نشرت مجلة "الأهرام العربي" صور وأسماء منفذى "مجزرة رفح" التي راح ضحيتها 16 جنديا وضابطا من الجيش المصري أثناء الإفطار في رمضان الماضي، وأكدت أنهم من أعضاء حركة "حماس".
كتب مازن عباس
كما كشفت مصادر رسمية أن وزارة الداخلية المصرية أصدرت مؤخرا أمرا باعتقال نحو 500 من عناصر "حماس" المتواجدين في عدد من المدن المصرية، بتهمة الدخول بشكل غير شرعي وإثارة الاضطرابات في البلاد لدعم حكم الإخوان.
مجلة "الأهرام العربي" الحكومية أكدت أنها حصلت على هذه المعلومات من مصادر فلسطينية قربية من حركة "حماس"، وتضمنت قائمة منفذي عملية قتل الجنود والضباط المصريين، أيمن نوفل "قيادي بـ "كتائب عز الدين القسام" الذراع العسكرية لحركة "حماس" وهارب من سجن وادي النطرون أثناء ثورة 25 يناير، محمد إبراهيم أبو شمالة الشهير بـ "أبو خليل"وهو قائد في "الصف الأول" بحركة "حماس"، ورائد العطار المخطط والمنفذ لعملية خطف الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط". وأضافت المجلة على لسان مصدرها أن "حماس" قامت بهذه العملية انتقاما من الجيش المصري الذي هدم عددا كبيرا من الأنفاق في ظل قيادة المشير طنطاوي، القائد السابق للقوات المسلحة.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تم إلقاء القبض على 7 فلسطينيين فى مطار القاهرة مساء الأربعاء الماضي، وبحوزتهم صور ورسومات لأماكن حيوية تخص القوات المسلحة. وأفادت المصادر أن المقبوض عليهم هم نادر محمد شحاتة، ومحمود زهدى سليمان، ومحمد عايش الغور، وأحمد رمضان محمد، ومحمد فضل طافش، ومصعب عبدالله محمد، ومحمد عبدالعزيز البرى.
وأوضحت المصادر أنه خلافا للإجراء الذي اتبع في جريمة "مجزرة رفح" وهو قيام الجهاز الأمني بإرسال تقرير لمؤسسة الرئاسة تم تجاهله من قبل ممثل مكتب الأرشاد في الرئاسة، رفضت المخابرات العسكرية ترحيل المتهمين، وواصلت التحقيقات معهم.
وكانت وثيقة سرية صادرة عن "كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" بشأن مستجدات الأوضاع لعناصر الحركة المتواجدين على أرض مصر، قد كشفت اعتقال وإصابة عناصر لـ"حماس" على الأراضي المصرية، نتيجة الحملة الأمنية في سيناء والمناطق المصرية الأخرى التي تشهد اضطرابات وأعمال عنف.
وقد نشرت وسائل الأعلام المصرية والعربية عدة وثائق سرية، منها وثيقة صادرة من قائد "كتائب القسام" في غزة إلى قادة الألوية بها، تؤكد أن الحركة أرسلت نحو 500 مقاتل إلى مصر لحماية الرئيس مرسي، ولمساندة الإخوان في أزمتهم السياسية. فيما نشرت وثيقة أخري كشفت تمويل قطري لـ "حماس" بمبلغ 250 مليون دولار تم تحويلها إلى خالد مشعل بأمر رئيس الوزراء القطري، لحماية مرسي وتدريب عناصر إخوانية في سيناء. وفي هذا السياق لابد وأن تظهر قضية الحارس الشخصي لخيرت الشاطر، نائب مرشد الجماعة المحظورة، في إطار العلاقة العسكرية بين "حماس" ومكتب الأرشاد، الذي ضبط على هاتفه الشخصي تسجيلات لتدريبات له مع عناصر ترتدي زيا مشابها لزي "كتائب القسام".
الرئاسة المصرية لم تصدر أي تعليق على هذا الكم من الأحداث والوثائق، كما لم يصدر عن الحكومة القطرية نفي، واقتصر الأمر على تصريحات من أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسى لحركة "حماس"، على صفحته على "الفيسبوك"، تنفي دخول عناصر مسلحة من حركة "حماس" من قطاع غزة إلى مصر لمساندة الرئيس مرسى. ولعل أخطر ما في هذا الموضوع الشائك هو أن مؤسسة الرئاسة مارست ضغوطاً شديدة على المخابرات الحربية، لمنع تسرب أي معلومات لوسائل الإعلام بشأن قضية القبض على 7 فلسطينيين فى مطار القاهرة، والأسراع في ترحيلهم إلي غزة. ما يطرح تساؤلا عن علاقة ممثلي الجماعة المحظورة بهذا النوع من الأعمال ضد الأمن القومي المصري.
وعلى خلفية هذا الكم من المعلومات بصرف النظر عن صحتها، قامت القوات المسلحة المصرية بتفجير 3 ناقلات سولار كان يتم تهريبها إلى غزة، في ظل أزمة السولار والغاز الخانقة التي تعيشها المدن المصرية.
ولاشك أن أهلنا في غزة وفي ظل هذا الوضع الاقتصادي المتدهور يحصلون على السولار وأنابيب الغاز المصرية المهربة وعدد من السلع الإستراتيجية - التي تطرحها الحكومة المصرية مدعومة للاستهلاك المحلي - عبر الأنفاق، ما يسبب ضررا مباشرا للاقتصاد المصري والمواطن المصري من محدودي الدخل. وقد يعتبر البعض أن حركة "حماس" لا تتحمل مسؤولية هذه الفوضى التي تضر بالدرجة الأولى بأمن ومصلحة المواطن المصري البسيط، باعتبار أن عددا آخر من القوى الفلسطينية يشارك في عمليات التهريب التي تتم عبر الأنفاق لتأمين احتياجات سكان غزة. ولكن حقيقة الأمر أن ضمن مؤسسات حكومة "حماس" في غزة توجد أدارة مسؤولة عن تحصيل رسوم جمركية على كافة السلع التي تدخل إلي غزة عبر الأنفاق وتحصيل تكاليف إنارة الأنفاق، بل أن حفر أي نفق يتطلب الحصول علي تصريح رسمي يصدر من هيئة الأنفاق التابعة مباشرة لأسماعيل هنية، وذلك استنادا لطلب بحفر النفق يتضمن تحديدا دقيقا لموقع وكيفية ومسار النفق. ما يعني ان حكومة "حماس" تسيطر على هذه الأنفاق بشكل كامل بصرف النظر عن مستخدميها.
وقد يعتبر البعض أنه من حق حركة "حماس"- باعتبارها تتحمل مسؤولية إدارة شؤون قطاع غزة في ظل حصار خانق وظالم- استخدام كافة السبل لتوفير احتياجات سكان القطاع، بصرف النظر عن تعرض دول الجوار لضرر اقتصادي. لكن العديد من السياسيين المصريين يرون أنه لابد أن يخضع حكم الإخوان لحساب عسير عن إهدار حقوق المصريين، والصمت على تهديد الأمن القومي المصري، وتجاهل حق القصاص من قتلة الجنود المصريين، والذي يتعرض لتهديدات ومخاطر لا تقتصر على استنزاف اقتصاد منهار، وإنما أيضا لتسلل مئات العناصر التي تدخل بشكل غير شرعي للبلاد، ويبدو أنها تلعب دورا في إشاعة الفوضي والعنف في عدد من المدن المصرية. ويعتقد فريق من هؤلاء السياسيين أن التضامن الديني هو المحرك لإرسال "حماس" لمقاتليها، ولقيامها بتحرير مرسي وعدد من قياديي الإخوان من سجن وادي النطرون أواخر يناير عام 2011، والذي كان معتقلا فيه ايضا أيمن نوفل، "قيادي بـ "كتائب القسام"، والمشتبه بتورطه في "مجزرة رفح".
ولابد من التأكيد على بعض الحقائق التي تشكل أساسا في قراءة هذا الوضع. أولا، أن مصر الشعب هي العمق الإستراتيجي لقطاع غزة، وحرص المصريون على دعم سكان القطاع، ما عكسته التحركات الأحتجاجية على مدار السنوات الماضية الرافضة لإغلاق المعبر. ولم تكن الأنظمة التي ربطت نفوذها السياسي بخدمة مصالح واشنطن، مثل نظام مبارك أو حكم مرسي، قوى داعمة لهذا العمق. ما يعني بالضرورة أن إمداد سكان غزة باحتياجاتهم أمر يجمع عليه المصريون. ثانيا، أن حركة "حماس" رغم أنها جزء لا يتجرأ من جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها الدولي ليست على خلاف مع مكتب الإرشاد، رغم أنها بمنطق بعض قياديي الجماعة لا تخوض جهادا مقدسا لأنها "تجاهد من أجل الطين"، وأن "الجهاد يجب أن يكون لوجه الله تعالى".
انطلاقا من هذه الحقائق، لابد من القول بأن "حماس" ترتكب خطأ كبيرا عندما تنساق لمنطق الجماعة المحظورة في التضامن الديني لحل أزمتها السياسية، فيستغل مكتب الإرشاد حركة "حماس" في تصفية حساباته السياسية الداخلية في مصر بأيدي حمساوية. لابد أن تقرأ قيادة "حماس" كيف سيكون رد فعل الشارع المصري تجاه هذه السياسة التي تدفعها للزج بمقاتليها في صراع سياسي ضد إرادة شعبية ترفض سلطة حاكمة. ولابد أن يستشعر الشارع الفلسطيني بأن أحد أهم حلفائه الإستراتيجيين - وهو الشعب المصري - يجب أن لا يكفر بالحق الفلسطيني بسبب مغامرات سياسية، يتم استغلال قوى سياسية فيها بمنطق ديني. فإذا كانت سياسات نظام البعث - التي تعتمد أسلوب قتل وقمع الشعب السوري باسم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني- أدت إلى ظهور جماعات من مسلحي المعارضة السورية تتعامل مع إسرائيل، فمن غير المستبعد أن تتسبب سياسة الإخوان في مصر (بقتل وقمع المصريين بأيادي حمساوية فلسطينية) في خلل يصيب المزاج المجتمعي المصري إزاء الحقوق الفلسطينية، ناجم عن الاستياء الشعبي مما يفعله مقاتلو "حماس" في مصر.
أما ما يخص تهريب السلع الإستراتيجية عبر الأنفاق، فلا شك أن توفير احتياجات أهلنا في غزة، يمكن أن يتم عبر أساليب رشيدة، لا تسبب أضرارا للمصريين. واذا كان حكم الإخوان قد قبل بأساليب البلطجة السياسية والعسكرية في حل أزمة الأنفاق، واختار الفوضى والتعامي عما يحدث نتيجة عجزه عن رفض الإرادة الأمريكية - الإسرائيلية بمواصلة حصار قطاع غزة ورضوخه لتعليمات واشنطن، فإن حركة "حماس" يجب أن تدرك أن الإضرار بقدرات العمق الإستراتيجي للقطاع، لابد وأن يضعف قدراتها على مواصلة كفاحها من أجل الحقوق الفلسطينية."أنباء موسكو"
إرسال تعليق