Home » » إبراهيم غانم يكتب : مخلفات حرب !

إبراهيم غانم يكتب : مخلفات حرب !

رئيس التحرير : Unknown on الأحد، 10 نوفمبر 2013 | 5:34 ص


جلست في البلكونة أشعلت سيجارتي، أحتسي قهوتي، طعمها اليوم غريب بعض الشيء في فمي من سخطي عما رأيت بالأمس. كنت في الصغر و مازلت أسمع قول (مخلفات حرب)، رسخ في ذهني أن مخلفات الحرب هي آثار الدمار و الخراب و الركام و العتاد و المعدات التي أصابتها القذائف فترامت هنا و هناك بعشوائية في شكل فوضوي تشمئز له الأعين و الأنفس.

استجمعت شجاعتي، لملمت عزيمتي، قررت الذهاب لزيارة أخي الأكبر الذي كان ضابطاً بالجيش و أحد المشاركين في حرب العزة و الكرامة، حرب أكتوبر 1973 المجيدة و كتبت له النجاة، عاد سالماً منتصراً محرراً للأرض.

وجدته صامتاً عابث الوجه مهموماً و لما لا؟ الرجل شارك في تحرير الأرض مقدماً نفسه و روحه فداءً و تضحية لذلك، فقد الأصدقاء و الزملاء من الضباط و الجنود شهداءً أبراراً، سالت دماؤهم الذكية على البقعة الطاهرة من أرض الوطن ليأتي معتوه يفرط فيها بمنتهى السهولة و يجعل منها وكراً و مرتعاً للمجرمين و الأشقياء و المرتزقة و الغوغاء و الدهماء، و بسبب ذلك تسيل الآن على ذات الأرض دماء أبناؤه الذكية ممن حملوا لواء المسئولية بعده في معركة تحرير لا تقل أهمية عن معركة التحرير الأولى التي خاضها منذ أربعون عام مضت. يطالع في الصحف أن هذا المعتوه الذي يدعي أنه الرئيس الشرعي يطلب البط و الأوز و الأسماك في محبسه و كأنه يستجم في منتجع أو رحلة ترفيهية غير مبالي بما فعل؟

تركت أخي في همه، لم أستطيع أن أفعل له شيئاً فأنا الآخر مهموم بعد وكسة 25 يناير و فاقد الشيء لا يعطيه. قمت عائداً لمنزلي أجر أذيال الخيبة، و رأيت بعين رأسي أثناء رجلة العودة مخلفات الجيل الرابع من الحروب. الجيل الرابع من الحروب الذي شارك فيه كل من جماعات الإرهاب و الإجرام، جماعة إبليس، النشطاء، النكسجية، الحقوقيين، النخباويين، و نصابين حقوق الإنسان خلفوا وراءهم الانفلات الخلقي للعامة في الشارع. الشارع غير مزدحم لكنك تجد قائدي السيارات و المركبات يترنحون يميناً و شمالاً بسيارتهم، سيارات النقل تسد الطريق، المارة في نهر الطريق، الباعة الجائلين بفترشون الطريق، سائقي الميكروباص يوقفون سيارتهم بعرض الطريق، هناك ممر ضيق يسمح بمرور سيارة واحدة فقط، خلفها أساطبل السيارات تنتظر العبور وسط هذا المولد الذي غاب صاحبه. ما هذا؟

إنها مخلفات الجيل الرابع من الحروب. أسعدني الحظ السيء و رأيت مخلفات الحرب التي كنت أسمع عنها لكن في ثوبها الجديد. رأيت الفساد الخلقي، عدم المبالاة، عدم الأدب الذي تحلى به رجل الشارع الذي كان يتسم بالشهامة و المرؤة في سابق عهده القريب قبل وكسة 25 يناير.

تمردت على نفسي و صرخت بداخلي و حدثت نفسي قائلاً يجب أن يحاكم هذا المعتوه و كل من تسبب في هذا الخراب، علينا أن نتركه دون طعام كنوع من التعذيب، علينا أن نأتي له بالطيور التي طلبها حية لتنقر في رأسه و تنخر كل جسده، و كل من يتحدث عن حقوق الإنسان فليجلس بجواره ينال مثل ما ينال هذا المعتوه. لو كنت أستطيع لذهبت و أخرجت القصبه الهوائية بيدي من رقبة هذا المخرب الذي مات بداخله أدنى مشاعر الوطنية و الحس الإنساني ليفعل ذلك بشعب عريق صاحب أقدم حضارة عرفها التاريخ.

نهاية المشهد جاءت زوجتي و قالت: بتتهبب بتفكر في أيه تاني؟ قلت لها: شوفتي مخلفات الحرب قبل كده؟ تنهدت بعمق و أتبعت التنهيدة بآآآآآآه... و قالت بأنين: أيوة، و عايشة فيها و معاها سنين. سألتها متعجباً: عايشة معاها فين؟! قالت لي: قوم بص في المرايا و أنت تشوفها يا نني عيني!

في البلكونة إبراهيم غانم...
إنشر هذا الخبر :

إرسال تعليق