Home » » سليم عزوز يكتب : البروباجندا تصنع من الفسيخ شربات !

سليم عزوز يكتب : البروباجندا تصنع من الفسيخ شربات !

رئيس التحرير : Unknown on السبت، 31 مارس 2012 | 11:22 م


بقلم - سليم عزوز:

رئيس تحرير جريدة "الأحرار"

الممثلة الناشئة 'سما المصري' ظاهرة جديرة بالدراسة، فقد أكدت أن البروباجندا الإعلامية قادرة على أن تصنع نجوماً من العدم، وعلى الرغم من أنها قبل ثلاثة أسابيع من الآن لم تكن شيئاً مذكوراً إلا أنها نجحت في أن تصبح نجمة لا ينازعها في النجومية سوى النائب السلفي أنور البلكيمي موفد السماء على الأرض!
الشهرة التي نالها النائب والممثلة الناشئة (يقال أنها في الأصل راقصة) هي نوع غريب من الشهرة، وقد ورد أن رجلاً ممن كانوا قبلكم تبول في بئر زمزم، وعندما سئل فقال أريد ان اشتهر ولو باللعن، فيقال أن فلاناً هو من تبول في بئر زمزم، ولا أظن ان النائب قد سعى للشهرة، لكن الشهرة هي التي جاءته خافضة رافعة، أما المذكورة فمن الواضح ان هناك من يخطط لها، على نحو مكنها من ان تكون أكثر شهرة من فنانين كباراً عملوا بجد ودأب، لكن الشهرة جاءتهم بعد سنوات من العمل والعذاب والضنى، ومنهم من لم ينل نصيبه منها أبداً.
النائب السلفي المغمور، لم يعرفه الناس بأدائه القوي المشرف في البرلمان، فعندما صار حديث وسائل الإعلام، لم يكن احد يعرفه شكلاً، مع أن له صورة سبق أن نشرتها الصحف وهو يقف في البرلمان في الوضع متشاجراً، ولم تقل الصحف الناشرة من هذا النائب، أو مع من 'خناقته'؟، ثم جرى التعرف عليها في وقت لاحق!
البلكيمي، الذي كلما اعتقدت أنني تمكنت من قراءة اسمه بشكل صحيح اكتشفت أنني ألحن فيه، كانت حكايته قد تمددت في الفراغ الفضائي، وصار حديث الفضائيات، تنتقل من فضائية إلي فضائية، فتجد موضوعه مطروحاً على بساط البحث، وقد كان قد اجرى عملية تجميل في أنفه، وقال انه تعرض لمحاولة اعتداء عليه في 'الطريق الصحراوي' وان من اعتدوا عليه سرقوا منه مائة ألف جنيه عداً ونقداً، ثم ظهر صاحب المستشفى وقال أن البلكيمي اجرى جراحة تجميل ونفى هو، وقال متحدث باسم حزب النور السلفي أن نائبه يشبه في أخلاقه الصحابة، قبل ان يفاجأ الجميع ويعترف الحزب والنائب بكذب روايتهم وصدق رواية المستشفى، وان كان النائب اعتذر للشعب وللمستشفى بأنه كان تحت تأثير 'البنج' عندما ادعى انه تعرض لحادث اعتداء وسرقة من قبل قطاع الطرق، وقال صاحب المستشفى ان البلكيمي لم يبارح المستشفى إلا بعد أن تخلص تماماً من تأثير 'البنج'!
وأحيط بالحزب ونائبه من كل جانب فتم فصله، وطلب الحزب من مجلس الشعب إسقاط عضويته، مع أنه كان قبل أيام يتحلى بأخلاق الصحابة، واعتبر البعض ان موقف الحزب يُذكر له فيُشكر، وهناك من أخذتهم 'الجلالة' فقالوا إن ثقافة الاعتذار دخلت حياتنا السياسية على يد حزب النور.. كلام قريب من هذا قاله النائب عمرو حمزاوي، مع أن اعتذار الحزب وفصله للنائب كان بعد ان استنفد ذخيرته في الدفاع عن الباطل، وفق الفهم الخاطئ للقول المأثور: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً!
وقد لملم النائب السلفي أشلاءه المبعثرة بمرور الأيام وأصر على استمراره نائباً على الرغم من انه كان يستعد للاستقالة، بل وقال انه تقدم ببلاغ للنائب العام ضد المستشفى، ولا اعرف السر في ذلك وقد سبق له أن قدم اعتذارا له، وقد يعتذر عن الاعتذار، لأنه اعتذر تحت تأثير 'البنج'!

طريق الشهرة

'سما المصري' اسم لفنانة ناشئة لم يسمع بها من قبل انس ولا جان، ومن الواضح أنها دخلت مجال التمثيل بعد أن تقدم بها العمر، فهي من حيث الشكل لا تبدو صغيرة، بما يليق بكونها مبتدئة، لكن من الواضح أن هناك من يقف خلفها ليختصر لها طريق الشهرة، وقد عرفنا منتجاً بعينه كان متخصصاً في قدرته على تحقيق الشهرة لمن يعملون معه في سرعة البرق، لدرجة أن مطرباً تم اتهامه بالتزوير، فدفع له أكثر من مائة فتاة من فتيات الإعلانات الي المحكمة، ليؤكد باحتشادهن أن جماهير الشعب المصري كله تقف خلفه، واعتبر القضية رمية بغير رام، من أن المتهم زور في شهادة أداء الخدمة العسكرية، ليهرب من أداء هذا الواجب الوطني، ومن عجب أننا شاهدناه بعد ذلك يغني في حضرة الرئيس المخلوع احتفالاً بنصر أكتوبر المجيد، وكأنه بطل قومي!
قبل ثلاثة أسابيع كان برنامج تلفزيوني يناقش قصة فيلم لم يسمع به احد، قامت ببطولته 'سما المصري'، وقامت بدور صحافية تقوم بالرقص أو شيء من هذا القبيل، وكان البرنامج يدفع في اتجاه إثارة الحمية القبلية، ليخرج الصحافيون ليدافعوا عن 'شرف العائلة' بالهجوم على الفيلم وعلى الممثلة فتكون شهرة الفيلم والبطلة معاً، ولدينا مشكلة حقيقية في هذا، فعندما يتم تقديم نموذج منحرف لأي فئة من فئات المجتمع في عمل درامي فان هذه الفئة تتداعى له بالسهر والحمى، باعتبار انه تمت 'مرمغة' شرفها في ' الوحل'، ولهذا فقد كانت الدراما في فترة ما قبل الثورة تحرص على تقديم ضابط الشرطة على انه النموذج في الشرف والأمانة والشجاعة وحب الوطن، لأنه لا يمكن لعمل ما أن يحصل على الترخيص القانوني بالعرض إلا بعد موافقة وزارة الداخلية!
وقد كان الصحافيون هم الجدار المائل، ففي كل رمضان يتم عرض أكثر من عمل يكون القاسم المشترك بينهم هو الصحافي المنحرف، وبعض هذه الأعمال كان يكتبها صحافيون، وكان هناك من ينتقدون هذه المسلسلات التي تبدو لمن يشاهدها وكأنها تنتمي إلى الإعلام الموجه، لكن لم يكن هناك من ينفخ في الصور، ليستدعي إثارة حفيظة القبيلة الصحافية، ولهذا لم استقبل الفقرة التي جرى تخصيصها في هذا البرنامج عن فيلم لم ينل نصيباً من الشهرة، وعن ممثلة غير معروفة، بقبول حسن، باعتباري متآمرا قديما!
كانت مقدمة البرنامج تنفخ في 'الكير'، لتلفت الانتباه للفيلم، أو هكذا بدت لي، ولم يردعها قول الناقد المعروف طارق الشناوي بأنه عمل رديء فنياً، ومرتبك، ولا يستحق هذه الضجة، وقد استدعت المذيعة أحد أعضاء مجلس نقابة الصحافيين على الهاتف، وكانت أسئلتها على وزن سؤال وجهه لي تلفزيون بلد عربي ضد بلد اخر، وعلى طريقة ما رأيك في النظام الفلاني الخائن والعميل، وعبثاً حاولت إفهام السائل بأن عليه أن يطلب رأيي في هذا النظام وانا أرد عليه بأنه خائن وعميل، ووافقني وعندما اخبره المخرج بأن الكاميرا جاهزة للتسجيل، عاد ليسألني مرة ثانية بطرح نفس السؤال بدون حذف، واستوقفته وفي المرة الثالثة وعندما 'فاض بي ومليت' على رأي الست أم كلثوم، قلت له اسمح لي أن اختلف معك في رميك لهذا النظام بالخيانة، فلعل من مشاكلنا الأزلية أننا عندما نختلف سياسياً ان نرمي من نختلف معه بالخيانة!
كان الفتى يسمعني بإنصات، ولم يبد على وجهه أي رد فعل، حتي ظننت انه من 'التابعين غير أولي الإربة'، لكن ما قلته وسمعه السائل باهتمام بالغ لم يذع!

الإساءة للصحافيين

لأن سؤال المذيعة كان بأن 'سما المصري' أساءت للصحافيات إساءة بالغة في هذا الفيلم، وربما لأن صاحبنا ليست له اهتمامات فنية مثلي فظن ان 'سما' هذه فنانة كبيرة، وان الفيلم هو فيلم الموسم، وعليه قال انه سيتم عرض الموضوع على مجلس النقابة في اجتماع طارئ سيتم الدعوة له لهذا الهدف، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد 'الفنانة' سماء المصري!
وخلال هذه الأيام صارت المذكور نجمة يتداول اسمها على نطاق واسع، وانتشرت صورها في الصحف، لتصبح نجمة من عمل واحد، وهذا هو ما قال عنه المصريون القدماء: 'قيراط حظ ولا فدان شطارة'. ثم جرى بعد هذا ما أكد جدارة من يقفون وراءها في الحصول على جائزة أحسن دعاية، لقدرتهم على أن يصنعوا من 'الفسيخ شربات' ومن ممثلة ناشئة ظاهرة، دون أن يقف احد على إمكانياتها الفنية، ولا أظن أنها تملك إمكانيات أخرى تؤهلها لذلك، فكل ما هنالك أنها ظهرت ببدلة الرقص، في حالة استدعاء لأنوثة أوشكت أن تغادر بسبب السن وبسبب عوامل التعرية.
لقد تم النشر على نطاق واسع على 'الفيس بوك' من أنها تزوجت من النائب النجم أنور البلكيمي، وصدقت أنا هذه الدعاية فالنائب هو في النهاية بشر، وربما حدثت له صدمة حضارية نتيجة انه انتقل من صحراء نجد إلي الحضر مرة واحدة، فبهرته أضواء المدينة، فضلاً عن انه حاز لقباً عظيماً هو 'سيادة النائب'، ولا اعرف طبيعة العمل السابق له، لكن معلوماتي أن السلفيين غير الإخوان، وقد واجهتهم مشكلة في الكوادر الصالحة ولو من حيث الشكل للترشح في الانتخابات البرلمانية، فاستعانوا بالباعة 'السريحة' للعطور أمام المساجد للترشح، ولا ضير بعد هذا أن شاهدنا احدهم يرفع لافتة في قاعة المجلس مكتوب فيها انه يريد الذهاب إلي دورة المياه ووجهها إلى رئيس المجلس، مع أن الذهاب إلي دورات المياه وقضاء الحاجة في الخلاء من الحقوق الدستورية المكفولة لكل مواطن (!)، ولا أظن أن رئيس المجلس يتحكم في منح هذه الحقوق بالمنع!
تركت الممثلة الناشئة خبر زوجها من البلكيمي ينتشر انتشار النار في الهشيم، وقديماً قيل ان الجمل صعد النخلة، فقيل هذا هو الجمل وهذه النخلة، وبدا واضحاً ان الإعلام لا يريد ان يضع حداً باستدعاء الطرفين، لأن لدينا من يختلفون مع السلفيين، وانا معهم لكن تبدو المشكلة في أن هناك من يستبيحون كل الأسلحة في القضاء على الخصم ولو كانت من النوع المحرم استخدامه.

تهديدات بالقتل

المعلن أن سما المصري تلقت تهديدات من زوجها أنور البلكيمي بالقتل بعد ان هددته بالخلع لأنه خدعها وقال لها انه ليس متزوجاً، وقد وقع الضرر باكتشافها انه متزوج قبلها، وعندما جاءت المذكورة لتكحلها أعمتها، إذ قالت في برنامج تلفزيوني أنها لن تستطيع أن تنفي أو تؤكد، وقالت لمن يحدثها: 'أنا لو نفيت ح تبني على كلامي حاجات، ولو أكدت ستبني على كلامي حاجات'!.
كلام مائع لا ينفي التهمة وإنما يؤكدها وذهب البعض للقول ان كلامها يعني أنها تزوجته لكنها في مرحلة المفاوضات معه لتضمن له خروجاً آمناً من هذه 'الورطة' وبمقابل!
المذكورة والمذكور بديا وجهان لعملة واحدة، لكن النائب السلفي في مواجهة ما أحاط به من تهم كسلفي يتزوج من راقصة، فقد لجأ إلي النائب العام ببلاغ، مع أن الفنانة غادة عبد الرازق قالت في برنامج تلفزيوني أنها من الإخوان المسلمين، لكنها كانت لا تعلن هذا في عهد النظام البائد.. ونعم الأعضاء. وإزاء المد الأصولي الذي خلفه الربيع العربي قالت سمية الخشاب أنها تتمنى ان تتزوج سلفياً وتعتزل الفن، ويا حظه يا هناه من يقع عليه العطاء الخشابي، فسيكون قد فاز بالحسنيين، فيكون قد فاز بهذا الوجه الصبوح ومن ناحية أخرى فانه يكون قد كسب ثواباً بمنعها من السير في طريق الفن!
'الفيس بوك' الذي كان له دور مهم في الربيع العربي، صار أداة للتشهير بالخصوم وترويج الشائعات على نطاق واسع، فقد قيل ان سمية الخشاب هي من حظ ونصيب نادر بكار المتحدث الإعلامي باسم حزب النور السلفي، وقبل ان نحسده، باعتبار ان كل ذي نعمة محسود، نفى هو أن يكون قد تزوج بها.
وائل الأبرشي في برنامجه 'الحقيقة' على قناة 'دريم' استدعى الجمل والنخلة على الهاتف، ولم يكن أمام الممثلة الناشئة ان تواصل طريق المناورة فنفت زواجها من البلكيمي، وقالت انها لم تقل هذا، وقال هو ان اتهامه بالزواج يمثل طعناً في الإسلام باعتباره داعية.. كانت هذه أول مرة اعرف أن سيادته داعية، وانه هو الإسلام، وقالت سما ان الإسلام 'دين عريق'.. ووقفت حينها على انها فنانة ومثقفة في نفس الوقت.
ومهما يكن فقد أصبحت سما وأنور نجمين ' عريقين' بدون جهد يذكر، فالبروباجندا قادرة على أن تجعل من خيال المآتة بشراً سوياً بالأكاذيب والنفخ فيها.
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق