Home » » وسائل الإعلام والقرار السياسي الأمريكي وحكاية ( التجسس) والسيطرة على الإعلام

وسائل الإعلام والقرار السياسي الأمريكي وحكاية ( التجسس) والسيطرة على الإعلام

رئيس التحرير : Unknown on الخميس، 15 مايو 2014 | 9:35 ص


حيادية الصحافة الأجنبية على المحك .. وخدمة المصالح الأمريكية أهم من نقل الحقائق

” سلام علي أحمد المشهداني ” طالب بكلية القانون والسياسة في الأكاديمية العربية المفتوحة بالدنمارك قدم أطروحته لنيل الماجستير حول “صنع القرار السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية”

وفي دراسته القيمة قدم الباحث تشريحا وافيا وكاملا لدور الإعلام ومؤسساته في التأثير على صناعة القرار السياسي بالولايات المتحدة الأمريكية ومنها الصحافة الأمريكية ودورها في تشكيل وعي وثقافة المواطن الأمريكي .

وسائل الإعلام والقرار السياسي الأمريكي.

بدأ الباحث رسالته بالتأكيد على أن الأمريكيين منذ تأسيس الدولة الفيدرالية اهتموا بدور وسائل الإعلام في توجيه الحياة السياسية. وشكلت الصحافة منذ وضع الدستور الفيدرالي منبراً رئيسياً للحوار والجدل السياسي ، واختاروا منذ البداية أن يكون الرأي العام عنصراً مكوناً للعملية السياسية من خلال الانتخابات ومواكباً مراقباً من خلال متابعة ما يجري عبر وسائل الإعلام.

وتابع أدت الطفرة التقنية في وسائل الإعلام،إلى تطور الصحافة نفسها.وسنلاحظ أن تطور البنيات الإعلامية ارتبط تاريخياً بمصدرين أساسيين: أولاً : المؤسسات السياسية : القيادات والأحزاب والأجهزة الحكومية ، ثانياً : الشركات الصناعية والتجارية الكبرى .

صناعة الإعلام

و جاء في نص الرسالة : إن أضخم جهاز إعلامي ودعائي اليوم على الإطلاق وبلا منازع هو الجهاز الإعلامي الأمريكي، لأسباب تتعلق بالاقتصاد الكبير الذي تتمتع به الولايات المتحدة الأمريكية، وللميزانيات الضخمة التي ترصد لوسائل الإعلام الأمريكية وللدور السياسي الذي تضطلع به واشنطن وسوق الأخبار الهائل في كل من واشنطن ونيويورك بوصف الأخيرة مركزاً للقرارات السياسية الدولية في الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي ومقرها في نيويورك.

والدليل على حجم تلك المكانة هو الميزانية المالية السنوية الضخمة لمؤسسة إعلامية واحدة، هي صحيفة الواشنطن بوست، التي تبلغ ما يزيد على ملياري دولار سنوياً، وهي أكثر من ميزانيات جميع وسائل الإعلام العربية مجتمعة التي تبلغ مليار و(400) مليون دولار للعام 2002 .

وتعد الحكومة الأمريكية والأحزاب السياسية، والجماعات السياسية المحلية، المصدر الأساس لتمويل البنيات التحتية الإعلامية لكن الشركات التجارية والصناعية والمؤسسات الخاصة عامة، تشكل مركز الثقل الفعلي في هذا المجال، من خلال امتلاكها لأغلبية الأسهم في المجالس الإدارية لكبريات المؤسسات الإعلامية ، كما أن هناك ما يزيد على 10 آلاف صحيفة يومية وأسبوعية، تمتلك المؤسسات الخاصة من مواردها المالية والتقنية أكثر من 50% وتعتبر من أهم الصحف شهرة ونفوذا ًالتي يمتلكها الخواص مثل : نيويورك تايمز، ولوس أنجلوس تايمز، وواشنطن بوست، والبوستن كالوب، أو مجلات التايمز، ونيوزويك، واس.نيوز، الفورتون .

( التجسس) والسيطرة على الإعلام.

2) حجم التغطية وتدفق المعلومات.

وتابع الباحث في رسالته المهمة ” ومن المعلوم أن التطور العددي والنوعي لوسائل الإعلام يجعل من المادة الإعلامية التي تبثها عنصراً بالغاً في الأهمية ، ويتطلب قدراً من السرعة في الحصول على المعلومات وتوجيهها .

– وأَضاف ” على المستوى الدولي فإن التفاوت بين الولايات المتحدة والمحيط الدولي الذي تتعامل معه، وخصوصاً الدول النامية ، يمكًن الولايات المتحدة من الحصول على المعلومات والأنباء المتعلقة بالبلدان الأخرى وغالباً ما تكون على درجة من الخطورة والسرية بدون الخضوع لأدنى مراقبة لأنها أصلاً عملية غير مقننة من قبل الأجهزة الرسمية لتلك الدول نفسها .

وبالمقابل فإن وسائل الإعلام الأمريكية بإمكانها بث المعلومات بسرعة وبطريقة متقنة ، تجعلها تغرق مجالات البث المحلية للدول الأخرى نتيجة ضعف وسائلها الإعلامية، فتصبح بالتالي المصدر الرئيسي للأنباء والمعلومات المتداولة.فمثلاً يقدر عدد مستمعي إذاعة صوت أمريكا يومياً120 مليون شخص .

- وقال إنها تبث بحوالي 47 لغة ، ويقدر عدد مستمعي قسم الإذاعة العربية لصوت أمريكا ،في العالم العربي وحده 7 ملايين شخص في العالم العربي .

– وتابع أما على المستوى الداخلي فهناك أمور كثيرة تجعل معارضي القرار والجماعات الصغيرة تستخدم أسلحة تعويضية للضغط على مراكز النفوذ ، كإفشاء الأنباء والمعلومات لوسائل إعلام أجنبية أو إلى جهات إعلامية داخلية لها مصلحة في عدم صدور قرار معين وذلك سعياً لتحقيق نوع من التوازن .

– ولفت إلى أن هذه المعادلة لا تتحقق دائماً ، وخصوصاً في القضايا الاستراتيجية أو الدقيقة، كحالة الحرب مثلاً، نتيجة تمركز المعلومات لدى المصادر العسكرية أو السياسية في أعلى مستوى.

– و قال إنه لتغيير وجه هذه الحقيقة ، يلجأ صناع القرار، للتركيز على مظاهر معينة توحي بوجود توازن والأخذ بالآراء المعارضة ، التي هي في الحقيقة لا تمتلك مقومات التوازن مع الرأي الغالب. واعتبر أن التليفزيون يشكل في الوقت الراهن مركز ثقل إعلامي كبير، ويبرز ذلك على الخصوص في المناسبات الانتخابية ، وقد سجل خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة أن التحقيقات الصحفية والمقابلات التي يبثها التلفزيون شكلت محور اهتمام الرأي العام.

- المادة الإعلامية والقضايا السياسية

وحوت الدراسة كيفية ممارسة العملية الإعلامية، من قبل الصحافة ووسائل الإعلام الحديثة و مفهوم ” الخبر ” وتعدد قنوات ووسائل الإعلام ويسعى صناع القرار لاستثمار المادة الإعلامية إلى أقصى قدر ممكن، وتتجلى أهم مظاهر هذا الاستثمار في:

- الحصول على المعلومات المفيدة لصناعة القرار ومعرفة الآراء والمستجدات.

- تركيز الاهتمام وخلق مناخ مناسب لتلقي القرار.

- إعلان القرار ومتابعته.

يتجلى المظهر الأول لاستثمار صناع القرار للمادة الإعلامية ، من خلال تلقي المعلومات والمعطيات والأخبار من خلال مصادر متعددة : كالمؤسسات الإعلامية الرسمية سواء كانت مرتبطة بالمؤسسة السياسية كما هو الشأن بالنسبة لوكالة الإعلام والاتصال التابعة للرئاسة ، أو أقسام الإعلام والصحافة في وزارات الدفاع والخارجية والملحقين الإعلاميين والبرلمانيين ، أو الصحف والوكالات والقنوات التي تعمل باستقلالية عن جهاز الدولة رغم ارتباطها من الناحية القانونية.

أما المصدر الثاني وهو الأساسي، فيمثل في وسائل الإعلام الحرة ، حيث يتابع أعمال الكونجرس 4000 صحفي معتمد رسمياً وفيما يولي المسؤولون التنفيذيون الصحافة الدولية والفيدرالية أهمية كبيرة ، فإن أعضاء الكونجرس يهتمون أيضاً بالصحافة المحلية نظراً لارتباطها بمصالح السكان الذين يمثلونهم.

وتعتبر أفضل الوسائل بالنسبة لصناع القرار ربط صلات شخصية مع كبار المحررين الصحفيين وكُتَّاب الافتتاحيات والمقالات الرئيسية ومديري الصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعية ، الذين يمكن أن يتلقى من خلالهم المسؤولون الآراء والانطباعات والمعلومات بصورة دقيقة ، قد لا تحملها التقارير الصحفية.

وتشكل المعلومات المستقاة من وسائل الإعلام وخصوصاً الأجنبية أو المعارضة والمستقلة في الداخل مصدراً هاماً يتابع من خلاله صناع القرار الأوضاع الدولية والمحلية ويتلقون من خلال الرسائل التي تريد مختلف الأطراف تبليغها مضمنة في التصريحات أو التحقيقات الصحفية ، وتشكل هذه الرسائل في أحيان كثيرة مطالب سياسية أو ضغوطا لحث السلطات لاتخاذ قرار معين أو العدول عنه أو تعديله أو مشاكل عامة المواطنين التي لم يتوصل بها صاحب القرار عبر القنوات المختصة.

ونتيجة لاهتمام وسائل الإعلام بالاتصال ومعرفة الآراء المخالفة سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها ، فإن المقابلات الصحفية والتلفزيونية من النخب السياسية والمسؤولين في الدول الأجنبية تشكل مصدراً للمعلومات يستفيد منه صاحب القرار، كما يكون بالصورة لمعرفة ملامح حالة الطرف المقابل. - أما المظهر الثاني لاستثمار صناع القرار للمعلومات فيتجلى في عملية حشد الإمكانات والموارد الإعلامية التي تتوقف عليها المؤسسة السياسية لتركيز اهتمام الرأي العام أو الجزء المعني منه بالقرار على الأقل ، حول القضايا التي يرغب صاحب القرار في إثارتها

ويشير الباحث إلى أنه بحسب الظروف والشروط التي تحف بعملية اتخاذ القرار، فإنه يتم مد وسائل الإعلام بسيل متدفق من الأخبار والمعطيات والمشاهد الإعلامية (الصورة) التي ترغب في بثها ومن أخطر الرسائل التي يستخدمها الطرف المقابل في هذا السياق، نشر حقائق سرية أو أهداف غير معلنة للقرار أو ملابسات أو فضائح شخصية ، وتستهدف بمجموعها إثناء صاحب القرار عن هدفه أو دفعه للتعديل أو استفزازه للتسرع في اتخاذ القرار دون إحاطة بمعطياته ، كما يتم استثمار وتوظيف القيم الجماعية والانطباعات السائدة ونقاط القوة والضعف الكامنة لدى الشعور الجمعي كوسيلة لتأجيج الخوف لدى الرأي العام ، وإثناء صاحب القرار عن مقاصده .

صاحب القرار وتأثير وسائل الإعلام

ويكون صاحب القرار في الحقيقة دائم الحيطة والحذر في التعامل مع وسائل الإعلام وتوخي الدقة في التصريحات والمعلومات نظراً لما يخشى الوقوع فيه من كشف جوانب يتوخى فيها السرية أو معلومات خاطئة يمكن لوسائل الإعلام فيما بعد تحويلها إلى قضية مصداقية.

غير أن أخطر أشكال الأسلحة الإعلامية التي يمكن أن تستخدم هي تلك التي يتم تسريبها من قبل دوائر معينة داخل أجهزة القرار نفسها، تكون لها مصلحة في إحباط أهداف القرار أو تعديله.

*الحلقة الأخيرة

وتتمثل الحلقة الأخيرة من استثمار صناع القرار للمادة الإعلامية في مستويات إعلان القرار ومتابعته فعندما تتجه إرادة صاحب القرار لإعلان القرار،وعدم كتمانه يكون بناء على دراسة دقيقة للآثار التي يمكن أن يخلفها إعلان القرار من مختلف الأطراف المعنية به . ولا تقل هذه العملية في تعقيدها ودقتها عن دراسة القرار نفسه .

وتتيح وسائل الإعلام الحديثة كالقنوات التلفزيونية إمكانات ضخمة يستثمرها صاحب القرار لمتابعة ردود الفعل ، بل كيفية تنفيذ القرار أحياناً، كما حدث إبان حرب الخليج الثالثة.

يتضح مما سبق ، أن وسائل الإعلام الجماهيري تؤدي دوراً مهماً في نقل المعلومات إلى الشعب الأمريكي وقيادته السياسية وتلعب في الوقت ذاته دوراً مهماً في دعم الديمقراطية والتأثير في الرأي العام.

ويختم الباحث رسالته بقوله إن الأمريكان منذ البدء كانوا حريصين على أن تكون لهم صحف يعبرون فيها عن آرائهم،ويعد ما كتبه (توماس جيفرسون)في عام 1787 خير شاهد على كلامنا هذا إذ قال : ( إذا ترك لي حرية تقرير ما إذا كان يجب أن تكون لنا حكومة بدون صحف ، أو صحف بدون حكومة، فأنني سوف لا أتردد لحظة واحدة في أن أختار الوضع الثاني) .

ويضيف من المعروف أن وسائل الإعلام تصدر تقاريرها عما تفعله (أو لا تفعله) الحكومة وعن السلوك السياسي للمسؤولين العموميين والأحداث الكثيرة التي تؤثر في حياة المواطنين ، ووجهات نظر المرشحين للانتخابات التشريعية والمشاكل الاجتماعية التي تنتظرها و الحلول أيضا .

ويمكن القول أن مدى احترام الجمهور للنظام السياسي والإيمان به يتجدد إلى حد ما بالنغمة التي تبرزها وسائل الإعلام في تغطيتها للأخبار التي تنقلها . ويمكن أن نضيف أن وسائل الإعلام تلعب دوراً كبيراً في إتاحة ( قاعدة المعلومات ) التي يقوم المواطنون من خلالها ببلورة آرائهم، وفي الوقت نفسه يتعرف المسؤولون المنتخبون على اهتمامات الجماهير بصدد أمور السياسة العامة من خلال التقارير الإعلامية واستطلاعات الرأي

وقد قسم خبراء الإعلام الهيكل الإعلامي الأمريكي إلى ثلاثة أقسام هي : (الوسائل المقروءة، الوسائل المسموعة والمرئية، وكالات الأنباء) بالإضافة إلى ذلك فإن المؤسسات الإعلامية الأمريكية العملاقة تتمتع بقوة هائلة إلى الحد الذي يمكن لمالكيها من كبت الأصوات المعارضة ووجهات نظر الأقلية. ولما كانت الديمقراطية تقوم على أساس مبدأ الرأي والرأي الآخر الذي تم استبداله من قبل هذه المؤسسات بمبدأ القوة تكبح القوة ، فكيف تتفق المؤسسات الاحتكارية الإعلامية مع هذا المبدأ،فضلاً عن ذلك يعتمد المجتمع على وسائل الإعلام لكبح وموازنة المؤسسات السياسية والاقتصادية الأخرى .

وتساءل في نهاية البحث عما إذا كانت هذه الوسائل الإعلامية خاضعة لسيطرة الاحتكارات الأمريكية العملاقة ، والربح والمصالح هو هدفها الرئيس فهي بذلك لا يمكن أن تتعرض بصورة حقيقية لهذه المصالح ، أو الاستغناء عن الربح أي باختصار هل يمكن لوسائل الإعلام أن تنقل أخبار الأحداث والقضايا بصراحة واعتدال وموضوعية ؟ . أم أنه بالإمكان أن تحف المخاطر بالدور السياسي الحيوي الذي تضطلع به هذه الوسائل لخدمة المصالح الأمريكية؟ . والجواب واضح من خلال ما مارسته وتمارسه وسائل الإعلام من ممارسات وأدوار لخدمة المصالح الأمريكية بالدرجة الأساس .
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق