بينها وبين الوضع السياسي في لبنان “من ناحيه الانقسامات القبليه بين الطوائف”.

في الكتاب مزيج من صور بالاسود والابيض والالوان، تعكس تناقضات هذه المدينة. ولا يرتبط اعتماد اللون بفتره معينه علي ما يقول معضاد، لكن مضمون الكتاب يعكس الانتقال من مرحله الصور السالبه (النيغاتيف) الي مرحله الصور الرقميه (الديجيتال) التي بدات بالصور التي التقطها بدءاً من العام 2005.

ويعتبر معضاد ان “التصوير فن شعبي، اذ بات كل فرد يصور بهاتفه”، ولكنه يعتبر ان “الفرق يكمن في النيه”. ويقول في هذا الاتجاه “عندما اصبحت مصوراً محترفاً، وكانت تسند الي مهمات صحافيه، كنت انفذ المهمه بتصرف، ولا التزم بحرفيه المطلوب مني، بل اصور الموضوع من منظوري، وكما اراه، وابرز ما لا يظهره المصور الصحافي عاده”.

ويروي “عندما ارسلتني مجله باري ماتش (الفرنسيه) الي بيروت للمره الاولي في العام 1989 بهدف تصوير الجثث والمعارك، عدت بصور تظهر الوجه الاخر للحرب، وهو الجانب المتعلق بالناس الذين يعيشون في ظل الحرب. صورت التناقض بين اللبنانيين الذي يرتادون المسابح واماكن السهر، والمهجرين الذين ينامون في سيارتهم، او في الخيم، هرباً من القصف علي بيروت”.

كل صوره من صور معضاد تروي قصه، وتتطلب وقتاً لقراءتها واكتشافها والتعمق بزواياها والوانها وموضوعها، ويقول “صوري تضم كثيراً من الناس، مما قد يزعج البعض في قراءتها”. وتحمل صور معضاد روحاً وحركه ونفساً شاعرياً، و”يسافر المتفرج عبر النظرات ليفهم ظروف الصوره”، علي ما يقول.

ويعتبر ان المرحله التاريخيه الاغني بالصور هي المرحله الانتقاليه ما بين 1988 ــ 1992، اي ما بين الحرب والسلم.

ويستذكر معضاد الذي درس التصوير في جامعه سان لوك لييج في بلجيكا، ان الحرب التي شهدها لبنان في العام 1989 “كانت الاعنف، ولكن فجاه توقف كل شيء، وبدات الجرافات عملها في وسط بيروت. كان ثمه امل بعد فتره من الياس. وكذلك الفتره ما بين 1993 و2003، حيث بدات الحرب الباردة بين الجماعات اللبنانيه علي كل المستويات السياسيه والثقافيه والاجتماعيه”.

ويصدر “تحولات بيروت” في بيروت قبل ان يوزع في فرنسا في مارس في معرض الكتاب في باريس. ويفتتح في الثامن من نوفمبر معرض للصور التي يتضمنها الكتاب في المركز الفرنسي في بيروت.

ويشرح اكثر مشيرا بدأت قصتي مع بيروت عندما كنت طفلاً أبحث بدهشة في علب صور أمي وابي، فوجدت علبتين مليئتين بالصور مخبأتين على رفوف الخزانة في غرفة النوم. كنت أضطر إلى الصعود على الدرج الجرار السفلي للوصول إلى الصندوقين السحريين. أظهرت لي هذه الصور عائلتي كما لم أرها من قبل. وأيقظت المدينة والمتاجر الظاهرة في الخلفية من خلال الحشود الأحلام في مخيلة الطفل الذي كنته حينها. وفي الصورة التي أثرت بي أكثر من غيرها، رأيت أمي في العشرينيات من عمرها ترتدي نظارات سوداء وتنورة قصيرة وقميصاً رفعت قبته، يقف بجانبها أخوها الأصغر.

حدد سياق بداياتي منذ خمسة وعشرين عاماً وجهة نظري من بيروت، كما تأثرت بالتحوّلات التي خضعت لها المدينة. كنت أعلم منذ البداية أنه سيأتي يوم أحكي فيه قصة هذه المدينة التي أنظر لها نظرة قريبة وبعيدة في الوقت ذاته.

أردت أن أبرز في الرواية اللحظات الأساسية في الخمس وعشرين سنة المنصرمة التي تحولت بيروت خلالها، فهي رضخت لإغراء جعلها أكثر جمالاً في مرآة المهندسين المعماريين الكبار.

وغالباً ما تحقق ذلك على حساب مصالح سكان المدينة واحتياجاتهم وحساسياتهم.

إن معظم الصور التي تشكل هذه الرواية هي بالأبيض والأسود. إذ يتيح هذا الخيار تكوين تصور أفضل عن تناقضات المدينة. فبحذف المعلومات المتعددة التي تضيفها الألوان نشعر بصورة مباشرة بشاعرية بيروت وشغفها ومعاناتها.

وقد وُلد معرض "تحولات بيروت" والكتاب الذي يحمل العنوان ذاته من العلاقة بين تحوّلات المدينة وخبرتي في فن التصوير.

إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق