بقلم: د. محمد جمال حشمت
مقالة اليوم أتركها لمشكلة تؤرق كثيرا من المصريين ونتعامل معها يوميا وقد نعجز عن إيجاد الحلول لكل من يعاني منها, تقول الرسالة: انطلاقا من حبنا لهذا الوطن ورغبة في رفع البلاء عن المحتاجين وايمانا منا بأننا مستخلفون في الارض لعمارتها وتصديقا لقول الله تعالي(... ومن أحياها فكأنما احيا الناس جميعا...) المائدة32. فقد فكرنا في هذه المبادرة التي تهدف الي انقاذ حياة أكثر من190 ألف طفل سنويا في مصر.
إن مشكلة الاطفال ناقصي النمو هي من أكبر التحديات التي تواجه المنظومة الصحية للدولة في مصر وقد لاحظنا ان كثيرا من المسئولين في القطاع الصحي يتشدقون بأن نسبة الاطفال التي لا تجد حضانات في مصر لا تتعدي40% من اجمالي الاطفال الذين يحتاجون للحضانات وهي نسبة قليلة من وجهة نظرهم متناسين ان طفلا واحدا يموت بسبب عدم توفر حضانة له هو منتهي الفشل.
حق الإنسان في الصحة مسلم به في الدستور المصري الجديد المواد(62-63 70) وفي العديد من الصكوك الدولية. فالفقرة1 من المادة15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تؤكد أن: لكل شخص الحق في مستوي معيشة يكفي لضمان الصحة له ولأسرته, ويشمل المأكل والملبس والمسكن والرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية.
وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية علي أشمل مادة تتعلق بالحق في الصحة في القانون الدولي لحقوق الإنسان. وبما أننا موقعوين علي هذا الاعلان فإن الدولة المصرية والمجتمع المصري ومؤسسات المجتمع المدني ملزمة قانونا بتطبيق هذا الاعلان وتنفيذه بكل الطرق المتاحة.
رحلة عذاب كبيرة يعيشها كثير من الآباء والأمهات في البحث عن حضانة, وقد تنتهي رحلتهم بوفاة المولود أو إصابته بأمراض تلازمه مدي الحياة, فكثيرا ما نسمع عن وفاة عدد من المواليد المبتسرين داخل احدي الحضانات اثر انقطاع التيار الكهربائي أو نتيجة اهمال لعدم دراية أطقم التمريض بأساسيات التعامل مع تلك الأجهزة مع ملاحظة ان نسبة كبيرة من الذين يرزقون بأطفال ناقصي النمو هم من الذين حرموا لفترات طويلة من نعمة الانجاب.. وبلغة الأرقام في إحصائية غير دقيقة يوجد في مصر190 ألف طفل يحتاجون سنويا الي حضانات ولا يوجد سوي2261 حضانة علي مستوي الجمهورية. وهذه الاعداد غير كافية.
والأرقام هي عدد الأطفال المتوفين لكل ألف مولود حي في عامي1989 و2005 وكان الرقم في مصر93 طفلا متوفي من بين كل1000 طفل حي.. و أصبح31.33 وذلك بانخفاض قدرة66%. لعل من أهم الأسباب التي تؤدي الي نقص نمو الأطفال واحتياجهم الي الحضانات, انخفاض مستوي المعيشة, بمعني انخفاض دخل الأسرة, مستوي التعليم المنخفض, الإقامة, المستوي الاجتماعي, الوظيفة.
وعمر الأمهات, أقل من16 سنة أو أكثر من35 سنة. فضلا عن نشاط الأم وحركتها كلما زاد النشاط والحركة زادت نسبة حدوث نقص النمو هذا يحدث ضمن المستوي الاجتماعي الأقل حيث الرعاية الطبية أقل وكذلك المتابعة أقل. وكذلك إصابة الأم بالأمراض الحادة والمزمنة.
إلي جانب الحمل بأكثر من توأم يحدث نقص النمو الرحمي في حوالي نصف الأطفال, وهناك أسباب خاصة بالأم مثل تشوهات بالرحم, إصابة بالرحم, تشوهات بالمشيمة وفي مكان اتصالها بالرحم, انفجار جيب الماء قبل موعده أو حدوث التهاب في السائل الأمنيوسي. وولادة طفل ناقص النمو قد يشير إلي أن الطفل القادم سيولد أيضا ناقص النمو. وأحيانا يتم إجراء الولادة اعتمادا علي حسابات خاطئة في تقدير مدة الحمل مما يتسبب في الولادة المبكرة.
إن حل هذه المشكلة في التوسع في انشاء واستكمال مراكز العلاج علي مستوي الجمهورية وقد قامت الجمعية الشرعية بتجربة رائدة في هذا المجال بإنشاء أكثر من700 حضانة مجهزة تجهيزا جيدا ويعمل بالمجان بنسبة نجاح تعدت الـ90% وبكفاءة عالية لذلك نقترح الآتي:-
1- التوسع في انشاء الحضانات بنفس مواصفات الجمعية الشرعية او أفضل حسب الامكانات المتاحة.والتعاون مع منظمات المجتمع المدني في اعادة تأهيل المستشفيات العامة واستكمال احتياجاتها.
2- التعاون مع وزارة الصحة لإعادة تأهيل المحاضن والاشراف عليها ومراقبة القائمين عليها بواسطة الجمعيات الأهلية. والتعاون مع الهيئة العربية للتصنيع لاستكمال برنامج انتاج حضانة مصرية علي كفاءة عالية وبسعر مناسب.
3- الاستفادة من امكانات الهيئة لإنتاج اجهزة الاعاشة التي تحتاجها الحضانة داخل الهيئة مما سيوفر الكثير من الأموال. واعداد الكوادر البشرية المدربة واعادة فتح مدارس التمريض بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة. واعادة تأهيل خريجي الكليات والمعاهد العليا للعمل في هذا المجال.
المقترح المقدم من المهندس المسئول يقول إن تكلفة الحضانة بالأجهزة المعاونة تتراوح بين75 ألفا و100 ألف جنيه نستطيع تصنيعها بتكلفة لا تزيد علي30% من هذه التكلفة- أي أن10 آلاف حضانة تتكلف من750 مليونا الي مليار جنيه تصرف لمرة واحدة تعيش لمدة5 سنوات ويمكن علاج نحو مليون طفل اي ان كل طفل سوف يتكلف ألف جنيه فقط. فإذا افترضنا أن الطفل الواحد يصرف في المتوسط5 آلاف جنيه, فإنه سوف يتم توفير أكثر من4 مليارات جنيه لدخل الاسر الفقيرة.
كما سوف يوفر علي الدولة مليارات الجنيهات التي يمكن أن تساعد في نهضة هذا البلد, أي أن المجتمع سوف يسترد خمسة أضعاف مبلغ الانشاء في خمس سنوات الي جانب اتاحة أكثر من ستة آلاف فرصة عمل وتقليل عدد المعاقين سنويا بنسبة تتعدي50% وإعداد كوادر وخبرات يمكن تصديرها الي الخارج وانشاء صناعة جديدة للأجهزة الطبية في مصر تكون سفيرا لنا في دول افريقيا والشرق الاوسط لدعم التعاون مع هذه الدول واعادة رسم العلاقات معها مما سوف يعود علي الاقتصاد المصري بالخير." الاهرام"
إرسال تعليق