Home » » "القرويين".. أعرق جامعة إسلامية تبحث عن أدوارها المفقودة...هل يعود دورها السياسي وتدريس العلوم الأخرى بخلاف العلوم الشرعية

"القرويين".. أعرق جامعة إسلامية تبحث عن أدوارها المفقودة...هل يعود دورها السياسي وتدريس العلوم الأخرى بخلاف العلوم الشرعية

رئيس التحرير : Unknown on الأربعاء، 9 يناير 2013 | 11:58 ص




 أعرق مؤسسة علمية إسلامية، ماتزال أبوابها مشرعة إلى اليوم للطلاب كما للمصلين، ومع عمر يمتد لأكثر من ألف سنة، تحافظ جامعة القرويين في مدينة فاس العتيقة، شرق المغرب، على ريادتها كقطب معرفي يحفظ الثقافة الإسلامية، فيما تتوالى الدعوات حاليا لإعادة أدوارها في صياغة الفكر السياسي وتدريس العلوم من مختلف المجالات. 

ومسجد القرويين الذي لقب حين بنائه "بجامع الشرفاء"، وكان مسجدا صغيرا يؤمه أهل القيروان بفاس لأداء الفروض، إلى أن وهبت فاطمة الفهرية- إحدى نساء مدينة القيروان التونسية الوافدات إلى فاس- كل ما تملكه من مال من أجل توسعته وعمارته عام 859 م، وبجانبه بنت أختها "مريم القيروانية" جامع الأندلس، وفي هذين الصرحين الدينيين، سيتلقى علماء وفلاسفة أهم العلوم، وتصاغ نظريات علمية في الطب والرياضيات، وتؤلف كتب شتى.

كل من حكم فاس، منذ أن أقيمت فيها ركائز أول دولة في تاريخ المغرب، سيهتم بجامع القرويين وبطلابه وعلمائه، ويعمل على توسيع بنيانه، حتى تستمر "القرويين" ومكتباتها وقاعات درسها ومسجدها في صناعة النخبة في المغرب الإسلامي، وداخل أروقتها كما تحدثت الروايات التاريخية كان أهل العلم ونخبته يتداولون في القرارات السياسية وفي النصائح التي توجه للأمراء.

لكن، في عهد الدولة المرينية التي حكمت المغرب لأكثر من قرنين (1244م- 1465م)، اتخذت "القرويين" سمات الجامعة بمقوماتها الحديثة، بعد أن أحاطت بها مدارس تؤوي الطلاب وتوفر لهم سبل العيش والدراسة، وستوضع المناهج العلمية الموحدة، ليصبح جامع القرويين ليس مجرد مسجد يتلقى فيه الطلاب العلوم، بل مؤسسة تعتمد منهاجا تعليميا دقيقا، وتوفر مكتبتها مخطوطات في مختلف التخصصات.

ويحمل صحن مسجد القرويين في عمارته وشكل بنائه، شبها قريبا بصحن "الأسود" الشهير بقصر الحمراء في مدينة غرناطة الأندلسية، كما تبدو الزخارف والفسيفساء التي تزين أجنحته ذات شبه وثيق بفن العمارة الأندلسية، وإن احتفظ بخصوصية مغربية أمازيغية واضحة.

إلى جانب أروقة الصلاة التي يقصدها المصلون، يضم الجامع غرفا يقيم فيها طلاب العلم وقاعات دراسة ومختلف المرافق التي يحتاجونها خلال أيام إقامتهم الطويلة داخل الجامعة.

ودور جامعة القرويين لم يقتصر على الجانب الثقافي والتعليمي، بل امتد إلى صياغة القرارات التي تخص تدبير الشأن السياسي العام، فبيعة الأمراء كانت تتم في أروقتها، وإفتاء كبار العلماء في القضايا الكبرى للبلاد كانت تتم في مجامعها، إلى جانب تدريب القضاة ورؤساء الدواوين وغيرهم من أفراد النخبة السياسية للبلاد.

هذا الدور السياسي سيتصاعد مع بداية الاستعمار الفرنسي للمغرب عام 1912، الذي سيطلق على الجامعة "البيت المظلم" لما كانت تمثله من رمز ثقافي وديني يدعو لمقاومة المستعمر وحفظ الهوية.

وتتوالى الدعوات في المغرب حاليا لإعادة هذه الأدوار إلى جامعة القرويين والتي بدأت تفقدها تباعا مع ظهور الجامعات الحديثة، ليقتصر دور القرويين اليوم على تخريج المختصين في الشريعة الإسلامية وأصول الدين، ويدعو مثقفون مغاربة إلى عدم تجميد دور القرويين في الإشعاع الثقافي والمعرفي لفاس والمغرب.

في زقاق ضيق، قريب من مسجد الأندلس الشهير بالمدينة، وبالقرب من ضريح مؤسس فاس وباني عدوتها (حيها) الأندلسية، المولى إدريس الثاني ، يتراءى باب جامعة القرويين بزخارف مغربية– أندلسية بديعة، باب دخله علماء ومؤرخون، حصَّلوا فيه علما وألقوا فيه مواعظ ودروس، كالمؤرخ ابن خلدون، والفيلسوف اليهودي ابن ميمون الذي تعلم فيها ودرَّس لطلابها، والطبيب الأندلسي ابن باجة، والوزير القرطبي لسان الدين الخطيب، والمتصوف ابن عربي، وغيرهم ممن حصلوا المعرفة في جامعة القرويين في فاس ونقلوها إلى غيرها من المدن الإسلامية.:الأناضول:
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق