Home » » طه خليفة يكتب : مرسي - البرادعي .. سلطة برأسين

طه خليفة يكتب : مرسي - البرادعي .. سلطة برأسين

رئيس التحرير : Unknown on الاثنين، 9 يوليو 2012 | 10:20 ص




قبل أن يسمع البعض عن اسم الدكتور محمد البرادعي فإنني كنت أكتب مدافعا عن نزاهته ومهنيته خلال عمله على رأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

في الملفات الحساسة بالمنطقة : العراق، وإيران، وسوريا كان البرادعي يتحرى الشفافية في الحكم على البرامج النووية لهذه الدول للوصول إلى الحقيقة من دون تسييس لخدمة أي طرف دولي، وبسبب موقفه المتوازن في النووي العراقي قبل احتلاله سعت أمريكا بعد ذلك لمنع انتخابه مديرا للوكالة للمرة الثالثة، لكن الأوربيين العقلاء دعموه حتى أذعنت واشنطن .

ولما غادر منصبه في الوكالة وعاد للقاهرة رمزا منتظرا للتغيير كنت معه مؤيدا وداعما، لكنه بعد الثورة ترك الساحة، وهنا نعتب عليه فمهما يكن الأمر فقد كان واجبا ألا يترك الميدان حيث اعتبر البعض ذلك هروبا أو خوفا من الهزيمة بعد أن ظهرت القوة التصويتية لتيار الإسلام السياسي في انتخابات البرلمان، وأنه عامل حاسم في تحديد اسم الفائز بالرئاسة.

لا أدري لماذا هو قلق من خوض تجربة انتخابية مباشرة، ولماذا لا يريد أن يغامر ويتقدم الصفوف للنضال، ولماذا ينشط عبر تويتر وفيسبوك وليس في حواري وأزقة وشوارع مدن وأرياف مصر، ولماذا أشعر أنه يريد من الـ 90 مليون مصري أن يصطفوا أمامه ليلتمسوا منه قبول منصب الرئيس من دون انتخابات، أو رئاسة الوزارة بصلاحيات مطلقة ؟.

هذه الاستفسارات لن تقلل من شأن الرجل ولا من قيمته عندي، لكن السياسة قتال شرس، وحضور لا ينقطع وسط الناس، ونصر وهزيمة، الاشتراكيون مثلا في فرنسا يخسرون انتخابات الرئاسة منذ انتهاء عهد زعيمهم الراحل فرانسوا ميتران عام 1995، وقد سيطر اليمين على الإليزيه عبر شيراك لدورتين، وساركوزي لدورة واحدة، لكنهم لم ييأسوا حتى وصلوا أخيرا إلى القصر مع أولاند في 2012، وهكذا في بريطانيا مع المحافظين الذين وصلوا للحكم بعد 13 سنة من سيطرة العمال على الحكم، وكذلك في كل الديمقراطيات المحترمة، والمهزومون هناك لم ينتحروا، ولم يقل شأنهم، ولم تنهار أحزابهم، بل الديمقراطية من دون وجود خاسر تصبح ديكتاتورية.

اليوم يتردد اسم البرادعي لرئاسة الحكومة، فهل سيكون اختياره للمنصب في ظل رئاسة محمد مرسي للدولة مفيدا لمصر ومعينا للرئيس الطامح لخدمة بلده ومواطنيه؟.

هناك فوائد عديدة منها أن وجوده في هذا المنصب هو مكسب لمصر ومرسي لأنه معروف عالميا وموثوق فيه حيث سيضاعف من رسائل الطمأنة للعالم في ظل وجود رئيس له خلفية إسلامية وسينسحب ذلك على العلاقات الدولية والاستثمارات والهيئات المانحة .كما سيطمئن قوى داخلية تنتمي للثورة ومرتبطة به وكذلك الأقباط ورجال الأعمال ومن لايزالون قلقين من الإسلاميين أو من الرئيس. ويمكن أن يساهم في لملمة شتات قوى الثورة وتوحيدها في جبهة وطنية بمواجهة أي محاولات خفية من المجلس العسكري للتحكم بمفاصل الدولة بالتحالف مع البيروقراطية بعد تحكمه في سلطة التشريع وتحويل نفسه بالإعلان الدستوري المكمل إلى سلطة منفصلة فوق سلطة الدولة .أيضا سيؤكد البرادعي الوجه المدني للنظام وللدولة وسينزع المخاوف المفتعلة من فزاعة الدولة الدينية.

لكن مع ذلك هناك مشكلة قد تصبح أزمة في تقلد البرادعي للمنصب ذلك أنه سيطلب صلاحيات كاملة ومطلقة، أي سيكون الرئيس بجانبه بلا دور، وإذا كان الإعلان الدستوري المكمل قد سحب جانبا من اختصاصات الرئيس، فإن البرادعي سيسحب ما تبقى ليكون الرئيس متفرجا ورئيسا شرفيا بالفعل.

وهنا ستكون أزمة الرئيس كبيرة لأنه بذلك قد لا يستطيع انجاز برنامجه الذي على أساسه انتخبه المصريون، لأن البرادعي سينفذ البرنامج الذي يراه هو، والرئيس يراهن على الانجاز لإثبات أن انتخابه كان صائبا، وتحسين الصورة التي تم تشويهها للإسلاميين، وتأكيد أنهم جديرون بالحكم والاستمرار فيه من خلال الصندوق .

في حالة مرسي- البرادعي سيكون لدينا سلطة تنفيذية برأسين يتنازعان القيادة والقرار وإثبات الوجود وهذا سينعكس سلبا على أداء الرئاسة والحكومة، بل سيدخلهما في صراعات تؤثر على صورتيهما في الشارع وعلى الأداء وعلى برنامج النهضة لمرسي وعلى أفكار البرادعي.

لذلك أرى أنه مهما كانت ايجابيات تولي البرادعي رئاسة الحكومة فإن السلبيات ستكون أخطر على قيادة السفينة وسط الأمواج الهائجة حيث تحتاج للحكمة وربان واحد ماهر، ولذلك ربما ليس من المصلحة أن يكون البرادعي رئيسا للوزراء مع الرئيس مرسي الذي يطمح ليكون علامة في تاريخ مصر الثورة بمشروعه للنهضة الذي يريد تنفيذه، وحزبه - الحرية والعدالة - ينتظر نجاح هذا المشروع ليرمم شعبيته، ويستعد لما هو قادم من انتخابات برلمانية ومحلية.

لابد أن يكون رئيس الوزراء متفاهما جدا مع الرئيس لتعمل الرئاسة والحكومة بانسجام كفريق عمل واحد برأس واحد وهدف واحد ورؤية واحدة ولغة واحدة لسلطة واحدة وإلا البديل هو الفشل لا قدر الله.


طه خليفة يكتب : مرسي - البرادعي .. سلطة برأسين
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق