أقيمت ندوة فكريـة ضمن فعاليات معرض القاهـرة الدولي للكتـاب، لإطلاق سلسة " كلاسيكيات " أدارها الناقد د. صـلاح فضـل ، و تحدّث فيها د. جابر عصفـور ، أمين عام المجلس الأعلى للثقافة الأسبق ، ومدير المركز القومي للترجمة سابقًا و وزيـر الثقافـة الأسبق ، والشـاعر فاروق شوشـة ، والكـاتب الصحفي الباحث في تاريـخ الفكر المصري حلمي النمنم ، رئيس مجلس إدارة دار الهـلال الصحفية السابق والناشـر محمد رشـاد ، رئيس مجلس إدارة الـدار المصـرية اللبنانيـة.
و «كلاسيكيات الأدب العربي" سلسلة أدبية وفكرية وثقافية جديدة بدأ إصدارها في الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة بالتزامن مع انطلاق معرض القاهـرة الدولي للكتـاب، خرج إلى النور منها حتى الآن كتب: العبرات والنظرات (ثلاثة أجزاء) والشاعر والفضيلة أو «بول وفرجيني» وفي سبيل التاج وماجدولين أو «تحت ظلال الزيزنون» لمصطفى لطفي المنفلوطي (1876 –1924م). ورواية زينب أول رواية عربية متكاملة فنيًّا، وعُثمان بن عفان والصدّيق أبو بكر والفاروق عمر جزءان و في منزل الوحي لمحمد حسين هيكل (1888 – 1956م).
وفي غضون أيام ستصدر مجموعة من الكتب منها: حياة محمد لهيكل أيضًا وحي بن يقظان لابن طفيل، والإلياذة والأوديسة (لهوميروس)، وحياتي لأحمد أمين، وهكذا خلقت والأدب الصغير والأدب الكبير (لابن المقفع).
من جانبه، اعتبر صلاح فضل أن صدور السلسلة حدث ثقافي هام ، ويؤكد أن دار النشر الكبيرة لا لا تتوقف رسالتها على الإطلاق ، عند تجارة الكتب وتسويقها ، بل هي معنية أيضًا بصناعة وإنتاج المعرفة في شتى جوانبها ، وأشكالها ، وذلك باختيارها وتبنيها لمثل هذه المشـروعات الكبرى .
والسلسلة كما يرى الناقد الذي قدم لها، تثبت أن مصر خلال القرن العشرين أنجزت تأسيسًا معرفيًا وثقافيًا حقيقيًّا لنهضة العرب جميعًا ، ثم خطت خطوة جريئة بثورتها الجريئة في ينايـر قبل عامين ، قبل أن تفاجأ مَنْ يتولى السلطة فيها ، بعد ثورة ، من يحاولون القيام بردة ثقافية جاهلة مجردين مصر من أهم أسلحتها في محيطها العربي والافريقي ، وهو الثقافة والفكر.
أما الناشر محمد رشاد فأكد الغرض من نشر هذه السلسلة الجديدة ويتمثل في عدة أهداف منها كما يقول : أننا لاحظنا أن الشباب خصوصًا الذين يحاولون كتابة الأدب لغتهم ضعيفة برغم أن لديهم أفكارًا جميلة ورؤى عصرية، فحاولنا ربطهم بتراثهم القريب، كما أن بعض الكتَّاب الراسخين يجهلون هذا التراث أيضًا.
ويضيف محمد رشاد: ثم إنني سألت نفسي سؤالًا لماذا يهتم الغرب بتقديم تراثه دائمًا في طبعات عصرية، ويقدمها تقديمًا جديدًا للشباب هناك، ونحن هنا لا نفعل الأمر نفسه مع شبابنا، بل إن بعضنا يحاول تقديم التراث الغربي على أنه التراث الوحيد للإنسانية وتلك مغالطة، فلدينا نحن أيضًا تراثنا العظيم الذي يستحق التقديم.
وأخيرًا، ومع بروز الإسلام في الجدل العام السياسي والاجتماعي، ومحاولة البعض تقديم صورة مشوّهة عنه ، رأينا أن نقدّم إنجازات الحضارة الإسلامية في الثقافة والأدب، التي تدل على رحابة واتساع وتسامح هذا الدين الجليل للأجيال الجديدة لوضعهم في قلب الصورة الصحيحة له حتى لا يقعوا في التطرف والتعصب .
من ناحيته ثمَّن الشاعر فاروق شوشة الدور الذي تقوم به الـدار المصـرية اللبنانيـة ، والناشـر الفاهم الواعي بمشكلات بلده وعصره محمد رشـاد قائلًا : إن السلسة إنجاز ثقافي وحضاري ، ثقافي من حيث إتاحته لكنوز التراث القريب للقارئ المصري الحديث ، في إمتداد طبيعي لعطاء مصر الثقافي. وحضاري بما أنه يحي الذاكرة المصريـة بروائع الأدب الكلاسيكي ، وهى سلسلة تمثل إحياء لذاكرة جيلي ، وغرسًا لذاكرة جديدة ، هي ذاكرة شباب هذه الأيام لأن هذه الأعمال التي قامت السلسلة بنشرها حتى الآن تعد صانعة اللغة العربيـة العصـرية ، وقد استطاع أحمد أمين ، ومحمد حسين هيكل و مصطفى لطفي المنفلوطي أن يقدموا دفاعًا مجيدًا عن الاسلام وحضارته كل في مجاله.
أما الناقد الدكتور جابر عصفور فحيا الدار التي تقيم توازنا في سياستها للنشر، بحيث لا تطغى المعاصرة على الأصالة والعكس أيضا .
من جانبه أكد الكاتب حلمي النمنم أهمية الدور الذي قام به الدكتور أحمد مجاهد في إتاحة مثل هذا النشاط الثقافي بمعرض الكتاب، فنحن في ظرف يحاول فيه بعض الجهلاء ممّن وصلوا إلى الحكم تغيير هوية المعرض ، وهو الأمر الذي وصفه النمنم بالجحود والنكران ، فمعرض الكتاب طوال تاريخه كان النافذة التي قدّم من خلالها المفكرون والمثقفون المصريون نقدهم وهجومهم على النظام السابق.
إرسال تعليق