Home » » إبراهيم غانم يكتب : في البلكونة (الفلوس ما بتشتريش)

إبراهيم غانم يكتب : في البلكونة (الفلوس ما بتشتريش)

رئيس التحرير : Unknown on الخميس، 24 أكتوبر 2013 | 6:05 ص


انتهى العيد و أنقضت أيامه، من فرط التساهيل اشتدت حاجتي لفنجان القهوة بالليمون! جلست في البلكونة كالعادة مشعلاً سيجارتي أحتسي قهوتي لاذعة الطعم من أثر الليمون لكنني أحتسيها.

هاجت و ماجت معدتي، طفت الحموضة على عقلي و دارت الهواجس بالذكريات. ربطت بين قضية الأسعار التي تتصدر اهتماماتنا أمس و اليوم و كل يوم و بين ما كتبته سابقاً عن الأسعار و التسعيرة الجبرية، فوجدت أنه من غير الإنصاف أن نلقي الضوء على جانب دون الأخر. فالقضية لها جانب أخر مرتبط بالاقتصاد و تحديداً النقود كأحد مفردات هذا العلم. تسمع من الاقتصاديين عبارات مثل: (القيمة السوقية ـ القوة الشرائية ـ سلة العملات ـ ميزان المدفوعات ـ التضخم)، و غيرها من المفردات التي يستخدمها الدارسون و المهتمون بهذا العلم. عقدت مقارنة بين أسعار السلع و الخدمات في الزمن الماضي و في حاضرنا و دققت كثيراً. فرضت أننا لو عدنا لنظام مقايضة السلعة بالسلعة، لو فرضنا سعر سلعة تساوى مع سلعة أخرى في الزمن الماضي وجدت أن التقارب بينهما حالياً ما زال قائماً.

خلصت بهواجسي أن قيمة السلع ثابتة كفرض و أن المتغير فيها هو ثمنها.

تذكرت أبي رحمه الله و حديثه عن أن الجنيه الورقي أيام شبابه كان يشتري جنيهاً من الذهب و يفيض قرشان صاغ و نصف. من هنا استنتجت أن الجنيه الورقي ما هو إلا إيصال يتعهد فيه البنك المركزي بضمان قيمة الورقة النقدية لغطاء قدره ثمانية جرامات من الذهب، و بالتالي تقاس قيمة الأشياء و السلع و الخدمات على هذا المقياس. كان فدان الأرض وقتها بخمسين جنيهاً، الآن تخطى حاجة المائة ألف تقريباً.

تذكرت حينما كنت طفلاً كان ثمن سندوتش الفول قرش صاغ و نصف و الآن جنيهاً و نصف، القيمة مائة ضعف. هذا في زمن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر رحمه الله. لو حسبتها لوجدت أن نفس النسبة لسلع أخرى بذات التضاعف. القيمة تضاعفت من أيام الرئيس الراحل أنور السادات رحمه الله إلى الآن حوالي ستون ضعفاً هي قيمة التضخم لقيمة العملة النقدية. كانت خلاصة تلك الهواجس أن الحد الأدنى للأجور المنشود إليه هو ألف و مائتين جنيه هو ذاته الإثنى عشر جنيهاً أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كان سعر معظم الخضر بتراوح بين قرشان و أربعة قروش للكيلو الواحد. الآن أربعة جنيهات. هي نفس نسبة المائة ضعف. بشرط ألا يكون ذلك على حساب التضخم و طبع عملات نقدية دون غطاء.

كان دكاترة مادة الاقتصاد الزراعي يحدثوننا عن ثلاثة محاور يستقيم معها الاقتصاد و هي أن تكون للعملة غطاء ذهبي، أو أن يكون حجم الصادرات مساو أو يزيد عن حجم الواردات و هذا لن يأتي إلا بالإنتاج و زيادة معدلات الإنتاجية، أو أن تكون هناك موارد طبيعية أو تعدينية أو غيرها تضمن زيادة معدلات الدخل القومي، و من ثم تكون القوة الاقتصادية و الشرائية للعملة النقدية التي تضمن رفاهية المجتمعات.

خلاصة الموضوع الفلوس عندنا ما بتشتريش. دعوت ربي أن يفكها علينا.

نهاية المشهد أتت شريكة عمري متأنقة بكاملة هيئتها فقلت لها: عارف... ح أقوم أروح الشغل أهوه.

قالت و هي ممسكة بورقة نقدية فئة المائتين جنيه: فك لي دي عشان أدي عبده مصروفه يروح الجامعة.

شعرت وقتها أنني كشك سجاير و لم أعقب، قمت و أحضرت لها مائة جنيهاً مجزئة لفئات خمسون و عشرون و عشرة جنيهات، دخلت غرفتي أبدل ملابسي استعداداً للذهاب للعمل. خرجت لأعطيها المائة الجنيه الثانية و أتناول منها ورقة المائتين جنيهاً، وجدتها متكئة على ذراع الكونت عبده الرايق، هو الآخر بكامل هيئته و شياكته، عصفورين مخطوبين؟ ياااا جمالاهم.

فكوا الأتنين من قدامي و عليه العوض في الميت جنيه.

يا مامي ..... اطلعي م التربة زغرتي على خيبة أبنك.

إبراهيم غانم...
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق