Home » » جمال الغيطانى يكتب : عار مقيم

جمال الغيطانى يكتب : عار مقيم

رئيس التحرير : Unknown on الجمعة، 12 أبريل 2013 | 9:52 ص


بقلم: جمال الغيطانى

الأزهر ليس جامعاً‮ ‬فقط،‮ ‬ليس جامعة،‮ ‬ليس معهداً،‮ ‬ليس دوراً،‮ ‬ليس مرجعية دينية أو فقهية،‮ ‬الأزهر صرح إنساني كوني لا يمكن التماثل معه أو تجاوزه أو الإطاحة به،‮ ‬كونيته لم تتحقق بدعاية،‮ ‬إنما بدور لم يتوقف منذ أحد عشر قرناً،‮ ‬وبذلك يصبح أقدم مكان للعلم في الكوكب،‮ ‬هو الأسبق والأكثر تواصلاً،‮ ‬ومن أهم إنجازات الإمام الأكبر أحمد الطيب أنه أعاد شكل الدراسة التقليدي الذي اختص به الأزهر عندما وضع برنامجاً‮ ‬للدراسات الحرة.

‬كانت ساحة الأزهر مفتوحة للجميع،‮ ‬يجلس الأستاذ فوق كرسي مستنداً‮ ‬إلي عمود رخامي وحوله الطلبة وراغبو العلم،‮ ‬يمكن للطالب أن يتنقل من هنا إلي هناك،‮ ‬وفي نهاية العام‮ ‬يتقدم للامتحان فيمتحنه الشيخ في مرجع معين ويجيزه،‮ ‬أي إذا رأي فيه النبوغ‮ ‬يعطيه إجازة العلم،‮ ‬بعد دوره في العصر الفاطمي وإهمال الأيوبيين له نهض به الظاهر بيبرس،‮ ‬وعندما انهارت الخلافة العباسية في بغداد وتوالت ضربات المغول والتتار قصد العلماء إلي مصر واستقروا بالأزهر.

وعندما خرج الإسلام من الأندلس وانهارت المراكز الكبري،‮ ‬هرع العلماء إلي الأزهر،‮ ‬لذلك نجد طلبة الأزهر يمثلون جميع أنحاء العالم الإسلامي،‮ ‬بل إنه يمثل الوحدة الكونية للمسلمين التي يتخفي بعضهم الآن لتحقيقها عبر مشاريع سرية مجهولة المنبع والمقصد،‮ ‬حقق الأزهر تلك الوحدة من خلال العلم وخدمة الإنسانية،‮ ‬ولم يكن جنسية الأستاذ شرطاً‮ ‬بل علمه،‮ ‬هكذا حفلت كتب التراجم بأساتذة من جميع أنحاء العالم،‮ من الملايو إلي أقصي الأرض‮ ‬غرباً،‮ ‬وقد كان أحد شيوخه في القرن العشرين تونسياً،‮ ‬أعني الشيخ محمد الخضر حسين،‮ ‬أما الأروقة التي أعاد الإمام الأكبر أحمد الطيب الحياة إليها فتظل رمزاً‮ ‬للوحدة الإنسانية من أجل طلب العلم،‮ ‬ولعل الكثيرين لا يعلمون أن أحد الأروقة داخل الجامع الأزهر كان مخصصاً‮ ‬لإقامة الطلبة الأقباط ويعرف برواق الأقباط،‮ ‬كان المسيحيون المصريون يرسلون أبناءهم لدراسة الفقه الإسلامي الذي تتم به المعاملات في المجتمع،‮ ‬كان الأزهر ملاذاً‮ ‬للمصريين بجميع دياناتهم في وقت الشدة،‮ ‬ولذلك كانت استباحته أو محاولة إهانة شيوخه من أفظع الأعمال،‮ ‬وفي التاريخ الممتد لم يقدم علي هذا الاثم إلا خيول الفرنسيين والميليشيات المدفوعة الأسبوع الماضي،‮ ‬كلاهما ارتكب عاراً‮ ‬سيظل يطارد أصحابه إلي الأبد‮.

" الاخبار"
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق