Home » » نواصل نشر مذكرات ناشر مصري (5)

نواصل نشر مذكرات ناشر مصري (5)

رئيس التحرير : Unknown on الخميس، 21 فبراير 2013 | 6:36 ص




بقلم - احمد منتصر : 

المشي في الشارع بلا هدف والوقوف بناصية محب مع سعيد لمعاكسة البنات في طنطا. كانت تلك هي حياتي. وتمر علينا السيارات الفارهة. والبنات اللائي يرتدين أشيك الفساتين. هل يمكن لمعفن مثلي في يوم ما أن يحصد مثل ذلك؟.. كانت المصاريف تزيد والأيام تترى وملابسي تزداد خروقا. عرفت الكثيرين ممن لا يقدرون قيمة الفلوس والتي عرفت قيمتها جيدًا. وعرفت الكثيرين يشبهونني ولكنهم كانوا وما زالوا يبحثون عن المعادلة السحرية لكسب الفلوس. أشوط الحجارة بالشارع وأمضي. بالتأكيد ثمة مخرج..

ثمة نور.

جاءني اتصال من عبد الله شلبي مدير توزيع دار ليلى وأنا بإحدى جلسات صالون طنطا بوك هاوس. أخبرني أنه يريد إرسال كتبًا لي بالآجل بخصم 30%. قلت مفيش مشاكل. وبالفعل أرسل لي قائمة بإصدارات الدار التي كانت محصورة في شلة صغيرة انبثقت من المؤسسة العربية الحديثة ومشروع روايات مصرية للجيب. منهم أحمد خالد توفيق وتامر إبراهيم ومحمد فتحي ومحمد علاء الدين ونبيل فاروق ومدير الدار محمد سامي وغيرهم. أرسلوا لي كرتونة سجائر ضخمة تعبت في حملها وساعدني الصديق الكاتب الكبير أحمد محيي الدين بسيارته في إحضار الكرتونة من شركة الشحن الحبيبة توب إكسبرس إلى المنزل. وكنت قد استبشرت خيرًا لأنه معروف أن أحمد خالد توفيق حاليًا أكثر من يبيع ويحقق مبيعات جبارة.

بعد هذا توالت الاتصالات من دور النشر لإرسال كتبًا للمكتبة. شمس ورواية ومير وبيت الياسمين وغيرها. قمت بعرض الكتب بدولاب قديم كان من ممتلكات جدتي رحمها الله. وفي المقر الأخير للمكتبة كانت صالة شقة جدتي خالية إلا من كنبة وسجادة وبعض الكراسي البلاستيكية بلا ظهر هنا وهناك. قمنا بعمل العديد من حفلات التوقيع وجلسات صالون طنطا الليبرالي ولكن كان الحضور سيئا. اللهم ورشة الصحفي الشهير مصطفى فتحي والذي جاء مشكورًا من القاهرة لعقد ورشة في الصحافة الإلكترونية فحضر العديد من الشباب. كنت حزينا للغاية لما وصل إليه المشروع فمبيعات المكتبة تقريبًا صفر اللهم أحد الشعراء الشباب الذي جاء من مدينة المحلة متوسمًا أن أنشر له ديوانه مجانا فاشترى بمئة جنيه أو أكثر بعض كتب دار ليلى.

كانت المبيعات بالتقريب كالتالي طوال عدة شهور:

رواية إيموز إسلام مصباح دار عرب بالمنصورة 3 نسخ!

أتوبيس عام إسكندرية آسر مطر دار العين 5 نسخ! 

كتب أحمد خالد توفيق تم بيع 5 نسخ منها كلها على بعضها!

كتابي الأول ربنا يهديك طنطا بوك هاوس نفسها وبخمسة جنيه بيع منه 7 نسخ!

باقي الكتب إما لم تبع أو بيع منها نسخة واحدة فقط..

كانت المبيعات محبطة ولم أكن أتخيلها. لم أكن أتخيل بالطبع تحقيق أرباح كبيرة. لكن على الأقل أن أبيع في الشهر بـ300 جنيه ليكون صافي الربح 100 جنيه حتى يا سيدي. ولكن لم يحدث ذلك. صرت بعد كده أقول لأي كاتب جاي ينشر مع طنطا بوك هاوس الوضع التفصيلي لحالة المبيعات. بحيث لو كان داخل بعشم تحقيق ربح مادي أعمل فيه جميلة وأريح دماغي بعد كده لو كان مفكر إني نصاب ولا حاجة ويقعد يشتمني. أما لو تقبل الليلة وفهم إن النشر فايدته معنوية فقط. فأنا أكبر مستفيد ماديًا من نسبتي ف تكلفة نشر كتابه وكمان حيشكرني.

قمت بعمل رحلات جبارة حيث وزعت كتابي ربنا يهديك أول كتاب نشرته طنطا بوك هاوس بعدة مدن وفي أسبوع واحد كان الكتاب بمكتبات في كايرو وإسكندرية والمنصورة وطنطا والزقازيق والمحلة الكبرى. وفيما يلي شرح ما جرى مع بعض هذه المكتبات بشيء من التفصيل والسرعة في نفس الوقت:

القاهرة/ مكتبة عمر بوك ستور/ ش طلعت حرب من ميدان التحرير فوق مطعم فلفلة:

هذه المكتبة رائعة ومن أحسن ما يكون في هذا الواقع الثقافي المر. باعت لي هذه المكتبة 10 نسخ من كتابي ربنا يهديك وهو رقم كبير جدًا لمن لا يعلم حالة السوق. وحتى الآن وبعد مرور ثلاث سنوات على صدور الكتاب ما زالت تعرضه لدرجة إني بفكر أديها فلوس لأنها تعرض لي كل هذه المدة كتر خيرهم.

القاهرة/ مكتبة حنين/ جاردن سيتي أمام عيادة دكتور علاء الأسواني:

استقبلني الرجل المؤدب هناك والذي لا أعرفه استقبالا حافلا باعتبار إني جاي من طنطا مخصوص وبتاع. ولكن بعد شهرين تلاتة المكتبة أفلست نظرًا لقلة المبيعات وقفلت.

إسكندرية/ فرشة أحمد الأبيض/ محطة الرمل بجوار فشار جوجو:

هذا الرجل من أنصب ما يكون. أولا يأخذ نسبة كبيرة جدًا على المبيعات حوالي 60 أو 70% وكأنه فرجين سيتي ستارز. وثانيًا يتأخر جدًا في الحساب ومواعيده مضروبة. وثالثا مثل كل الفرشات يبيع بأكتر من السعر المتفق عليه يعني لو الكتاب بخمسة جنيه يبيعه بعشرة جنيه.

إسكندرية/ المعرض الإسلامي/ ش صفية زغلول من محطة الرمل:

نصاب إسكندراني آخر. لدرجة إن الواحد معدش بيؤمن بمقولة (إسكندرية أحسن ناس). أو يمكن المقصود بأحسن ناس المصطافين هناك بس هع هع هع. ولكن الرجل جميل جدًا في مجال الدعاية حيث يمر عليه كبار الصحفيين العرب ليطلعوا على أحدث إصدارات دور النشر لذلك بروحله كل سنة أديله خمس نسخ من كل كتاب من قبيل الدعاية وسبحان الله بيتباعوا ف أسبوع أو أقل.

المنصورة/ مكتبة بوكس أند بينز / الشارع الضيق اللي قدام بوابة جزيرة الورد:

كنت مستبشرًا خيرًا بهذه المكتبة لأن صاحبها المليونير دكتور أشرف وجدي يدعم الشباب معنويًا وبتاع. مع الوقت عرفت أن المليونيرات الذين يدعمون الشباب معنويًا لا يدعمونهم ماديًا متعرفش بقى بيخافوا من المنافسة ولا حقد وغيرة وخلاص هع هع. المهم أن بوكس أند بينز بعد أسبوع من تسليم نسخ كتابي ليها حطته ف المخزن وحكى لي صديق لا أتذكر اسمه حب يشجعني ويشتري كتابي إنه قعد نص ساعة بحالها مستني والموظف هناك بيدور على كتابي بعد شتمي وسبي شخصيًا لأني مش عاجب الموظف اللطيف هناك وف الآخر جابله الموظف نسخة وقاله متاخدهوش أحسن.

الزقازيق/ مكتبة أولاد غريب/ بجوار صهاريج المية هناك:

يجب أن يكون هناك مندوب للكاتب أو دار النشر يتابع المكتبة من وقت لآخر عشان تستمر في عرض الكتاب وتحاسب على المبيعات أول بأول. الراجل ف المكتبة دي رحب بي أول مرة وبعدين اشتكى لي صديقي محمد حسين إنه بيزعق ومش راضي يحاسبه. اضطررت للنزول للزقازيق مرة أخرى مخصوص وبالفعل فوجئت إن الراجل أول ما بكلمه بيزعقلي بطريقة عصبية يبدو من ضغط الشغل أو هو مجرد مريض نفسي. وبشيء من الصبر زنيت عليه لحد ما اداني 35 جنيه مبيعات الدفعة الأولى من نسخ ربنا يهديك فاديته خمس نسخ تانيين بس مسألتش بعد كده ولا نزلت الزقازيق تاني لأن المشوار رخم والمكسب معدوم بعد خصم تكلفة السفر.

طنطا/ صحافة الأهرام/ جزيرة شارع المديرية أمام البنزينة:

الراجل ده واسمه حامد حنطول معاه لأنه تسبب في إني كدت أقفل طنطا بوك هاوس كلها. في البدء اضطررت لعرض الكتب المعروضة بطنطا بوك هاوس لديه بعد إغلاق المكتبة نهائيًا لأني اتكسفت أقول لدور النشر اللي بعتتلي كتبها إني مش عارف أبيع. في الأول حاسبني بما مجموعه ييجي 200 جنيه ولكن بالتقسيط لدرجة إني كنت كل ليلة تقريبًا بروحله يعني عاوزله موظف أو مندوب يتابعه مخصوص. بعد كده قعد ياخد كميات من الكتب بحجة إن السوق واقف والثورة فلستني يا عم وأنا ببني وداخل على جواز وأبويا مريض.. إلخ إلخ. حتى وصلت ديونه إلى آلاف الجنيهات في سنة واحدة بس 2011. الراجل ده كان بيبيع كويس عشان المكان بتاعه اللي ف الشارع وإنه بجوار محطة قطار طنطا. لكن مع الوقت اكتشفت إني اتنصب عليا بس واحدة واحدة خاصة مع اتصالات دور نشر شمس وليلى فين الفلووووووس فين الفلوووووس تحس إن إسلام شمس الدين ومحمد سامي حيفلسوا على ألفين تلاتة خلاص يا مفتريين.

كنت أمام خيارين أصعب من بعض ساعتها: الأول إني أدفع نيابة عن حامد فلوس دور نشر شمس وليلى ومير ورواية وبيت الياسمين واللي تقدر بييجي 3000 جنيه مع الـ2000 اللي عليا لأمي عشان نشر كتابي ربنا يهديك يبقى أنا كده حقعد أسدد في حوالي 5000 جنيه على مدار عدة سنين. أو أعتذر لدور النشر دي ولأمي ولأمة لا إله إلا الله وده اللي حصل بالفعل. واديت إسلام شمس الدين ومحمد سامي مدراء داري نشر شمس وليلى عنوان حامد بحيث يتصرفوا معاه لو عاوزين وطبعا طنشوا أو معرفوش يعني جايين يتشطروا عليا أنا الغلبان هع هع. أما زياد مدير دار نشر بيت الياسمين فكان زعلان جدًا لأنه عاوز 300 جنيه فلوس التلات كتب اللي ادهالي. قلت له في براءة: متهيألي هما كانوا أربع كتب هع هع هع. فقال لي: يا سيدي خليهم 300 بس حتجبهم إمتى؟. وكان دمه محروق أوي ع التليفون شكله اتنصب عليه من مكتبات وموزعين وناس حلوين زيي كده. وموضوع المبيعات والحساب مع الموزعين والمكتبات ده خلى دور نشر كتيرة تقفل بجانب موضوع تكلفة النشر اللي حنتكلم عليه فيما بعد.

وقامت الثورة وهييييه والناس فرحانة كيك وأنا نفسي كرجل برجماتي أصيل انبهرت بيها وفكرت فعلا الفساد حيتحارب والشباب حياخد حقه من العواجيز والدنيا حتبقى بيس. إلا إنه مع الوقت استمرت منظومة الفساد بل استشرت أكتر. يعني بدل ما الحكم دكتاتوري لا بقى دكتاتوري ديني. وبدل ما الأسعار الغالية تقل زادت. وبدل ما الشباب يشتغل ويمسك مناصب اتقتل واتسحل واتعذب هع هع هع. ومع الوقت لقيت إن البرجماتية كما قلت في كتابي ربنا يهديك هي أنسب ما يمكن التعامل به في هذا الواقع اللطيف. صحيح حتتشتم وتتحارب من المثاليين والفاسدين على حد سواء وحيقاطعوك. لكن على الأقل مدام أنا شايف إني صح يبقى خلاص. وتستمر منظومة الفساد إلى ما لا نهاية وحرب الكلاب..

احمد منتصر

إنشر هذا الخبر :

+ التعليقات + 1 التعليقات

21 فبراير 2013 في 7:01 ص

سوف نتابع يومياتك ويا ريت تنشرها اعتقد دى حتكسب كتير مع الادباء اللى بيتنصب عليهم
تحياتى لك

إرسال تعليق