بقلم: ناجح إبراهيم
تشوهت صورة الإسلامى فى الفترة التى أعقبت ثورة 25 يناير نتيجة بعض الممارسات السلبية من بعض أبناء التيار الإسلامى أو بعض الدعاة الذين قدموا صورة ممسوخة وبائسة عن الإسلامى.. وكلما حاولت تصحيح هذه الصورة قوبلت بهجوم عنيف أعقبه سؤال مهم ومتكرر.
من هو الإسلامى أو الداعية بحق الذى يمثل صورة الإسلام؟.
وهأنذا أجيب عن السؤال باختصار مفيد:
الإسلامى الحق هو الذى يوازن بين الدنيا والدين.. فيعلم أن لدينه عليه حقا.. ولوطنه عليه حقا.. ولأسرته وجيرانه وأقاربه وعمله وبدنه عليه حقا.. فيعطى كل ذى حق حقه.. غير جانح إلى الإفراط، ولا مائل إلى التفريط.
وهو الذى يبشر ولا ينفر.. ويجمع ولا يفرق.. ويحبب الخلق فى الحق سبحانه ولا ينفرهم من الدين.. وهو الذى ييسر للناس ولا يعسر عليهم.
ويعلم أن مهمته هداية الخلائق وليس تكفيرهم أو تفسيقهم أو تبديعهم.. فنحن دعاة لا قضاة.. ودعاة لا بغاة.. ودعاة لا ولاة.
وهو الذى يفرق بين الأصول والفروع، والغايات والوسائل، والثوابت والمتغيرات والعقائدى والسياسى.. والدعوى والحزبى.. فيكون فى الأولى فى صلابة الحديد فلا يقبل المساومة عليها.. وفى الثانية مثل ليونة الحرير فيقبل فيها الخلاف فى الرأى والتغير فى الحكم والتبدل فى التوجه، حسبما تقتضيه أحوال المجتمعات وتغير البيئات وتبدل الزمان والمكان.
وهو الذى يحسن الجمع بين الواجب الشرعى والواقع العملى جمعا لا يخل بأحدهما.. فلا يترك الواجب الشرعى تحت ضغط الواقع ولا يهمل الواقع تحت دعوى إعمال النصوص.
وهو يثبت مع ثوابت الإسلام ويتغير مع متغيراتها.. وهو الذى يدرك أن الإسلام دين ديناميكى يتفاعل مع الآخرين ويتعايش معهم.. يأخذ النافع من دنيا الآخرين حتى لو لم يكونوا مسلمين، ويعطيهم النافع من الدين والدنيا.
وهو الذى يصدع بالحق ويرحم الخلق فى الوقت نفسه.. ويضبط علاقته بربه وبالناس وبنفسه فى تناغم رائع.. فيزهد فى الدنيا ليحبه الله ويزهد فيما عند الناس ليحبه الناس ولا يرى نفسه ولا يستعلى بها ليعيش فى سلام مع ربه ونفسه والناس.
وهو الذى يدور مع الشريعة حيث دارت ولا يدور مع نفسه أو جماعته.. ولا يتحدث عن نفسه أو جماعته أو فصيله أكثر مما يتحدث عن ربه ورسوله ودينه.
وهو الذى يوازن بدقة بين الأعمال.. فلا يهتم بالجزئيات دون الكليات.. ولا يحول الفروع إلى أصول.. أو الخطأ إلى خطيئة.. أو الخطيئة إلى كفر.. ولا يحول السنة إلى فرض.. أو المكروه إلى حرام.
وهو الذى يعلم أن الأصل فى الدماء هو العصمة.. ولا تزول هذه العصمة إلا بدليل أنصع من شمس النهار.
الإسلامى الحق هو من يستخدم آلية النقد الذاتى التى ذكرها القرآن قبل 15 قرنا من الزمان وسماها النفس اللوامة وأقسم بها «وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ» لتطوير أدائه وتصحيح عيوبه ونقد أفكار البشرية وتحسين أدواته.
أما من لا يقبل النقد الذاتى البنّاء المهذب فلا يدرك شيئا عن أهمية النفس اللوامة التى أقسم بها القرآن وربطها بيوم القيامة وكأنه لا ينجو يوم القيامة إلا من كان مصاحبا للنفس اللوامة.
الشروق
إرسال تعليق