Home » » مصر.. والعاصفة الاقتصادية القادمة..وانتظار ثورة ثانية أكثر عنفا

مصر.. والعاصفة الاقتصادية القادمة..وانتظار ثورة ثانية أكثر عنفا

رئيس التحرير : Unknown on السبت، 13 أكتوبر 2012 | 12:41 م



يتوقع أندرو ناتسيوس ، مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية السابق ، أن الأزمة الاقتصادية في مصر والتي تتكشف ببطء، قد تبتلع البلد و تقودها فى موجة عالية على مدى السنوات القليلة المقبلة إلى ثورة ثانية أكثر عنفا.
و يقول ناتسيوس ان الاوضاع فى مصر خلال و بعد الثورة تميزت نسبيا بضبط النفس مقارنة مع المذابح في ليبيا واليمن وسوريا،. فلقد لقى ألف شخص مصرعه فقط و ليس عشرات الآلاف ، لذا يمكن اعتبارها ثورة سليمة، و ظلت البنية التحتية المادية والصناعية المهترئة قائمة ، وأجهزة سلطة الدولة واصلت العمل و ان كانت غير فعالة و فاسدة .
لكن المظاهر قد تكون مضللة والأزمة الاقتصادية القادمة يمكن أن تؤدي إلى انهيار الدولة. فمصر تواجه الان أربع أزمات اقتصادية: ارتفاع أسعار المواد الغذائية بسرعة والعجز في الميزانية، والتباطؤ الاقتصادي الحاد الدافع لارتفاع معدلات البطالة ، وأزمة طويلة الأمد بشان الموارد المائية لنهر النيل.
ولقد أضرت الفوضى السياسية في البلاد صناعة السياحة في مصر، وهى تمثل ما يقرب من 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتمثل أكبر مصدر للعملة الأجنبية المطلوبة لاستيراد القمح و الحبوب الأساسية لما يقرب من نصف السكان . ووفقا للتقاريرالرسمية انخفضت السياحة بنسبة 30 في المئة في عام 2011، ولكن مصادر غير رسمية ترى انخفاض حاد أكثر بنسبة 40-80 في المئة عام 2012.
قبل الثورة كان الاقتصاد ينمو بمعدل مثير للاعجاب بلغ 5 في المئة ، بينما في العام الماضي نما الاقتصاد فقط بنسبة 1 في المئة. و من تقل أعمارهم باقل من 25 عاما يمثلون أكثر من 50 في المئة من البطالة .
و تشير الدراسات إلى أن البلدان النامية ذات النسب العالية من الشباب العاطلين عن العمل ، في كثير من الأحيان تكون أعلى خطرا تجاه الصراع الداخلي .
ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال ، مصر هي أكبر مستورد ومستهلك للفرد الواحد من القمح في العالم، وبالتالي لديها حساسية خاصة لأسعار الغذاء العالمية. و قد ارتفعت في الصيف الماضي أسعار القمح والذرة في الأسواق العالمية بنسبة 25 في المئة، بسبب ظروف الجفاف في البلدان الرئيسية المنتجة للحبوب .. و ارتفاع المواد الغذائية ياتى على قمة الاسباب التى ساعدت على إشعال الثورات العربية في نهاية عام 2010 .
دعم الخبز فى مصر مازال يعد وسيلة للحفاظ على الاستقرار السياسي، ولكن هذه الإعانات تعد الآن اقتصاديا وماليا امرا لا يمكن تحمله. وأظهرت الاستطلاعات في 2011 من قبل السفارة الأميركية في القاهرة ان ما لا يقل عن 50 في المئة من السكان يشعرون بعدم الأمان اقتصاديا، وعلى راس المخاوف ان نصف المصريين قد لا يكونون قادرين على إطعام أنفسهم وخاصة إذا كان الغى دعم الخبز أو خفض .
لذا فان أي إصلاحات للنظام الغذائي المصري - وهو امر مصر فى حاجة ماسة له - يمكن ان يزعزع استقرار النظام السياسي الهش في الفترة الانتقالية المحفوفة بالمخاطر. ولا يزال دعم الخبز والطاقة قائما و يفلس الخزانة الوطنية.
و يبلغ قيمة دعم الطاقة(الكهرباء والغاز) والمواد الغذائية (القمح) ما يقرب من 30 في المائة من الميزانية الوطنية وآخذ في الارتفاع ، وذهذا الدعم يعزز انتشار الفساد والحد من الإنتاجية للاقتصاد، لكنه يبقى الشوارع بعيدا عن الانفجار. و تحاول حكومة مرسي الحصول على مليارات الدولارات من الخارج في شكل قروض من البنك الدولي، ومن حكومة الولايات المتحدة، ودول الخليج لدعم الميزانية والاقتصاد.. ولكن كل هذا سوف يؤدي إلى زيادة الدين القومي والحد من النمو في المستقبل.
ويرى اندرو ناتسيوس ، ان أخطر تحد يواجه مصر على المدى الطويل هو تدفق المياه من نهر النيل.. فدون النيل ليس هناك مصر: ثمانون مليون شخص (و قريبا سيصبحون 98 مليون ) سوف يعيشون في الصحراء دون الماء الداعم للحياة. و بالفعل تراجعت مياه النيل لعشرات السنين، ولكن قد تصل إلى مستوى الأزمة على مدى السنوات الخمس المقبلة. فالحكومة الإثيوبية الآن تقوم ببناء ما يمكن أن يكون أكبر سد في أفريقيا الذى سوف ينتج أكثر من 5،000 ميجاوات من الكهرباء باستخدام مياه النيل الأزرق.. كذلك هناك البخر من البحيرة التى ستضم 65مليون متر مكعب من المياه نتيجة بناء السد سيخفض تدفقات نهر النيل ، وكذلك هناك مياه الري التى ستحتاجها اثيوبيا فى الزراعة بالمستقل (على الرغم من نفي الإثيوبيين استخدامها للري).. كل هذا اصاب الحكومة المصرية بالقلق وحتى من قبل بناء السد ، ويقال أنها وقعت اتفاقا سريا مع الحكومة السودانية لبناء قاعدة جوية على الحدود بين السودان وإثيوبيا من أجل تفجير محتمل للسد(الذي بدأت اثيوبيا البناء فيه قبل نحو عام) ، وبالإضافة الى اثيوبيا هناك السودان التى تبنى أربعة سدود جديدة على نهر النيل شمال الخرطوم.
حكومة مرسي الجديدة ، وليس هناك ما يثير الدهشة، ان يهيمن عليها الموالون لجماعة الإخوان المسلمين عديمي الخبرة الخاصة.
وواضعي السياسات ومنفذوها اللازمين لتوجيه مصر للخروج من هذا المستنقع الاقتصادي يتسمون بالبطء والهدوء.
ويوصف العديدين ، مجلس الوزراء الحالى ، بانه مجلس من الدرجة الثانية، وغير قادر على التعامل مع هذه المجموعة المعقدة من القضايا. و الحكومة الضعيفة المكونة من المسؤولين عديمي الخبرة قد لا تكون على استعداد لاتخاذ الخيارات الصعبة بشان قضايا المياه أو الدعم الخاص بالغذاء والطاقة .. وهى قرارات لازمة للعودة بالاقتصاد على المسار الصحيح. أو تهدئة المخاوف بالنسبة للسياح المحتملين الذين لديهم مخاوف بما فيه الكفاية من قبل حول عدم الاستقرار تدفعهم لإلغاء عطلاتهم في مصر.
و يرى أندرو ناتسيوس ، ان الإخوان المسلمين لديهم تنظيم شعبي عميق وواسع في مصر، لكنها لا تملك أي خبرة لتحكم بلد على المستوى الوطني و تواجه أزمة مروعة فى هذا الامر.
إن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر تعد تحدي حتى امام أمهر صناع القرار والقادة السياسيين، ولكن النزوح المحتمل من التكنوقراط المصريين المهرة يزيد من خطر فشل جماعة الإخوان المسلمين ، وربما يكون الفشل ذريعا فى معالجة الأزمة الاقتصادية. وفي هذه الحالة سوف تتآكل القاعده الشعبية للدعم مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية ولا يستطيع الفقراء إطعام أنفسهم. و من ثم يدب اليأس فى جماعة الإخوان مما يضطرهم على الأرجح للجوء إلى الطرف السلفي،لمساعدتهم فى دعم صفوفهم . و السلفيين من شأنهم أن يزيدوا الضغط على حكومة جماعة الإخوان المسلمين لاعتناق مواقف أكثر تطرفا ، وبالتالي تسريع هروب النخبة المتعلمة وهو ما سيضع مستقبل مصر في خطر.
اما الدول الغربية ودول الخليج لديها مصلحة استراتيجية في ضمان و دعم منع الحكومة المصرية الجديدة من الوقوع ضمن هذه الهاوية الاقتصادية التى سيترتب عليها عدم الاستقرار ، والأزمة الإنسانية التي من شأنها أن تنتج تداعيات سياسية لا يحمد نتائجها.
أندرو ناتسيوس - هو عضو بمعهد هدسون للابحاث والدراسات الامريكية ، شغل منصب مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية من 2001 إلى 2005، وعين منسقا خاصا لتقديم المساعدة الدولية من الكوارث ومنسق الشؤون الإنسانية الخاص للسودان.
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق