Home » » سليم عزوز يكتب : اكتشاف دينا.. والبث المباشر للبرلمان المصري

سليم عزوز يكتب : اكتشاف دينا.. والبث المباشر للبرلمان المصري

رئيس التحرير : Unknown on الأربعاء، 29 فبراير 2012 | 8:58 م



بقلم - سليم عزوز:


رئيس تحرير جريدة الأحرار


كما اكتشف الرحالة ماجلان طريق رأس الرجاء الصالح، فقد اكتشفت انا المذيعة دينا عبد الرحمن، فكنت أول من كتب عنها، ولفت الانتباه إليها أكثر من مرة، وكان رأيي أنها مثال للإعلامية المهنية، التي 'تذاكر' الموضوع التي تتحدث فيه جيداً، في زمن سيطر فيه ' شر الدواب' على الشاشة الصغيرة!.
كانت دينا تقدم برنامجاً في فترة الصباح على قناة 'دريم'، وكنت اعتقد أنها مظلومة لأنها تقدم برنامجها في فترة ' ميتة'، على النحو الذي كان سبباً في تأخر نجوميتها وهي تستحق ان تكون نجمة باقتدار، وعندما تقف على نجومية منى الشاذلي مقدمة برنامج 'العاشرة مساء' على نفس القناة، في فترة حية، ستقف على أن الدنيا حظوظ، وأنها إذا أقبلت باض الحمام على الوتد، وإذا أدبرت طار الحمام من القفص!
فترة الصباح لا يشاهدها سوى المتعطلين وربات البيوت، وقد كنت في هذه الفترة من الصنف الأول، فأسلّي صباحي ببرامج التلفزيون، وخلال هذه الرحلة اكتشفت دينا عبد الرحمن، فوجدت ان الواجب يفرض علي الكتابة عنها، وكتبت كثيراً ولم يهتم احد، فالناس في هذه الفترة في أشغالهم، وربات البيوت في لحظة تجهيز طعام الغداء، وبدا لي ان المتعطل الوحيد الذي يشاهد دينا عبد الرحمن هو انا، وقد كنت في مرحلة الاستمتاع بالحصار المفروض علي من قبل النظام البائد، واثنا عشر عاماً من البهدلة، حدث لي خلالها ما يسميه علماء الاجتماع: بالتكيف الاجتماعي.
سرقت مليشيات وزير الداخلية حبيب العادلي سيارتي، فاكتشفت متعة التعامل مع المترو، والميكروباص، والتوك توك، وعندما عادت لي بعد مكالمة هاتفية مع رئيس مباحث القاهرة الذي أصبح مديراً لأمنها ثم مسجونا الآن بتهمة قتل المتظاهرين، لم ينس ان يلمح لي بأن السيارة كانت في حوزتهم، قمت ببيعها، حتي لا تكون لي 'يدا موجوعة يمسكونني منها'، وعقدت النية على سرقة سيارة حبيب العادلي نفسه عندما يخرج من الخدمة، لكنه خرج منها الى السجن!.
وعندما لفقوا لي تهمة إصدار صحيفة بدون ترخيص، كان الهدف إشعاري بالمهانة عندما يكون المطلوب نقلي في سيارة تستخدم في نقل المجرمين، واحتد زملائي وأصدقائي على الضباط واقترحوا ان ينقلني احدهم بسيارته، وكان ردهم أنها الأوامر، تركتهم لخلافهم وصعدت الى السيارة ووقفت ألوح للجماهير، وكأني مانديلا، مع ان الجماهير المحتشدة لم يتجاوز عددها العشرين شخصا، وسمعت كبير الضباط يقول في جهاز اللاسلكي محدثاً قياداته: 'جئنا نغيظه أغاظنا وجعل من نفسه سعد زغلول'!.
وعندما تم منعي بقوة السلاح من العمل، فلا اخفي أنني شعرت في لحظة معينة بالضياع، فماذا افعل في طول اليوم، ثم اكتشفت كيف أن الحياة لذيذة بدون عمل، عندما تستيقظ من نومك فتشاهد التلفزيون، ثم تقرأ رواية لأديب معتبر فتعجب به، وتقرأ أدبا رديئا فتفكر أن تنتقم من صاحبه بمقال، لأنه أضاع وقتك 'الثمين' مع عمل ليس جديراً بالقراءة، وقد اكتشفت كيف تسود المجاملات في الوسط الأدبي، فالروائي المفضل لي هو بهاء طاهر ظهر مرة مع دينا عبد الرحمن، وهو يشيد برواية جديدة، فقرأتها بناء على شهادته وشعرت أنني تورطت!


صاحب التحرير

لقد اكتشفت أن من الأهمية بمكان ان يشاهد المرء برامج تلفزيونية لا يشاهدها السواد الأعظم من المشاهدين، فمن يشاركوه في المشاهدة هم المتعطلون وربات البيوت، والذين لا يستطيعون ضرباً في الأرض!
وقد توقفت عن متابعة خط سير دينا عبد الرحمن، وعلمت بعد هذا أنه تم وقف برنامجها في قناة ' دريم' وانتقلت بعدها الى محطة 'التحرير' فأيقنت أن الحظ طرق بابها على كبر، ولئن يأتيك الحظ راكباً ناقة ولو في سن الشيخوخة خير من ألا يأتيك البتة.
على ما أتذكر ان هناك مشكلة كانت بينها وبين إدارة قناة 'دريم'، وفي 'التحرير' جرى استقبالها على أنها من فجرت الثورة. لأن من تقدموا الصفوف على أنهم صانعو الثورة عملوا في هذه القناة، التي لا لم نكن نعرف على وجه اليقين من أصحابها؟!
ومؤخراً خرجت دينا عبد الرحمن الى الصحافة تتهم إدارة القناة بأنها منعتها من تقديم برنامجها، وجرت إشاعة أن ملاكها هم في الأصل والفصل من فلول النظام البائد، وكأن ثوار القناة اكتشفوا فجأة ان أصحاب قناة 'التحرير' من الفلول، ومن تم إشاعة اسمه على انه صاحب النصيب الأوفر من رأس المال، هو فل حقيقي، والمعنى أن الأشاوس في القناة، وقبل الخلاف، قد ادخلوا على الرأي العام الغش والتدليس!
إدارة القناة أصدرت بياناً، قالت فيه ان دينا تم منعها لأنها رفضت المثول لطلب الاستدعاء من اجل تخفيض راتبها، وتم ذكر ما تتقاضاه كل شهر وهو كبير جداً، على نحو لا يفعله إلا من يعمل في تزييف العملة، وهذا من وجهة نظري!
الإدارة حولت الموضوع الى خلاف حول قيمة الراتب، وليس في السياسات وسعت الى تأليب الفقراء من أمثالي عليها، وإثارة الحقد الطبقي!
ولا نعرف حقيقة أسباب الخلاف، لكن ما نعرفه جيداً، ان إخواننا قادة الثورة المصرية الذين يعملون في قناة 'التحرير' خدعونا، عندما عملوا لدى الفلول وسوقوهم لنا على أنهم ثوار مثلهم، وليس لدي مشكلة في أن يعملوا لدي الفلول، لكن المشكلة في عملية التضليل هذه.


بث الجلسات

نغلق الباب أم نفتحه؟!.. تلك هي المشكلة، فالجدل محتدم الآن في المحروسة، حول هل نواصل عملية البث المباشر لجلسات البرلمان، أم نكتفي بهذا القدر باعتبار أن الله سبحانه وتعالى حليم ستار؟!
في برلمان سنة 2000 تقرر أن يتم بث الجلسات على الهواء مباشرة عبر قناة 'النيل للأخبار'.. فرع البث الفضائي، لا الأرضي، وفي برلمان 2005 أصبح للمعارضة في البرلمان أكثر من مائة مقعد، فتم وقف البث، لإعطاء رئيسه فتحي سرور سلطة قمعهم دون الخوف من الفضيحة. ولأن البرلمان الحالي هو برلمان الثورة، الذي انتظرته الجماهير على أحر من الجمر، والذي اختارته بإرادتها في انتخابات كان التصويت فيها دينياً، خرج المسيحيون لانتخاب مرشحي أحزاب' الكتلة'، وخرج المسلمون لانتخاب حزبي 'النور' و'الحرية والعدالة'، فقد كان القرار بالبث المباشر للجلسات!
مع الوقت اكتشف أنصار نظرية البث أن اجتماعات البرلمان تحولت الى واحد من برامج التسلية، فإذا ضاقت عليك الدنيا بما رحبت فلا تذهب الى قنوات 'الفراعين' و 'نايل كوميدي' و'موجة كوميدي'، ولكن شاهد جلسات المجلس التي تنافس برنامج 'عزب شو'، الذي أظن انه سيفقد برامجه وأهميته في الفترة القادمة.
متعة وأنت تشاهد الدكتور سعد الكتاتني رئيس البرلمان الحالي يحاول تقليد الدكتور فتحي سرور رئيس البرلمان المحبوس، في كل شيء، حتى في تعامله مع نظارته، وفي استخدامه لعباراته المنتقاة في التعامل مع النواب، ولوقف استرسال من يتحدث منهم.


وقت القيلولة

إخواننا النواب السلفيون تدركهم القيلولة فينامون في الجلسة، ومن قبل كانت كاميرا المصورين تبحث عن نائم لتفضحه، ويتم النظر الى مثل هذه الصورة على أنها سبق إعلامي، الآن أصبح النوم أثناء الجلسات من المعلوم بمجلس الشعب بالضرورة.
يحتاج الدكتور الكتاتني الى دورة تدريبية في الكونجرس، او في مجلس العموم البريطاني، او حتى في مجلس الشورى السعودي، ليكتسب خبرات إضافية، فخبرته الوحيدة اكتسبها خلال خمس سنوات قضاها عضواً في مجلس الشعب وكان رئيسه هو فتحي سرور، وليس الكتاتني وحده الذي يحتاج الى دورات تدريبية، فكثير من النواب بحاجة إليها، وكثير منهم لم يكونوا يتخيلون أنفسهم داخل المجلس ولو في المنام، وفجأة وبفضل الثورة صاروا نواباً، فيخطب الواحد منهم في المجلس وكأنه يخطب الجمعة في مسجد الكيخيا، حيث يبدأ بديباجة خطبة، وقد كان الشيخ صلاح أبو إسماعيل مثلاً عضواً في مجلس الشعب، ولم يكونوا أكثر إسلاما منه، ولم يفعل ما يفعلوه.
يخرج نائب رصاصة، ويقول ان وزارة الداخلية استخدمتها في التعامل مع المتظاهرين، فيتعلق فيه نائب آخر بهدف خطفها منه، وكأننا في مدرسة للتعليم الأساسي، يخطب التلاميذ قطع الحلوى من بعضهم البعض.
بث الجلسات على الهواء دفع النواب للتزاحم من اجل الكلام، والهدف ان يصل صوتهم الى أبناء دائرته، فيطلب الكلمة أكثر من خمس مرات في الجلسة والمنصة متسامحة، لأن المتحدث لن يقول ما يغضب المجلس العسكري.
وقد أصبح الأداء يغلب عليه الاستعراض، والمظهرية، وأحد النواب الملتحين حطت عليه الكاميرا فلوح بيده لأبناء الدائرة الكرام، وهو تصرف كنت أشاهده في صباي من قبل الحجيج فأتعجب كيف ينشغل حاج في بيت الله الحرام بمثل هذه التصرفات، لكن بعض الحجاج يريدون طمأنة ذويهم فيقدمون على مثل هذا التصرف، فمن يريد ان يطمئنه سيادة النائب؟ّ!، وحتى لو كان مغترباً وجاء الى القاهرة من الأرياف فالتليفون الجوال يؤدي الغرض بدلاً من مثل هذا التصرف الذي لا يليق بنائب يمثل الامة
في احدى الجلسات قرر رئيس المجلس وقف البث المباشر، لأن من النواب من تمضمضوا باللبن الحليب وانتقدوا المجلس العسكري ورئيسه، لكن أغلبية المجلس خذلته.
ولست مع وقف البث المباشر للجلسات، فاعتقد أننا سنخسر برنامجاً مهماً من برامج التسلية، لو ان هذا حدث. 


إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق