لم يجد أحد بالشقة ولا حتى أخوانه الثلاث الغير مذكورين سالفًا ، ووجد بعض الجيران كانت الساعة تعدت الواحدة ظهرًا باغت الحضور بسؤال أين أمي وإخواني ؟
ترد أحدى الجارات المقربين البقاء لله يا حبيبي وتضمه إلى صدرها فهي كانت له بمثابة أم وترتب على ظهره وتقول لقد ذهبوا جميعًا للمقابر ، هنا يدب بقلبه خنجر آخر ، ينظر إلى الجارة الأم ولازالت عيناه سجانة للدموع ، يصاب بحالة هياج وينتقل من كرسي إلى آخر في شكل هستيري ويستقر بالأخير فوق كرسي تطوع بأن يحمل كل ما به من جراح وألم ، ويتمتم ؟
يارب لما لم تكتب لي رؤية أبي لأخر مرة في حياتي ، كم كنت أتمنى أن أراه وأرتمي في حضنه الدافئ ، وأملأ قلبي وعيني بصورته ، كنت أريد أن أتكلم معه وأقول :
إلى أين يا أبي إلى أين ، لما تركتنا وكيف نعيش في تلك الحياة دونك أنت ، فأنت لنا الحماية والمسئولية ، أنت لنا الهواء والماء ، كنت لنا كل الحياة .
تصاحب صابر ضحكات هستيرية وهو يتحدث مع والده ويقول
أتذكُر أبي عندما كنت تعود من العمل وعربة الشركة مليئة بأقفاص الفاكهة ، أتذكُر أطفالك الستة وهم يقابلونك بالفرحة ويهرولن فوق سلالم المنزل أتذكُر حضنك وذراعيك التي كانت تحتوينا جميعًا بضمة واحدة إلى قلبك الحنون ، أتذكُر أبي أتذكُر ، أتذكُر يوم العيد والملابس الجديدة التي لم تحرمنا منها ولو لمرة واحدة كم أنت جميلاً يا أبي كنت رجل بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، ولكن قل لي إلى أين أنت ذاهب وتاركنا ، من أين أتيت بهذه القسوة التي هي جديدة عليك ، أهُنا عليك أبي ، أهُنا عليك ، كيف تتركنا هكذا في أول الطريق لا زلت احتاجك لازلت أنا صغيرًا ، من سوف يعلمني أبي ويصرخ أجبني أبي من .... من .. بالله عليك أجبني إلى أين أبي ذهبت إلى أين ؟
تتدهور حالة صابر أكثر وأكثر ، أنه شخصية كتومة لا يجيد البوح ولا يميل إلى الشكوى تتراكم بصدره الجراح جُرح فوق جُرح وألم فوق ألم ، ولكن هذه المرة الجُرح فوق احتماله تتأجج حمم بركانية بقلبه الصغير فتخور قواه .
يشعر بأنات الكرسي الذي بدا عليه الندم من حمل صابر وهمومه كأنه يزحزحهُ كي يقع من فوقه في تلك اللحظة أتت رحمة الله ......... ؟
( يُتبع ) ألقاكم في المشهد السابع غداً إن شاء رب العالمين .
رواية .. الغُرفة (308) ! الفصل الأول : " المشهد السادس " (6) بقلم الأديب / أشرف صالح
إرسال تعليق