Home » » العالم القصصى و الروائى للثورة المصرية يجول فى الماضى و الحاضر

العالم القصصى و الروائى للثورة المصرية يجول فى الماضى و الحاضر

رئيس التحرير : Unknown on الأحد، 27 يناير 2013 | 9:05 ص



الأدب انعكاس للحياة يجول فى الماضى و الحاضر و المستقبل ، يرى الثورة بعيون مختلفة  ، فيأتي الأدب عادة  متأخرا لكنه يحفر علامات لا تمحوها الأيام. فالأديب ينتظر ويمعن ويزاوج بين البصر والبصيرة، ، بين التفكير العميق والمشاعر الفياضة، لينتهي إلى ما قد يتنبأ بالمستقبل، أو ما يرسم للماضي صورة مختلفة عن تلك التي حوتها كتب التاريخ  ، و معكم سننطلق فى رحلة أدبية فى العالم القصصى و الروائى للثورة .

" النهايات الوردية ما زالت نائية، فهذه ثورة لم يحكم من صنعوها، وإنما تولى غيرهم الحكم بالنيابة.. إن من ثاروا أشبه بشخص استطاع ان يستنبت نبتة نادرة واهنة، وهو يخشى أن يستلبه أحدهم إياها أو يدوس عليها أو يهشمها، وهكذا يستمر الغليان والتوتر " .

بهذة المقولة من رواية " السنجة " لأحمد خالد توفيق تنطلق الرحلة لنجد بالرواية رؤية لما يحدث اليوم  أن الثورة لم تغير شيئا، بل العكس فإن الواقع الأليم الذي أفرز الثورة عاد ليبتلعها، لذا يسعى الناس لثورة جديدة تحقق الأحلام التي فشلت الأولى في تحقيقها.

ثنائية النور و الظلام  فى  رواية ‏(‏ شمس منتصف الليل‏)‏ لأسماء الطناني‏ ، خلال الثلاثين عاما الأخيرة- حتي ثورة يناير- تعرض الرواية  بتقنية العودة إلي الوراء لتأكيد أن الظلام وإن استمر لثلاثين قرنا فإن الليل لابد وأن ينتهي, ولابد لشمس يناير2011 أن تسطع..

وتمضي الأحداث بنا داخل النص مع تاريخ مصر حين يرتبط الخاص بالعام حين ترتبط العلاقة بين سارة وأحمد ، بالعلاقة بين البلد و النظام  ، و مشهد لقاء الطبيبة سارة  بأحد مرضاها " أحمد " لأول مرة ، تذكرنا الطنانى  بمصر لحظة التقائها بحسني مبارك, في ذلك اليوم الخريفي من عام1981, بعدما تم اختياره بناء علي استفتاء شعبي رئيسا للجمهورية, خلفا للسادات الذي تم اغتياله .

وعلي مدي ثلاثين عاما تدور هذه العلاقة الغريبة بين الطبيبة الجميلة والمريض المخادع ، هذه العلاقة بين الفرعون القديم والجديد ، فى حين يسير أفراد الشعب في ساقية تدور حول نفسها داخل دائرة مفرغة أبكت الليل والنهار ، وعلي هذا النحو, كان لابد لظلمة  الثلاثين عاما أن تنكشف  فعصفت مصر بمبارك وقامت بترحيله من الحكم مثلما قامت سارة بإنهاء علاقتها بأحمد للأبد بلا ندم قالت سارة لأحمد: ارحل ،  وقالت مصر لمبارك: ارحل.

و بين الحلم و الواقع نعيش فى  رواية " فى صحتك يا وطن "  ل محمد الجيزاوى ، الروايه عبارة عن مساحه معلقه ما بين الحلم و الواقع و الأمل و الرجاء,  تصل الأحداث لذروتها ، عندما يشرب  البطل في صحة الوطن الذي أهان تاريخه و لم يهن صبره و إصراره على أن يتداوى من جراح الزمن.
و نقرء منها :

" كما صارت حرية الأوطان بعيدة المنال وبقينا نحلم بها رغم الحدود والسدود هكذا اخترت عشقاً مستحيلاً لامرأة لا تعرفني ولم تراني يوماً
اخترت أن أختبئ فى ظلال الصمت حتى لا يفجعني الواقع فيك..
ثلاث سنوات من العذاب الحائر والقلق الراسخ في عمق صدري،
فهل حبك كان وهم الأدباء أم لعنة الأقدار التي أصابتني بهزيمة الوطن وهزيمة الحب ففي زمن الهزائم نحيا..
فهل يمكن أن أحصل يوماً على حرية الوطن وحق السكن بقلبك؟
لتكن مشيئة الله.. "

ومن  رواية ” الثورة” للكاتب الكبير كاتب الخيال العلمي وصاحب سلسلة روايات رجل المستحيل “نبيل فاروق” الذى شبه قيها الشباب الثائر ب " شباب المستحيل " ، نقرء :
" التفتت إليه، هاتفة في فرح: الثورة اندلعت في مصر  ، صرخ فيها وهو يخلع سترته، ويلقيها جانباً:
- أيفرحك هذا؟!  ، استعادت روح التحدي، وهي تقول: بالتأكيد.

ثم سألته قبل أن ينفجر في وجهها: ولكن كيف عدتَ إلى المنزل في مثل هذه الظروف؟! تصوّرت أنكم في ظروف طارئة للغاية! ، أجابها في حدة عصبية: إننا كذلك يا هانم، ولكنك لا تدركين.

وخلع سرواله، وهو يكمل، وعصبيته تتضاعف: الدنيا كلها في ميدان التحرير!! لست أدري من أين يتوافدون، ولا كيف يتفقون، بعد أن أوقفنا شبكات الإنترنت والاتصالات؟! كيف؟!

أجابته في تحدّ: الثورات تشتعل منذ الأزل بدون إنترنت ولا اتصالات  ، صاح بها في لهجة آمرة: اسمعي.. لست مستعداً لمناقشة فلسفاتك العبيطة هذه الآن.. أعدّي لي وجبة سريعة، حتى أعود إلى العمل، بعد أن أستبدل ملابسي.

دسّت قدميها في حذاء مطاطي، وهي تقول في تحدّ:  ليس لديّ وقت لهذا، فأنا ذاهبة. ،بدا كوحش شرس، وهو يسألها: إلى أين؟! ، أجابته، وهي تتجه إلى الباب: ميدان التحرير.

ارتفع حاجباه في ذهول مستنكر، وصرخ فيها، وهي تفتح الباب:  فليكن في معلومك أنك لو عبرت هذا الباب، فأنت طالق  ، التفتت إليه بنظرة ساخرة، وقالت في هدوء مستفزّ: أشكرك ، وعبرت الباب، وأغلقته خلفها في عنف، تاركة إياه خلفها، وقد احتقن وجهه.. بمنتهى الشدة. "

و فى رواية «ما تبقى من بدايات بعيدة» للكاتب محسن يونس ، تقوم الفكرة الفنية للرواية على مشاركة أحد المواطنين المصريين فى أحداث ثورة 25 يناير، فى وسط الزحام بين الكر والفر سقط مغشياً عليه ربما من فرط الاجهاد وربما من فرط التزاحم التاريخى الذى تجلى عبر مسارات الرواية، حيث أخذ يونس فى رصده وكأنه يبحث عن الهوية المصرية بدأ من العصر الفرعونى ومروراً بالرومانى والقبطى ثم العربى وصولاً إلى لحظتنا الزاهية ونحن على أعتاب دولة جديدة.

و عن المجموعات القصصية التى صدرت عن ثورة يناير نعرض لكم بعضها ، نبدأها مع "   الشوارع الجانبية للميدان "  ل طارق مصطفى  مجموعة قصصية  ،  تعبِّر بالسَّهل الممتنع عن عالَم ليس بالسَّهل، غائر في عمق الأحشاء، مُعقَّد وحميم، مُتشعِّب ومحظور ودفين. يُفزعنا، في لحظة ضوء تكسر المحظورات، ويُسعدنا، في اللحظة ذاتها، بدفء الصدق وفضح التناقضات.

نشهد في القصص مواقف فارقة، بين المألوف وغير المألوف الذي يُصبح مألوفًا، وبين الظاهر والباطن الذي يُصبح ظاهرًا. نقرأ كلمةً أو كلمتين تلخِّص حدثًا مأساويًّا بإيجاز مُدهش. تذوب الهُويَّات الهشَّة السَّطحية، ذكورة وأنوثة، لتنتصر الهُويَّة الإنسانية الأرقى.
نلتقي بآباء وأمهات قهرتهم الحياة، يقهرون أنفسهم وأولادهم، وشباب وشابات يصارعون القهر لأنفسهم وغيرهم، ينتصرون أو يفشلون، لكنهم مع مسيرة الثورة يستمرون، لا ينكسرون، لا يفقدون الأمل ولا الشُّموخ ، تلك كلمات  " نوال السعداوى " فى تقديم المجموعة القصصية .

" ثورة هانم " مجموعة قصصية  لإيمان حسنى تضم‏12‏ قصة قصيرة عن يوميات المرأة المصرية في أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير‏,‏ وتأثيراتها في كل مجالات المجتمع المصري‏,‏ ومن نماذج القصص التي تضمها المجموعة هناك‏:‏ رحمة‏..‏ المنسية‏,‏ ريما وعادتها القديمة, ثورة هانم, سلبية, حلاوة روح, أبدا لن تخون, قانون الخلع والبطيخ, أمواج متمردة, النداء الأخير.
ومن علي الغلاف الخلفي نقرأ  :
 "  راح يزمجر كعادته... مش هتخرجي, علي جثتي..لو.., لم يكمل كلمته رمقته جهاد بنظرة امتزج فيها التحدي مع الإصرار في تلك اللحظة أزاحت بيديها يديه من طريقها في ثبات وقوة, وعندما نظر في عينيها أخافته نظراتها النارية المتحدية و أدرك تماما أنه لم يعد يملك إثناءها.. في الطريق إلي الميدان راحت تتردد في أذنها كلمات صلاح جاهين( أحسن درس اتعلمناه.. إن كلمة أيوه جميلة بس الأجمل كلمة لا "

و نختم بالمجموعة القصصية «باب العزيزية» للأديب محمد جبريل  ، و باب العزيزية هى منطقة تحولت إلى أيقونة للاستبداد والقهر، وهنا نجد الأبطال ييعيشون فى صوفية خالصة ، "وباب العزيزية" رمز من رموز قلاع القهر للإنسان العربى، وهذا التركيب الإلحاقى حصن منيع لا يدخله المرء حتى يصاب بالارتباك، ويظل مفروضاً عليه عند الدخول والخروج، فالباب يحول بين الحاكم والمحكومين، هذا العمل فيه خيوط متشابكة، ولكن ثمة نسيج واحد يجمعها كلها منذ البداية إلى النهاية، فكرة مجابهة الإنسان للواقع الذى يعيش فيه، رصد ورفض السلبية، وهو عمل تحريضى على تجاوز الواقع إلى الثورية وإيجاد آليات لهذا الأمر.
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق