بولا أسطيح
تصوير: رمزي حيدر
الأناضول: هي المساحات الواسعة نفسها في منطقة بر إلياس في البقاع شرق لبنان التي لجأ إليها مئات السوريين الذين أقاموا خيمًا من البلاستيك وألواح الأترنيت، لكن المياه التي كانت تحدها قبل أيام حلت محلها ثلوج يناير/ كانون الثاني البيضاء ضيفًا ثقيلاً على ضيوف لبنان السوريين الذين لم يلقوا حتى الساعة من ينتشلهم من بؤسهم.
"هي نكبة جديدة نعيشها منذ 4 أيام بعد أن بدأت الثلوج تتساقط علينا.. هبطت خيمنا، غمرتنا المياه؛ فبتنا نشعر وكأن الثلوج حجارة نُقذف بها من السماء"، هكذا اختصرت زينب (32 عامًا) مجمل ما عاشته وعائلتها في الأيام الماضية.
وأضافت زينب التي رفضت الكشف عن اسمها بالكامل وتصويرها: "لم يلتفت إلينا أحد، ونعلم تمامًا أن أحدًا لن يلتفت إلينا حتى ولو اشتعلت بنا النيران.. نحن متروكون هنا لمصيرنا".
ولم يصدّق النازحون السوريون هناك انفراج الطقس كي يخرجوا من خيمهم المبللة المعتمة التي فاحت منها رائحة الرطوبة، هم أخذوا يلملمون أشياءهم التي تقاذفتها الرياح على مر الأيام الـ4 الماضية ويلاحقون أشعة الشمس، عساها تلفح وجوههم التي نهشها البؤس والصقيع.
معظمهم فضّل الصمت لدى سؤاله عن أحواله، وبعضهم الآخر جاوبت دموع عينيه أو غصّة أنهكت كيانه، لكن أم ياسر، في الخمسينات من عمرها، قبلت الحديث حيث اختصرت أحوال الجميع قائلة: "هي نكبة ما بعدها نكبة...نكبة بيضاء!"
وحدهم أطفال المخيم رحّبوا بالضيف الأبيض الثقيل، وتهافتوا على التراشق بالثلج، مطالبين بالتقاط الصور لهم وهم يلهون.. بعضهم رفع علامة النصر في تلك الصور باعتبارهم انتصروا بالبقاء أحياء يرزقون.
وبلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان 197 ألفًا و624 لاجئًا تم تسجيل 139 ألفًا و275 منهم، فيما لا يزال 58 ألفًا و349 ينتظرون أن يتم تسجيلهم رسميًّا، بحسب إحصاءات الموقع الرسمي للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الأسبوع الماضي.
إرسال تعليق