Home » » د‏.‏ سعيد اللاوندي يكتب : مصر‏..‏ والتوازن الدولي المفقود‏!‏

د‏.‏ سعيد اللاوندي يكتب : مصر‏..‏ والتوازن الدولي المفقود‏!‏

رئيس التحرير : Unknown on السبت، 21 سبتمبر 2013 | 8:07 ص



د‏.‏ سعيد اللاوندي

.‏ في كتاب عن الشرق الأوسط الجديد‏..‏ صدر باللغة الفرنسية قبل سنوات‏,‏ تحدث المؤلف عن مصر واعتبرها الحديقة الخلفية للسياسة الأمريكية في المنطقة‏,‏ وذهب الي أنها تسير وراء السياسة الأمريكية معصوبة العينين‏..‏ وباتت تلعب شرطي المصالح الأمريكية بعد سقوط شاه إيران‏!.‏

أقول الحق, كنت أشعر بضيق لهذه الرؤية, إلا أن المؤلف ويدعي رينيه جوتبيه بني ذلك من قولة للرئيس السادات قال فيها إن 99% من أوراق اللعبة السياسية بيد أمريكا.. ومنذ ذلك الحين ومصر لا تري في الكون سوي أمريكا.. وتعمدت أن تنسي روسيا (وريثة الاتحاد السوفيتي السابق) والكتلة الشرقية وتميل بكليتها إلي أمريكا والغرب.

وللإنصاف ظلت هذه الرؤية تحكم توجهات السياسة الخارجية المصرية فترة طويلة من الزمن.. حتي أن الرئيس المخلوع (مبارك) ظل وفيا لهذه الرؤية.. وبات واضحا أن مصر تشخص عينيها تجاه أمريكا فقط!.. لكن للانصاف بدأت هذه الرؤية في التبدد مع ثورة 30 يونيو عندما أصرت الولايات المتحدة علي اعتبارها انقلابا عسكريا, وتناست تماما أنها ثورة شعبية غير مسبوقة في التاريخ عندما اكتظت الشوارع والميادين بملايين المصريين, التي تنادي بزوال حكم الاخوان!.

وظهر جليا ـ لاحقا ـ العلاقة المستترة والغامضة في آن بين الإخوان من ناحية وبين أمريكا.. وسؤال الكونجرس الأمريكي الذي وجهه للرئيس أوباما, الذي اعترف بأنه قدم للاخوان نحو ثمانية مليارات دولار.. وادعي أنه لم يقدم لهم ذلك وانما قدمه لمصر!, مع أن مصر لاتزال موجودة.. والذي رحل فقط هو نظام الإخوان.. فلماذا تتحدث بعض الأوساط الرئاسية في أمريكا عن إعادة النظر في المساعدات التي تقدم لمصر!!.

أيا كان الأمر, السؤال لايزال مطروحا, لكن العلاقة بين أمريكا من ناحية والإخوان من ناحية أخري, قد تغيرت في الفترة الأخيرة, وأصبحت أمريكا أكثر ميلا لقول إن ما حدث في مصر ثورة وليس انقلابا..

.. ومن قبيل التمرد علي السياسة المصرية, التي لم تجد في العالم ـ كل العالم ـ سوي أمريكا.. فقد سافر مؤخرا نبيل فهمي الي روسيا.. وحاول أن يعيد المياه الي مجاريها..

وللانصاف, هذا أمر جيد, لان هذه الزيارة سوف تعيد التوازن المفقود في العلاقات الدولية.. والوفاء لثورة 30 يونيو يحتم أن تكون لمصر علاقات متوازنة.. ليس فقط بين الدولتين العملاقتين وإنما بين جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة..

ولسنا ننكر أن مصر في عهد سابق كانت قريبة من الكتلة الشرقية والاتحاد السوفيتي السابق.. وأيضا كانت قريبة من الكتلة الغربية والولايات المتحدة في عهد تال.. لكن اذا تذكرنا مرحلة السوفيت.. تذكرنا أيضا السد العالي ومصنع الألومنيوم في نجع حمادي, ومصنع الحديد والصلب في حلوان.. ورمز الصداقة في أسوان.. وتوزيع الأراضي علي الفلاحين (الإصلاح الزراعي).. لكن اذا تذكرنا أمريكا والكتلة الغربية, فلن نجد سوي الحنظل.. مع أن ولاء الحكومات المصرية كان كبيرا لأمريكا والغرب..

باختصار, لقد حرصت مصر, الثورة, أن تكون لها علاقات متوازنة مع العالم.. ومن هذا المنطلق يجب أن نثمن غاليا أي زيارة لموسكو.. كذلك زيارة وزير الخارجية الي السودان.. لأن الأخير, شئنا أم أبينا, هو العمق الاستراتيجي لمصر, ثم ان مشكلة المياه مع إثيوبيا والقارة السمراء جاءت في لحظة كنا ابتعدنا فيها عن إفريقيا..

ناهيك عن معالجة قضية المياه.. بأسلوب عنتري جلب سوء الفهم, لعلاقات مصر بدول حوض النيل.

ومن ثم فإن زيارات الخارجية تستهدف أن تجعل لمصر علاقات مع دول العالم تقوم علي شيئين.. الاحترام المتبادل, والمصالح المشتركة.

ناهيك عن التعديلات والاضافات التي رسمتها الخارجية المصرية عندما استحدثت منصب مساعد وزير الخارجية لشئون الجوار الجغرافي, ثم بعض الادارات الجديدة التي يتولي أمرها دبلوماسيون شبان.. أعتقد أن هذه التغيرات جاءت استجابة لمصر التي تتطلع لعلاقات متوازنة مع دول العالم..

واذا وضعنا في الاعتبار أن سياسة الخارج هي امتداد لسياسة الداخل, وأن هناك تحديات كثيرة تقف حجر عثرة في طريق مصر ـ الثورة.. ناهيك عن الأزمات الاقتصادية وتحدي العنف والإرهاب..

.. كل ذلك يؤكد أن مرحلة جديدة تفتح أبوابها بالتفاؤل لمستقبل مصر.. ولاشك أن تحرك الخارجية المصرية يستوعب كل ذلك وينطلق منه لغد أكثر إشراقا.
الاهرام
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق