تقدم النائب العام المستشار طلعت إبراهيم بمذكرة إلى المستشار محمد ممتاز رئيس مجلس القضاء الأعلى يوم الخميس الماضى الموافق 20 من ديسمبر، الموقعة بخط يده وروي خلالها تفاصيل واقعة إجباره على توقيع قرار استقالته بخط يده داخل مكتبه يوم 17 ديسمبر، بعد حصار أعضاء النيابة العامة له داخل مكتبه بدار القضاء العالى.
تناولت المذكرة التى سلمها النائب العام لرئيس مجلس القضاء الأعلى فى البداية تفاصيل إسناد منصب النائب العام له، وفقًا للإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس مرسى ، وظروف قبوله بالمنصب، وما أحيط به من مؤامرات لإثنائه على العمل وإعاقة مسيرة استقرار القضاء والنيابة العامة.
كما ذكر المستشار طلعت إبراهيم أن أعضاء النيابة العامة الذين حاصروا مكتبه الأسبوع الماضى يوم الإثنين 17 ديسمبر منعوه من مباشرة عمله أو الخروج من مكتبه إلا بعد إجباره على التقدم باستقالته، واصفًا هذه الواقعة بالجمهرة غير المقبولة، وأن مجموعة منهم أطلقوا عبارات لا تمثل خروجًا عن المسلك القضائى فحسب، بل تمثل جرائم يعاقب عليها القانون.
وكشفت سطور المذكرة تفاصيل الساعات الأخيرة التى عاشها النائب العام داخل مكتبه محاصَرًا حتى وقت توقيع قرار الاستقالة بخط يده، حيث أوضح أنه شعورا منه بالمسئولية الوطنية تكشف له أن المقصود بحصاره هو إحداث فوضى بالبلاد إذا تم بالفعل ما أراده البعض من تعدٍّ على مكتب النائب العام، وإتلاف ما به من مستندات وملفات مرفقة بتحقيقات متعلقة بالفساد، وفشل الأمن فى إنهاء الحصار بكافة الطرق السلمية، واستمرار منعه قسرًا من الخروج من مكتبه إلا بعد تقديم الاستقالة.
الأمر الذى دفع النائب العام المستشار طلعت إبراهيم لكتابة قرار استقالته مكرهًا ومنعًا لإحداث فوضى، مشترطًا ألا تقدم إلا بعد الاستفتاء، وذلك خروجًا من الأزمة حتى لا ينقلب الأمر إلى فوضى، لا سيما وأن الوقت كان فى المرحلة الأخيرة للاستفتاء على دستور جديد للبلاد.
وطالب من مجلس القضاء الأعلى التحقيق فيما ارتكبه أعضاء النيابة العامة ووقع منهم من أفعال وأقوال وجرائم يحاسب عليها القانون، ومحاسبة من حرض على حصار مكتبه، مؤكدًا عدم تخليه عن منصبه ومهام عمله، كما طالب باعتبار مذكرة الاستقالة الأولى التى أجبر على كتابتها هى والعدم سواء.
جدير بالذكر أن المستشار طلعت إبراهيم النائب العام قد وقع على قرار استقالته من منصبه الذى كتبه بخط يده، مساء يوم الإثنين الموافق 17 ديسمبر وقدمه إلى المستشار محمد ممتاز رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وذلك بعد حصاره لعدة ساعات داخل مكتبه من قبل أعضاء النيابة العامة الرافضين والمعارضين لوجوده بالمنصب.
ثم قرر النائب العام التراجع عن استقالته يوم الخميس الماضى الموافق 20 ديسمبر بمذكرة أعدها، وتقدم بها إلى المجلس الأعلى للقضاء، قرر فيها العدول عن قراره لاتخاذه مجبرًا ومكرها على توقيعه.
وجاء نص المذكرة كالتالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد المستشار الجليل/ رئيس مجلس القضاء الأعلى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شرفت بإسناد منصب النائب العام إلى شخصي بقرار دستورى من رئيس الجمهورية بعد أن عملت نائبًا لرئيس محكمة النقض المصرية، وباشرت عملى منذ اليوم الأول داعما لاستقرار القضاء والنيابة العامة، إلا أننى فوجئت ومنذ اليوم الأول بمن يحاول أن يعيق تلك المسيرة حتى لا أتمكن من القيام بدورى كنائب عام لمصر، تارة بالتهوين والاستخفاف بالمنصب، وتارة أخرى بعدم الانصياع إلى التعليمات الصادرة منا كجهة اختصاص.
ثم كانت ثالثة الأثافى أن قامت مجموعة من أعضاء النيابة العامة يوم الإثنين الماضى الموافق 17/12/2012 بحصار مكتب النائب العام، ومنعنا من مباشرة عملنا أو الخروج منه إلا بعد أن أتقدم باستقالتى، وذلك فى جمهرة غير مقبولة، وعبارات لا تمثل خروجا عن المسلك القضائى فحسب، وإنما تمثل جرائم يعاقب عليها القانون.
وثابت ذلك بوسائل الإعلام التى قامت بتغطية هذا الحدث، والسى دى المرفق، والذى ينبئ بوضوح عن محاولة ماكرة للنيل من صرح القضاء الشامخ والمساس بهيبة أعضائه وكرامتهم.
وإزاء ذلك وإحساسا منى بمسئوليتى تجاه وطنى، وبعد أن ظهر جليا أن المقصود بذلك هو إحداث فوضى بالبلاد إذا تم بالفعل تعدٍّ على مكتب النائب العام، وإتلاف ما به من ملفات ومستندات مرفقة بتحقيقات متعلقة بالفساد، ومع هذا الإصرار والحصار الذى فشل الأمن فى إنهائه بكافة الطرق السلمية، وحرصا على سلامة وهيبة أعضاء النيابة العامة.
فقد طلبت من الله تعالى أن يلهمنى الصواب بعد أن منعت قسرا من الخروج من مكتبى إلا بعد تقديم استقالتى، فقمت بكتابتها فى ظل تلك الظروف مشترطًا ألا تقدم إلا بعد الاستفتاء، وذلك خروجا من الأزمة، وحتى لا ينقلب الأمر إلى فوضى، سيما ونحن على أبواب المرحلة الأخيرة للاستفتاء على دستور البلاد الجديد.
وإننى وإذ أرفع إلى مجلسكم الموقر هذه المذكرة معبرا فيها عن أسفى لما وقع فيه بعض أبنائنا من أعضاء النيابة العامة من أفعال وأقوال تمثل جرائم يعاقب عليها القانون، مطالبًا بالتحقيق فيها ومعاقبة مرتكبيها ومن حرض عليها، ومعلنا أمام مجلسكم الموقر أننى لن أتخلى عن مهمتى التى أوكلت إلى، وطالبًا من مجلسكم الموقر اعتبار الاستقالة المذكورة هى والعدم سواء، وأعاهد الله تعالى وأعاهدكم وأعاهد شعب مصر العظيم أن أرقى بالقضاء، وأن أعمل جاهدا على دعم استقلال ونزاهة أعضاء النيابة العامة حتى يؤدى كل واحد منهم عمله باستقلالية وحرفية وحيدة ونزاهة.
وفقكم الله لما فيه خير البلاد والعباد.
النائب العام
طلعت عبد الله
إرسال تعليق