ينما تحاكم مصر الرئيسين السابقين حسني مبارك ومحمد مرسي، شهدت الجلسة الأولى من كلا المحاكمتين مشاهد ومواقف متشابهة في حين ومختلفة في حين آخر.
فكلا الرئيسين انتقلا عن طريق مروحية إلى مقر انعقاد المحاكمة في أكاديمية الشرطة بحي مدينة نصر بالقاهرة، إلا أن مرسي دخل إلى قفص الاتهام واقفاً، بينما دخل إليه مبارك محمولاً على سرير طبي.
ورفض مرسي ارتداء البدلة البيضاء خلال الجلسة الأولى من محاكمته، بينما ارتداها مبارك في جميع جلسات محاكمته. وكلاهما وقف داخل قفص الاتهام مع معاونيه.
وبدأت وقائع جلسة محاكمة مرسي ببعض السجال بين مرسي وهيئة المحكمة، أصر خلالها على شرعيته، بينما جاوب مبارك عن الأسئلة التي وجهت إليه من قبل هيئة المحكمة، وبدا متقبلاً لواقعه الجديد.
كلا المحاكمتين شهدتا حالات من الهرج والمرج خلال انعقاد الجلسات، ووقعت بعض أعمال العنف أثناء انعقاد الجلسة الأولى من محاكمة مرسي، بينما نظم أنصار مبارك وقفات خارج مقر انعقاد المحاكمة.
وقد تم نقل مرسي إلى سجن برج العرب عقب انتهاء الجلسة الأولى من محاكمته، بينما نقل مبارك إلى سجن طرة.
«مصر قيد المحاكمة.. مصر فى حالة تأهب قصوى.. رحلة الرئيس إلى السجين».. هكذا جاءت عناوين عشرات الصحف الأجنبية، التى اهتمت بالتعليق على محاكمة المعزول محمد مرسى، الإثنين.
ولفتت صحيفة «نيويورك تايمز»، الأمريكية، إلى أن المحاكمة تعد أول ظهور علنى لمرسى منذ عزله من السلطة، مشيرة إلى أنها ثانى محاكمة جنائية لرئيس سابق فى أقل من 3 سنوات، الأمر الذى وصفته الصحيفة بأنه «انعطاف مضطرب» لمصر.
وذكرت الصحيفة أنه بالنسبة للحكومة الجديدة المدعومة من الجيش، فإن المحاكمة تعد فرصة جديدة لتأكيد قرارها بأنه لا عودة لحكم مرسى.
وقالت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز»، الأمريكية، تحت عنوان «تماسك جذور الإخوان مع بدء محاكمة مرسى»، إن «مؤيدى مرسى المتحمسين عادوا بهدوء تحت الأرض مع بدء محاكمة أحد قادتهم، الإثنين»، مضيفة أن اتهام مرسي بالتحريض على القتل «يحمل فى طياته بعضا من الذل والهزيمة لجماعة الإخوان بعد عام واحد فى الحكم».
وتابعت الصحيفة: «ضمن جدولهم الممتلئ بالهزائم، حقق مؤيدو مرسى بعض الانتصارات الرمزية، فى ظل تعثر مظاهراتهم فى الشوارع على نطاق واسع، إلا أن الحركة تمكنت من إشعال حركة الاحتجاج الطلابية، بما فى ذلك مظاهرات جامعة الأزهر».
ورأت صحيفة «واشنطن تايمز»، الأمريكية، أن رفض مرسى ارتداء زى المحاكمة يبعث برسالة قوية بعدم اعترافه بالمحاكمة، وأنها «غير عادلة»، وأنه لا يعترف بمحاكمته على التهم الموجهة إليه، حسب قولها.
وفى تقرير مطول بعنوان «مرسى: الرئيس إلى السجين»، قالت مجلة «نيوزويك» إنه بعد حصول جماعة الإخوان المسلمين، على مكاسب انتخابية كبيرة بعد الإطاحة بحسنى مبارك، تم عزل مرسى تقريبا عن العالم الخارجى، وبقى فى مكان سرى منذ اعتقاله.
وفى الصحف البريطانية، خصصت صحيفة «التايمز» افتتاحيتها بعنوان «مصر قيد المحاكمة»، قالت فيها إن وجود مرسى فى قفص الاتهام مؤشر على أن «لحظة الحقيقة قد حانت للجنرالات». ورأت الصحيفة أن «مصر عاجزة عن الوصول إلى السلام مع مواجهة المعزول لمحاكمة سياسية، كون مجرد رؤيته فى قفص الاتهام كفيلة بتأجيج مشاعر مؤيديه».
واتهمت الصحيفة الحكومة بأنها تستغل هذه المحاكمة لصرف انتباه المواطنين عن مشكلات أساسية يواجهونها كالبطالة وانعدام الأمن وارتفاع أسعار المواد الغذائية، إلا أن الصحيفة أكدت أن المصريين مازالوا يثقون فى قدرة الجنرالات على تحسين حياتهم، لكن صبرهم بدأ ينفد.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، البريطانية، أن محاكمة مرسى تزيد من «حالة عدم اليقين السياسى»، التى تسيطر على عملية التحول المضطربة بعد تولى الجيش الحكم وسط موجة معارضة لحكم مرسى بعد عام واحد من انتخابه.
وقالت صحيفة «لوموند»، الفرنسية، إن محاكمة مرسى تجرى وسط أجواء من التوتر.
وتساءلت الصحيفة عما إذا كان ما يجرى فى مصر «ثورة تدعمها مطالب بتحقيق العدالة أم انقلاب ترافقه مسرحية قضائية»، حسب وصفها، مشيرة إلى أن المحاكمة ستحمل إجابات حول مستقبل مصر، التى باتت «على حبل مشدود»، وهى مسألة مازالت غير محسومة فى أذهان المصريين، بعد 4 أشهر من الإطاحة بـ«الرئيس الإخوانى، بفضل تعبئة شعبية لم يسبق لها مثيل».
وأشارت «لوموند» إلى التعتيم الكامل على المحاكمة، مما يصعب الأمر على محامى الدفاع ووسائل الإعلام والمراقبين الأجانب.
وذكرت «لوموند» أنه فى الوقت الذى دعا فيه ما وصفته الصحيفة بـ«التحالف المعارض للانقلاب» أنصاره للنزول إلى الشوارع، اعتراضاً على «المحاكمة الصورية»، أعلنت وزارة الداخلية عن تجهيز «ترسانة أمنية» لتأمين المحاكمة من 20 ألف جندى وطائرات هليكوبتر تحلق فوق مقر المحاكمة.
وذكر موقع قناة «فرانس 24» أن مع بدء محاكمة مرسى مع 14 آخرين بتهمة التحريض على قتل المتظاهرين على أبواب قصره الرئاسى فى 5 ديسمبر 2012، تصبح إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية شبه معدومة. وأوضحت القناة، فى تقرير لها، أن العنف الذى وقع أمام قصر الاتحادية أدى إلى غضب واسع فى صفوف المعارضة، مما ساهم فى الإطاحة بمرسى بعد ذلك.
أما مجلة «فرانكفورتر روندشاو»، الألمانية، فقالت إنه سيكون من الخطأ الحديث عن العودة للحقبة القديمة فى مصر، فإذا لم تحكم السلطة، أيا كانت، وسمعت لأصوات الشعب، وعملت على تحسين الواقع فى حياة الناس، فلن تنجح، ويجب عليها الاعتماد على الشعب وإبقاء الناس فى حالة مزاجية جيدة على أى حال.
ورأت المجلة أن السبيل الوحيد للخروج من المأزق الحالى فى مصر، هو اتباع النموذج التونسى، الذى تحرك فى اتجاه الحوار الوطنى بين الإسلاميين والليبراليين. وأضافت أنه رغم أن الحوار فى تونس أمر صعب وبطىء فى الوصول إلى مبتغاه، فإنه يعد أكثر تفاؤلا مما نسمعه من هتافات المصريين خلال محاكمة مرسى.
وركزت مؤسسة «دويتشه فيله» الإعلامية، الألمانية، على حالة الخوف من رجوع الدولة البوليسية إلى مصر، مشيرة إلى أن منظمة العفو الدولية تعتبر المحاكمة «اختبارا» للحكومة الانتقالية فيما إذا كانت تحترم حقوق الإنسان.
إرسال تعليق