تمر مصر الأن بمنعطف خطير اختلط فيه الحابل بالنابل على الأقل في عيون البسطاء من أبناء هذا الشعب الذين فقدوا القدرة على استيضاح الأمور بشكل جلي وواضح حول أياً من المسائل الشائكة التي تمس أحوال الوطن الذي يمر بمرحلة فارقة من تاريخه، قد تأخذ بنا إلى مستقبل واعد أو أن تسقطنا جميعاً في الهاوية.
ما أقصده هو أن الجميع يتخبط ويفقد السيطرة على التبصر بجواهر الأمور خاصة مع غياب المعلومات، فكثيراً ما يعلن الطرف الحاكم في مصر الأن "وهو المجلس العسكري" عن إجراءت تنفيذية حيال مسألة ما لا تخلوا ابداً من مبررات بعضها يبدوا في صورته أنه حقيقي والأخر يبدوا جلياً أن ورائه أهداف لا يعلمها سوى المجلس العسكري وحده، وعندما نتعمق في دراسة الظاهرة نقف دائما حول علامات استفهام تتطلع أن نبحث لها عن إجابات .
وفي المقابل نرى علامات استفهام أخرى حيال ممارسات قوى سياسية وحزبية أخرى سواءاً كانت محسوبة على التيارات "الدينية" أو "الليبرالية" أو ما سمى بعد الثورة ب " الفلول " ما أضاع على المواطن البسيط فهم مجريات الأمور في البلاد ومقاصد الإجراءات المتخذه من السلطة أو القوى السياسية الأخرى ومبرراتها، أو فهم ما يدور حولها من علامات الاستفهام .
المشهد السياسي المرتبك ، ممزوجاً بممارسات غير قانونية أو دستورية جعل مصر بحق بلداً غريباً عن "السوية السياسية " أو " القانونية والدستورية" حيث أغلب القرارات والإجراءات غير قانونية أو متهمة بعدم الدستورية بداية من التعديلات التي أدخلت على " قانون مباشرة الحقوق السياسية ، وقانون الانتخابات البرلمانية ، وتحصين أعمال اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات الرئاسية من الطعن أو الإلغاء" نهاية بما يدور من أعمال بلطجة منظمة وهو ما سمي أحيانا" بالأيدي الخفية أو الطرف الثالث أو الأصابع الخارجية" وكأن هذه المصطلحات هي كلمة السر في المشهد السياسي المصري الذي نجحت بعض عناصر اللعبة السياسية في تغييره لصالحها عن طريق دفع البسطاء من الدهماء وعامة الشعب من البسطاء الذين لم يخبروا السياسة أو القانون " وهم معذورون في ذلك" إلى الانقلاب على الثورة والثوار بعد إلباس الثوار لباس " البلطجة " زوراً وبهتاناً وإكساب الأعمال العدائية والإجرامية ثوب آخر من " الرمزية السياسية " أو " الوطنية " عبر عدة مشاهد مؤلمة بدأت بموقعة الجمل وأحداث شارعي محمد محمود والقصر العيني، وأحداث ماسبيرو ومسرح البالون وغيرها من الأحداث المؤلمة والتي انتهت بأحداث العباسية " المروعة".
ولنا تكملة في حلقة قادمة.
محمد الشاعر" كاتب صحفي ومحلل سياسي مصري"
إرسال تعليق