Home » » غادة هيكل تكتب : استغماية

غادة هيكل تكتب : استغماية

رئيس التحرير : Unknown on الأربعاء، 6 فبراير 2013 | 7:29 ص



غادة هيكل


هذا هو حالنا فى مصر لعبةاستغماية ومن يمكنه التخفى يكسب 
استغماية
*****
علىّ تلميذ مُجد فى دراسته يعشق لعبة استغماية منذ عرف كيف يكون اللعب مع أبيه واخوته ، أصبح اليوم فى الصف السادس الابتدائى ، ومازال يمارس طقوس لعبته اليومية مع اصحابه ، لأنه يرى فيها امتدادا لرغبته فى أن يصبح من رجال الشرطة ، ففى مفهومه ما هى إلا صراع بين رجل البوليس والخصم المختبئ خلف الجدران ، هكذا تعلم الاختباء والبحث عنه ، اليوم يأتى وافد جديد على فصله ، عاش القادم سنوات عمره الاولى فى بلاد الغرب ، أطلق عليه منذ اللحظة الاولى لرؤيته اسم - رفيق -، وجد رفيق صعوبة فى التواصل مع زملائه ، ولكن علىّ بنباهته استطاع أن يضم رفيق إليه خاصة وأن طريق عودتهما واحد ، فقد أصبحا جيران بالسكن ، انضم رفيق إلى فريق اللعبة (لعبة الاستغماية ) ووجد فيها كل منهما لغة للتواصل السريع حتى استطاع رفيق أن يتقن بعض الكلمات العربية ، كما أتقن فن اللعبة من الاختباء حتى لا يتمكن أحد من الامساك به ، خاصة وأن طريق العودة من المدرسة يمر بالعديد من الشوارع الجانبية المفتوحة على بعضها و التى تطل على ميدان فسيح ، يمارسان فيه اللعبة بسهولة حتى يصلا إلى منزلهما بسلام ، وقد اعتادا القيام بذلك يوميا ، حتى حبب علىّ لرفيق أن يكون شرطى مثله فى المستقبل ، وحتى لا يفترقا أبدا ، ومع مرور الايام عرف رفيق معنى أن يعيش فى مصر وما كان يفتقده فى غربته من حميمية المعيشة والصداقة الجميلة التى جمعت بينه وبين علىّ ، وأقسم كل منهما ألا يفرق بينهما سوى الموت .
لم يكن علىّ ورفيق بهذا القسم الطفولى على علم بما سيحدث لهما .
فاليوم غير كل الأيام ، الشوارع مزدحمة وهرج ومرج فى كل الشوارع التى يمران بها ، تشبث كل منهما بالأخر ، فلا لعب اليوم ولا استغماية ، المهم أن نعود بسلام ، هكذا قال علىّ لصاحبه ، اشتد بهما الخوف لما رأياه من مشهد أرعبهم وحطم آمالهم وغير رؤيتهم للمستقبل وما يحلمون به ، ما كل هذة العربات وما كل هذه الجنود فى زيهم الأسود؟ تساءل رفيق ؟رد علىّ انهم رجال الشرطة الآن نشعر بالأمان فى وجودهم ،لا تقلق يا رفيق ، هيا نسير بسرعة حتى يستطيع رجال البوليس تهدئة هذا العراك، ولكن لم يتسن للأصدقاء فرصة للانطلاق إذ باغتهما أحد الرجال من أصحاب الزى الاسود بضربة أسقطت رفيق على الارض بلا حراك . ارتمى على فوق جسد صديقه يحميه بجسده الصغير ، وأحاط برأسه الصغير ألف سؤال لم يعرف اجابة لها ، استطاع أن ينتزع صاحبه من بينهم وعاد به إلى منزله وهو يقسم ألا يعود إلى لعبته (لعبة الاستغماية) فاليوم سقطت لعبته مع سقوط صاحبه .

إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق